حاخامات إسرائيليون يشاركون في مؤتمر حوار الأديان بالدوحة.. جدال إسلامي مسيحي حول التنصير

شارك حاخامات للمرة الاولى يوم الاربعاء في مؤتمر سنوي تستضيفه الدوحة لتعزيز الحوار بين الاديان لكن بعضا من رجال الدين الاسلامي قاطعوا المؤتمر بعد توجيه دعوات الى يهود اسرائيليين.

وتشارك 86 شخصية من الاديان السماوية في الدورة الثالثة لمؤتمر حوار الاديان الذي تنظمه الخارجية القطرية بالتعاون مع جامعة قطر واتي تشهد لاول مرة مشاركة 8 حاخامات من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية في حين غاب عنها حاخامات من اسرائيل تمت دعوتهم.

واقترح أمير قطر الشيح حمد بن خليفة ال ثاني العام الماضي توسيع المؤتمر الذي كان الغرض منه تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين ليضم ممثلين عن الديانة اليهودية لكن الاسرائيليين رفضوا تلك الدعوات.

وقال منظمون ان شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي والشيخ يوسف القرضاوي قاطعا المؤتمر بعد توجيه الدعوة لرجال دين اسرائيليين.

وقالت رئيسة اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتورة عائشة المناعي "أرسلنا ثلاث دعوات الى اسرائيل لكن لم يقبل أي شخص الحضور." وأضافت انه لم يتضح بعد سبب رفضهم الحضور.

وقال مسؤول من مكتب القرضاوي المقيم في الدوحة انه لن يتمكن من الحضور لارتباطه بمؤتمر في تركيا. واضاف "هناك مشكلة تتعلق بتعارض توقيت المؤتمرين."

وشاركت خمسة وفود يهودية في المؤتمر يوم الاربعاء منها أربعة من الولايات المتحدة. أما الوفد الخامس فكان برئاسة برنار كانوفيتش ممثل مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا. والقى كانوفيتش كلمة امام المؤتمر.

وقال منظمون ان الحاخامين الاخرين سيلقون كلمات خلال المؤتمر الذي يستمر يومين.

وفي كلمته أمام الوفود المشاركة قال الشيح حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر ان الهدف من هذا الحوار كان دوما تعميق معرفة كل طرف بالطرف الاخر ودفعهما لاقامة علاقات على اساس الاحترام المتبادل.

وشارك في المؤتمر خلال العامين الاخيرين ممثلون عن الفاتيكان.

ولا تقيم الدوحة علاقات مع اسرائيل لكنها أغضبت الدول العربية الاخرى باحتفاظها بعلاقات على مستوى منخفض مع الدولة اليهودية.

ويركز المؤتمر ايضا على قضايا الحرية الدينية وحقوق الانسان والتحديات التي تواجه الاسرة.

واحتدم الجدل في جلسات مؤتمر حوار الاديان الذي يطوي الخميس يومه الثاني والاخير في الدوحة بين تبادل الاتهام بالسعي الى الهيمنة الدينية والدعوة الى ممارسة النقد الذاتي والتسامح وقبول الاخر.

واتهم احد المتكلمين الرئيسيين في جلسة مساء الاربعاء وهو عبد المجيد الصغير الاكاديمي في جامعة الرباط العالم المسيحي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بشن "حملة تنصير واحتلال" على العالم الاسلامي ما اثار ردود فعل مستنكرة خاصة من قبل ممثلي الطوائف المسيحية في المؤتمر.

وقال الصغير في مداخلته ان الولايات المتحدة اصبحت خاصة منذ احتضانها "مؤتمر كولورادو التنصيري الخطير سنة 1987 (..) نموذجا للتحالف بين سياسة القطب الواحد وبين نوع من التدين الشعبي والرسمي لم يشهد التاريخ له مثيلا في التعصب وفي التخطيط لسحق المخالف".

واضاف "ان الجميع تقريبا بمن فيهم رؤساء الدول والمفكرون ورؤساء كبرى الكنائس مختلفة المذاهب منخرط في تكريس ايديولوجية علنية واحدة مفادها ضرورة دعم اسرائيل واحتلالها القدس واعادة اقامة الهيكل على انقاض المسجد الاقصى باعتبار هذا الثالوث +ميثاقا عقديا مسيحيا+ اصيلا واستراتيجة ضرورية تمهيدا لنهاية التاريخ واستعجالا لعودة المسيح".

واعتبر الصغير ان "من المفروض ان تندد الاوساط الكنسية الرسمية بهذا التوجه الديني بامريكا تماما كما تندد الاوساط الاسلامية بمختلف الحركات الارهابية التي تنسب نفسها الى الاسلام".

واستنكر المطران جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الارثوذكس ما قال انه "تشويه للصورة الدينية في الولايات المتحدة والغرب".

