[newsday.htm] 
 
 
 

 

مطالب سنة العراق ومشروع امريكا لدمقرطة الشرق الاوسط

اسعد راشد

هل سنة العراق يتحركون بمفردهم في التشدد في مطالبهم للمشاركة في العملية السياسة ‘ أم هناك اطراف اقليمية لها اجندة خاصة لها صلة بمخاوفها من ان ينالها مشروع التغيير الديمقراطي في العراق ضمن التوجه الامريكي لللاصلاح في الشرق الاوسط الكبير هي التي تدفعهم لرفع مطالبهم التعجزية ؟

وهل يمكن الثقة ببعض سنة العراق في مواقفهم تجاه الديقراطية والتعددية السياسية وهي مواقف في حقيقتها تعكس جانبا من التفكير السياسي السني الذي ما ينفك وان يرى ان العراق علاوة على انه "مملكة" خاصة بالسنة فانه جزء من "الامة العربية" كما جاء في البيان الاخير لمؤتمر السنة في بغداد ؟!

وهل من جدوى في فتح حوار مع الارهابيين ومكافئتهم على ما يقومون به من جرائم ليست لها علاقة في كل الاعراف الدولية والحقوقية سماوية وارضية بـمفردة "المقاومة" كما يجري الحديث خلف الكواليس وهو امر بلاشك لم يقبله في السابق ضحايا النازية الهتلرية لانفسهم كما لن تقبله ايضا الولايات المتحدة لنفسها بمكافئة من يقفون خلف احداث 11 سبتمبر فكيف يمكن لضحايا المقابر الجماعية في النظام السابق والارهاب خلال السنتين الماضيتين ان يقبلوا بدورهم مكافئة الارهابيين والقتلة ومن يدعون اليوم تمثيل السنة العرب ومنحهم امتيازات في العراق الجديد؟!..

ولو سلمنا بفرضية وجود اجندة عربية تقف خلف التشدد السني والارهاب المتصاعد في العراق ‘فهل من مصلحة الدول العربية ان تستمر حتى النهاية في دعمها لسنة العراق خاصة ان ما يجري في العراق من عمليات القتل والذبح والتفجير والتفخيخ يعتبر في نظر الكثير من المراقبين هي نسخة متكررة من نموذج افغان العرب في شكله الاكثر عنفية وخطورة وشراسة لا يضاهيه اي عنف اخر جرى في الدول التي عاد اليها ما اطلق عليهم افغان العرب كالجزائر ومصر والسعودية وحتى الكويت؟

القراءة السريعة للاحداث التي تجري في العراق والخطة التي يتبعها بعض الجماعات من خلال التصيعد في الوضع الامني من جهة والعمل للظهور بانهم يسعون للمشاركة في العملية السياسية تقول ان السنة لا يملكون هدفا واضحا على المدى البعيد بالنسبة للعراق وان هناك ثمة اجندة اقليمية واخرى دولية اختلطت مع اجندتهم جعلتهم في تخبط من امرهم رغم حرصهم على ان تبقى لهم اجندة خاصة الا ان التأثير الاقليمي وخاصة الدول العربية ليست بالضرورة رسمية واضحة على نهجهم ومسلكياتهم في التعاطي مع المشهد العراقي ..

تقارير تتحدث بوجود اتصال وحوار بين اطراف تدعي انها تمثل الجماعات الارهابية المسلحة والتي في اغلبها كما تفيد معلومات الاستخبارات العسكرية هي بعثية ولها قيادة واحدة تدثرت برداء الدين والشعارات "الاصولية " وهي تستخدم تكتيكيا مفردات طائفية لاثارة مخاوف السنة العرب وفي نفس الوقت للحصول على دعم الانظمة السنية في المنطقة وبين الولايات المتحدة الامريكية ‘ تقوم بالوساطة في هذا الامر عدة دول خليجية مثل السعودية والامارات وكذلك العاصمة القطرية من اجل اعطاء دور اكبر لـ"السنة العرب"! في السلطة يضمن وقف "العمليات المسلحة" الارهابية والانخراط بشكل كبير في العملية السياسية ‘ وقد اشارت تصريحات سابقة لرموز "الهيئات السنية" الى امر لم يكن بجديد الا انها جاءت في صياغة جديدة وفي ظل التحولات الجديدة التي يشهدها العراق والمنطقة باتجاه الديمقراطية وتحقيق الاصلاح في الانظمة السياسية العربية التي تعتبر في نظر الكثيرين وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وعدد كبير من الباحثين الاكاديميين بانها تصنع الارهاب وحاضنة له ‘ حيث اشارت تلك التصريحات والتي صدرت من الوقف السني "الدليمي" بقوله ان "السنة العرب" هم الذين يحافظون على مصالح امريكا في العراق في محاولة لكسب الموقف الامريكي، ودعى امريكا الى فتح حوار معه واقام اتصالات مع الاسرائليين من اجل

