ماذا يعلّمنا كاتب السيرة الذاتية؟

بكتابة مذكراته أقصر طريق لإشباع ذاته بهذا المجال.

إلا أن ما يؤسف له حقاً أن معظم مشاهير العالم لم يكتبوا سيرتهم الذاتية خصوصاً إذا علمنا أن كتابة السيرة هو منهج جديد ظهر بقوة في القرن العشرين بعد أن كان مقتصراً إبان القرن التاسع وما قبله على الرحالة وغيرهم ومن الثابت أيضاً بهذا المجال الإشارة إلى أن العديد من الكتب التي ظهرت إلى الوجود عن السيرة كان قد دونها كتاب آخرون ولعل أصعب كتابات السيرة هي تلك التي جوزف بتوثيقها من قبل من لم يلتقي أصلاً مع الشخص المكتوب عنه بسبب موت ذو السيرة المعني. أي أن جمع المعلومات عن المتوفي بشكل محيط كانت النبراس لاستكمال ظهور سيرة لمتوف ما وذلك ضمن عملية إبداع كتابة السيرة للآخرين وهو نوع متداول في الوسطين الفكري والثقافي..

فمن كتب عن سيرة النبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) علمنا كيف يكون النبراس النبوي الشريف ومن كتب عن سيرة بعض عظماء العالم وضعنا أمام صورة ملحمية أوضح فيها كيف يكون العظماء عنيدين في سبيل تحقيق الشهرة لأنفسهم والخير لمجتمعاتهم بحيث بقيت أسماء خالدة لبعض العلماء في نفوس مجتمعاتهم ولذا يلاحظ وببداهة منقطعة النظير أن لكل شخص سيرة ولكن ليست أي سيرة (وكيفما أتفق) تصلح للتدوين كي يستفيد منها الآخرون.

فالسيرة الحسنة هي دوماً مرشحة أن تكون قدوة كي يستفاد منها (جزئياً أو كلياً) في مجال حياتي معين أو أكثر.

إن اعتماد كتابة السيرة قد تزيد الانتباه إلى شخص ما لم يكن اسمه تحت الأضواء ولكن بمجرد ظهور اسمه على مستوى إعلامي معين كـ(كاتب سيرة) كأن تظهر عدة انتقادات في الصحف تقيّم إيجابيات السيرة من صفات حياة كاتب السيرة وتستخلص منها العبر.

ولعل أهم ما يعلمه كاتب السيرة الصادق في أمانة سروره الموافقة في الحياة هو أن يعلّم الآخرين كيف تكون المواجهة وكيف يكون الحوار وكيف يكون الصبر إذ غالباً ما تحفز سطور السيرة قارئيها وكأنهم جزء مما يقرؤه عن غيرهم.

وقلائل هم الذين تؤثر سيرتهم بالآخرين ممن يطلعون عليه بشكل دقيق لما تكون السيرة معبرة عن الاتجاه الواقعي ليوميات صاحب السيرة سواء كان مشهوراً أم شبه مغمور.

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 21/ تموز/2005 - 13/ جمادى الأولى/1426