ومع اقراره بان "هناك تاثير صهيوني ولا نقول يهودي على سياسات بعض حكام الغرب" الا انه شدد على انه "لا تخلو مؤسسة او ديانة من مندسين يشوهون حقائق" الدين الداعية الى المحبة والتسامح والسلام.

واكد "نحن غير مرتاحين لسياسة الولايات المتحدة في القدس والعراق وغيرها ولكن ينبغي ان يكون واضحا ان (الرئيس الامريكي جورج) بوش لا يمثل المسيحيين".

وتساءل من جانبه منتقدا الجانب الاسلامي "لماذا نسمح بذهاب الدعاة المسلمين الى بلاد غير اسلامية ولا نقبل بمجىء مبشرين مسيحيين الى البلاد الاسلامية" داعيا الى "التغلب على حالة عدم الثقة المتبادلة".

من جانبه قال عبد الرحمن عباد الناطق باسم هيئة العلماء والدعاة في فلسطين "الحوار (مع اليهود) ليس حديثا وقد جربناه في فلسطين المحتلة منذ 23 عاما ونحن نرى ان الذين يحاورونك الان يحملون السلاح غدا عندما يستدعون" الى الجيش.

واعتبر "ان القاعدة الاولى للحوار هي المصارحة وبعد ذلك نأتي الى المصالحة بعد ان يعرف كل منا ما عند الاخر ويأخذ حقوقه ثم بعد ذلك نأتي الى المصافحة" ملاحظا ان السياسيين قلبوا المعادلة.

غير ان المازري الحداد وهو اول عربي مسلم يعترف به في فرنسا كاستاذ في علم اللاهوت المسيحي اكد ان "الجهل يكمن وراء عدم التسامح" مبينا ان "الحوار بين الاديان لن يكون ممكنا دون تسامح وشرط التسامح معرفة الاخر كما هو".

وشدد على ان "التسامح لا يعني قبول الاخر بل الاعتراف به كانسان مساو لك" بالرغم من الاختلاف معه.

واضاف "لنكن صريحين يجب على المفكرين والمثقفين المسلمين ان يبذلوا جهدا والسعي الى فهم اليهودية والمسيحية كما فعل ممثلو هذه الديانات ازاء الاسلام من خلال الاستشراق" ايا كانت الملاحظات على بعض المستشرقين.

وفي السياق ذاته اعتبر الاب موريس بورمانس الاستاذ في المعهد البابوي للدراسات العربية والاسلامية في روما ان "كل الكتب الدينية تدعو المؤمنين الى تجنب النفاق" غير انه "علينا القيام بالنقد الذاتي ويتعين علينا جميعا القيام بجهد دائم" للتغلب على اللغة المزدوجة.

واضاف ان "الجهل يؤدي الى الخوف والخوف يؤدي الى الصراع" مستشهدا في هذا السياق بمقال للمفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد اكد فيه ان "صراع الحضارات ليس في الواقع الا صراع جهالات" داعيا في الان نفسه الى "اعادة النظر احيانا في النصوص الاساسية الدينية لانها استخدمت في زمانها عبارات قد تفهم اليوم بشكل مغاير".

وكان امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني دعا في افتتاح المؤتمر الاربعاء الى القيام ب "مراجعة نقدية للتاريخ العربي الاسلامي على اساس انه تسلسل منطقي وطبيعي لعمليات تحول سياسية واجتماعية تفضي الى تداعيات متوقعة وطبيعية وليس تفسير الظاهرة الاسلامية الحديثة على انها مجرد رد فعل محافظ ورجعي ضد التغيير والتحديث".

ويهدف المؤتمر الى البحث والنقاش فيما يعمق القواسم والقيم المشتركة بين الاديان السماوية وسيركز عبر ست جلسات عمل مفتوحة على ابراز فاعلية الاديان ومشاركتها من اجل تأسيس وبناء الحضارة الانسانية وتجسيد موقف الاديان من الانسان وضمان كرامته وحريته وحقوقه وابراز القيم الدينية المشتركة التى تسهم فى بناء الحضارة وترسيخها وتنميتها وازدهارها كاحترام الاديان للعقل الانسانى وواقعية الاديان فى مواجهة الخرافات والاساطير والانفتاح والتواصل والتعاون الانسانى .

وتتجه مناقشات المؤتمر الى المسؤولية الدينية تجاه الاسرة باعتبارها الوحدة الانسانية الاولى المقدسة فى الاديان وكذلك تجاه البيئة والموارد الطبيعية بالاضافة الى تكريس قيم العدالة والمساواة والسلام والعلاقات الدولية والحوار والاحترام المتبادل والضوابط الاخلاقية للبحث العلمى .

كما سيناقش المؤتمر التفاعل بين الحضارات فى ظل القيم المشتركة .

شبكة النبأ المعلوماتية -الجمعة  1/ تموز/2005 - 24/ جمادى الأولى/1426