لندن: حزن أممي وعراقيون يلقون اللوم على البريطانيين والإيرانيون يرونها مؤامرة

كتبت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية عنوانا يوم الاثنين يقول "قصفنا يعني قصف العالم بأسره" وتحته أوردت الصحيفة قائمة بالمفقودين من مختلف أرجاء العالم تظهر المدى الذي بلغته تفجيرات الاسبوع الماضي في لندن.

وكان من بينهم نادل من فرنسا ومسؤول نفطي من نيجيريا ومحاسب من موريشيوس ومرشد سياحي من الولايات المتحدة وفني في مجال طب الاسنان من رومانيا واسرائيلية.

كانوا جميعا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ في لندن التي استهدفت يوم الخميس الماضي بتفجيرات في قطارات مترو الانفاق وحافلة أسفرت عن مقتل 49 شخصا على الاقل.

وتعتبر لندن مثل نيويورك واحدة من أكثر مدن العالم من حيث التنوع الثقافي. فهي بوتقة انصهار تستخدم فيها أكثر من 300 لغة.

ولا شيء يصدم الناس أكثر من نشر صور المفقودين. فهي تظهر على ملصقات ثبتت على اسيجة في مواقع التفجيرات التي تحولت بشكل مرتجل الى اضرحة مزينة بالزهور.

وكتب على علم بريطاني خارج محطة كينجز كروس التي شهدت أسوأ تفجير "مسيحيون مسلمون يهود هندوس سيخ بوذيون... نحن جميعا لندنيون."

وعرضت الصحف ومواقع على الانترنت قوائم حزينة تضم المفقودين وصورا قدمتها على عجل أسر الضحايا.

وقال تريفور فيليبس رئيس لجنة المساواة العرقية "طبيعة لندن ذاتها تعني ان هذه كانت مأساة شملت اعراقا وطوائف وأجناسا مختلفة."

وكتب فيليبس في صحيفة ديلي ميل يقول "هذا الهجوم كان من شأنه اسقاط ضحايا من مختلف الجاليات التي تسكن المدينة."

لكنه وسط كل هذا الحزن تمكن من توجيه رسالة أمل.

فقال "تمكن الخليط العرقي من الاطباء والممرضين وسائقي سيارات الاسعاف ورجال الاطفاء وحتى رجال الشرطة من دحض أفكار أولئك الذين يعتقدون أن اناسا تختلف الوانهم وتقاليدهم ومعتقداتهم لا يمكنهم ان يتعاونوا."

وكانت لندن في حالة احتفال صباح يوم التفجيرات.

فقد فازت المدينة التي تكرس فكرة انها مدينة تجمع العالم بأسره بأكبر مكسب رياضي عندما وقع عليها الاختيار لاستضافة دورة الالعاب الاولمبية عام 2012 .

وقبل مرور أقل من 24 ساعة على ذلك تحولت لندن الى حالة من الحزن الشديد وساد الحزن بين العديد من المكلومين في مختلف أرجاء العالم.

ولهذا السبب لم يتمكن كين ليفينجستون رئيس بلدية لندن من كتم غضبه عندما قال عن التفجيرات "انها ليست عملا ارهابيا ضد الاقوياء والجبارين... فقد استهدف سكان لندن العاديين السود والبيض والمسلمين والمسيحيين والهندوس واليهود والصغار والكبار."

هذا واستنكر عدد من العراقيين في العاصمة بغداد التي شهدت يوم الاحد يوما دمويا جديدا التفجيرات التي شهدتها لندن يوم الخميس الماضي لكنهم ان قالوا السياسة الامريكية والبريطانية هي التي تتحمل اللوم في ذلك.

وقال موؤل احمد (38 عاما) الذي يمتلك مكتبا لبيع أجهزة الكمبيوتر "رغم انني لا أبررها (الهجمات) أبدا الا انني أعتقد انها ردة فعل تجاه السياسات الخاطئة التي تمارسها الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما تجاه دولنا في العالم الثالث والدول الصغيرة الاخرى."

واضاف احمد "اتمنى من الدول الكبيرة ان تعيد حساباتها وان تؤمن بان سياسة القوة لا يمكن ان تفضي الا الى القوة.. والعنف لا يولد إلا العنف.. وان الحل السياسي هو الطريق الصحيح لحل كل المشاكل مع كل الاطراف."

لكن الناس في شوارع بغداد حثوا الولايات المتحدة وبريطانيا اللذين قاما معا بغزو العراق قبل نحو سنتين على النظر في أسباب العنف.