ابقاءه في السلطة مقابل حماية المصالح الامريكية وتطبيع العلاقات مع اسرائيل. وكأن ذلك التاريخ يعيد نفسه اليوم من خلال توجه "هيئة العلماء" نحو فتح قنوات اتصال مع الاسرائيليين عبر الوسيط القطري وهذا ما اكدته احدى ابرز الصحف الاسرائيلية وهي "يديعوت احرانوت" فيما افادت تقارير اخرى ان مثنى حارث الضاري قام بزيارة الى اسرائيل اخيرا عبر قبرص لتكملة ما بدأه في الدوحة بهدف التوسل لامريكا من خلال الوسيط الاسرائيلي لاعطاء دور سياسي اكبر لـ(السنة العرب)! مقابل حصول اسرائيل وامريكا على امتيازات في العراق ومنح الطرفين مايريدانه مقابل اعادة السلطة لـسنّة العراق .. وبغض النظر عن مدى نجاح المفاوضات التي اجرها الضاري في اسرائيل وبغض لنظر ايضا عن ما ستتمخض عنه الا ان الاحداث التي تجري على الساحة العراقية والتصعيد المتعمد في عمليات القتل والارهاب العشوائية التي تستهدف الابرياء والاصرار السني على تحقيق مآربه باي ثمن كان يثير اكثر من تساؤل حول نوايا السنة تجاه العملية السياسية وتجاه الديمقراطية وبالتالي مدى "المصداقية" التي يمكن ان تحظى بها لدي امريكا خاصة وان الطرف الامريكي الذي اكتوى بنار الارهاب على اراضيه في كارثة 11 سبتمبر‘ والتي كانت تقف خلفها الجماعات السلفية التي ذاتها اليوم تتعامل معها الاطراف السنية في العراق ضمن تحالف استراتيجي "بعثسلفي" وهي ذاتها التي اليوم تقوم باشرس العمليات الارهابية وذبح العراقيين ‘ يقوم بمحاورة الجماعات الارهابية المسلحة بهدف ادخالهم في العملية السياسية رغم ان خلفيات تلك الجماعات الارهابية السياسية وتفكيرها السياسي البعثي او السلفي لا يمكن ان ينسجم مع المشروع الديمقراطي الامريكي للشرق الاوسط ويقف بالضد مع الحالة العراقية الجديدة التعددية ومن المستحيلات تحقيق اي تقدم على صعيد محاربة الارهاب ونشر الامن والاصلاح في ظل الواقع القهري الذي يراد فرضه من قبل الارهاب ..

هناك كثيرون من يشككون في نجاح المشروع الامريكي للاصلاح في المنطقة في حال فشل نموذجه في العراق ‘ والواضح ان الطرف السني الذي يرفض الواقع الجديد في العراق من خلال التماهي مع جماعات القتل والارهاب ورفضه اي استحقاق انتخابي تفرزه العملية السياسية والانتخابية يمثل احد ابرز عقبات "دمقرطة الشرق الاوسط" ‘ فبعض سنّة العراق لايهمهم نجاح العملية السياسية في العراق ولا مشروع الاصلاح والديمقراطية في العراق بقدر ما يهمهم ان تعاد لهم السلطة والامتيازات التي كانوا قد استحوذوا عليها بغير حق لذلك تقدموا بمطالب للمشاركة في كتابة الدستور ـ وليس العملية السياسية ـ تمثل ابتزازا للاغلبية العراقية كون انها تعطيهم اكبر من حجمهم وتنسف في ذات الوقت "الاستحقاقات الانتخابية" لاطراف اخرى شيعية وكردية تلك الاستحقاقات التي ستؤسس في حال نجاحها لبناء عراق ديمقراطي يكون نموذجا اما مطالب "سنّة العرب فهي تشكل نقيضا لذلك وتمهد للعودة بالعراق الى عهد الاستبداد ولكن هذه المرة يشاركه الارهاب بكل الوانه وانتماءاته..

فهل الطرف الامريكي يدرك التوجه السني ويدرك الخطوة التي يراد توريطه فيها من خلال محارة العصابات الارهابية المسلحة التي تشكل خليطا من البعثيين وازلام النظام السابق وعناصر من تنظيم القاعدة والسلفيين العرب تحت يافطة "العرب السنة" وهذا ما اثبتته لائحة اسماء التي تقوموا بها للمشاركة في كتابة الدستور تصدرها اسم المجرم القاتل قاضي صدام منذر الشاوي وهو ـ الطرف الامريكي ـ الذي يعلم جيدا تداعيات مثل تلك الخطوة التي قد تنعكس سلبا على الوضع العراقي الداخلي وتدخل العراق في نفق اخر من اعمال العنف وعدم الاستقرار لتمتد الى مناطق كانت هادئة في السابق تجد نفسها اليوم مضطرة ومن اجل ان لا تعود بها عجلة الزمن الى الوراء للدفاع عن حقوقها ؟! ..

المؤشرات تقول فبرغم وجود ضغوطات عربية باتجاه اعطاء دور لسنة العراق اكبر من حجمهم ورغم التكتيك الجديد الذي بدأ يتبعه البعثيون وازلام صدام والارهابيون العرب تحت اسم "السنة العرب" في التوجه لفتح قنوات حوار مباشرة مع واشنطن الا ان الامريكيين ومن خلال تعاطيهم مع المشهد العراقي بشكل مباشر وعبر قنواتهم المختلفة توصلوا الى نتيجة ان لا مكافئة للارهاب تلك المكافئة التي لو حصلت فان الارهاب سوف يتقدم خطوة اخرى الى الامام ليجد ان في عمليات القتل والتفخيخ ما يحقق له مكاسب ويجلب له الانجازات اكثر من اي وسيلة اخرى .

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 13/ حزيران/2005 - 6/ جمادى الأولى/1426