وقال سلمان القدسي الذي يمتلك متجرا ان "من يتحمل المسؤولية لماحدث للشعب البريطاني يوم الخميس الماضي هي الحكومة البريطانية."

واضاف "أفعال الحكومة البريطانية وحلفها مع امريكا.. هو الذي ادى الى هذه النتيجة. انا ادين الارهاب بكل اشكاله وماتعرض اليه الشعب الانجليزي كان ارهابا."

واستطرد قائلا "لكن السؤال هو من بدأ بالارهاب ومن شجع عليه؟."

واعتاد العراقيون الى حد بعيد على هذا النوع من المعاناة التي اصابت البريطانيين يوم الخميس عندما ضربت قنابل يشتبه انها من اعداد تنظيم القاعدة شبكة النقل في لندن وقتلت 50 شخصا على الاقل.

ويلقي كثير من العراقيين بمن فيهم من سعدوا بالتخلص من الرئيس صدام حسين باللوم في العنف على الولايات المتحدة فيما يضمر البعض شكوكا في ان عدم الاستقرار والاقتتال الطائفي المحتمل في العراق هما في الحقيقة هدفان لسياسية واشنطن وحلفائها.

ويتهم هؤلاء الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير بانهما حولا بلدهم الى مأوى للمتشددين من امثال ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق.

لكن استاذا جامعيا وجه الاتهام الى جهة أخرى وقال "انا أرفض أي عملية تستهدف المدنيين وتقتلهم... ان مايجري في العالم الان هي مخططات ماسونية الهدف (منها) إيقاف الزحف الاسلامي والمد الاسلامي" معتبرا ان ذلك يتم عن طريق عملائهم من أمثال اسامة بن لادن والزرقاوي الذين قال انهم يزعمون أنهم يتحدثون باسم الاسلام.

ولم يغفر كثير من العراقيين للولايات المتحدة وبريطانيا دفعهما الامم المتحدة للابقاء على العقوبات على العراق لمدة 12 عاما ويقول البعض ان تفجيرات لندن كانت برهانا على ان العقوبات الاقتصادية الصارمة والحرب التي أعقبتها قد ارتدت على الذين فرضوها.

وقال القدسي "اليس الضغط على الدول اقتصاديا وفرض العقوبات عليها باسم القانون وباسم المنظمة العالمية ارهابا."

واضاف "هم المسؤولون عن كل هذا وهم من يجب ان يتحمل النتائج.. كان عليهم ان يحسبوها بدقة قبل ان يقوموا بغزو الدول واحتلالها..."

من جهتها ادعت وسائل الاعلام الايرانية ان التفجيرات التي تعرضت لها العاصمة البريطانية لندن يوم الخميس المنصرم خطط لها الغرب لتبرير مهاجمة الاسلام تحت ستار محاربة الارهاب.

وتعتبر هذه اول مرة تعلق الصحافة الايرانية فيها على التفجيرات، حيث كانت الصحف محتجبة بسبب عطلة رسمية طويلة.

وكان مسؤولون ايرانيون قد عبروا عن صدمتهم وتعاطفهم مع الضحايا اول الامر.

ولكن مع مرور الوقت، اتخذت الصحف الايرانية بشكل غير متوقع موقفا متشددا تجاه الهجمات.

فصحيفة كيهان قالت إن بريطانيا والولايات المتحدة تعمدتا اشاعة جو من الرعب والقلق في لندن من اجل اقناع قادة الدول الثماني الغنية (الذين كانوا مجتمعين في اسكتلندا ساعة وقوع التفجيرات) بالمصادقة على مواقفهما العدوانية كاحتلال العراق.

ووصفت افتتاحية كيهان الرئيس الامريكي جورج بوش بالغبي، وقالت إن ثنائي بوش وبلير يشكل ثنائيا هزليا ناجحا.

من جانبها، كتبت صحيفة جمهوري اسلامي إن هدف التفجيرات اعطاء الغرب مبررا لمهاجمة الاسلام تحت ستار محاربة الارهاب.

وقالت الصحيفة إن هدفا آخر لهذه الخطة هو احراج مسلمي اوروبا وخلق المتاعب لهم.

اما صحيفة "ايران نيوز" الاكثر اعتدالا، فقد قالت إن اسامة بن لادن يحظى بالدعم (من جانب الكثير من المسلمين) لأن كثير من المسلمين يشعرون بأن دينهم وثقافتهم وحضارتهم تتعرض للاهانة على يد السياسات الغربية في الشرق الاوسط.

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 12/ تموز/2005 - 4/ جمادى الأولى/1426