[newsday.htm] 
 
 
 

 

السينما العراقية ستتجاوز قرونا من الظلم بالبحث عن التسامح والعدالة

 

رغم اعتراف مخرج عراقي بأن السينما في بلده لاتزال في مرحلة التجريب وأنها جريحة مثل العراق نفسه وتمر بولادة عسيرة نتيجة أحداث ماضية وحاضرة فانه يثق بأن مواطنيه المخرجين "مصممون" على تقديم شكل متميز جديد لافلام قال انها ستتجاوز قرونا من ظلم وظلام عانته بلاده.

وقال باز البازي ان السينما العراقية الجديدة ينهض بها الان فنانون في الداخل والخارج وتتجسد ارهاصاتها في انتاج وثائقي متنوع ومحاولات للفيلم الروائي تجد طريقها الى المهرجانات الدولية "نحن في بداية الطريق ومصممون على الارتقاء بنموذج سينمائي مختلف ومتميز عن السينما التي تعودنا عليها ايرانية كانت أم عربية."

وشدد البازي المقيم بكندا في مقابلة مع رويترز على هامش مهرجان الفيلم العربي بروتردام بهولندا على أنه مع "المدافعين عن وحدة العراق بكل طوائفه وأرضه من شماله الى جنوبه. نهج القتل والذبح المسلط على الانسان العراقي الفقير اجرام بحق القيم الانسانية والديانات السماوية. أريد عراقا حرا ديمقراطيا تتعايش فيه كل ألوانه الطائفية في عدالة وسلام."

وأضاف أنه "من دون تعايش طائفي واجتماعي في العراق سيكون هناك تمزق في الكيان العربي العام وسيغرق الجميع في دماء لن تستطيع أي قوة ايقافها وسينتشر سرطانها في أرجاء المنطقة. الكل سيغرق في طوفان ثان كما كانت ولادة الطوفان الاول في العراق. العراقي اليوم بحاجة الى التسامح والعدالة والمساواة لينهض ويعالج نفسه ويشفى ليبني مستقبله."

ووصف التشكيلة الاجتماعية في بلاده بأنها معقدة "متباعدة كليا عن بعضها البعض وتحمل رواسب قديمة تمتد الى مئات السنين وسيكون صعبا على العراقي اليوم أن يتجاوزها في فترة قصيرة. ليس من السهل على العراقي الخروج من ظلام دام مئات السنين بالشكل الذي يتصوره البعض.

"المهمة صعبة ومعقدة للغاية كما حدث أيام العهد البائد (عهد صدام) وأيام الاحتلالين الانجليزي والعثماني. وتزداد اليوم صعوبة هذه المهمة في ظل مصالح أخطبوطية يتهافت عليها العالم كله في بداية هذا القرن. الاتفاق سيكون له ثمنه الباهظ وضحيته هو الانسان العراقي فلا أحد يريد التنازل ولو عن جزء بسيط من مصالحه ليعم الخير في بلد ما بين النهرين منبع الاديان والعلوم."

وقال البازي ان السينما العراقية في الداخل مثل العراق نفسه "تمر بولادة عسيرة. رغم ميراث من الظلام ينعكس الان في سلوك المجتمع العراقي اجتماعيا واقتصاديا فأنا متأكد من أن هناك مستقبلا باهرا ينتظر السينما بشكل جديد لم تتح له الفرصة في الماضي."

وشارك البازي في مهرجان روتردام الذي انتهت دورته الخامسة الاحد الماضي بفيلمه التسجيلي (أين العراق) الذي يعد عملا حدوديا اذا جاءته فكرته على حدود العراق مع تركيا ونفذ بالفعل على حدود بلاده مع الاردن في سبتمبر أيلول 2003 قبل نحو 70 يوما من اعلان القبض على صدام.

وفي الفيلم الذي تبلغ مدته 22 دقيقة تتفجر طاقات الغضب على صدام والامريكيين على حد سواء.

فهناك عراقي يرى أن "صدام دمر العراق. لم يترك شيئا الا خربه" ويشعر اخر بالامتنان للرئيس الامريكي جورج بوش الذي "وفر الدولارات. بوش على رأسي" في حين يرى ثالث أن "صدام شريف العرب. أشرف من (حكام) الخليج. أشرف زعيم عربي." ويقول رابع ان صدام عميل "أمريكي جاءت به أمريكا ثم أخرجته."

وقال البازي ان مركز الفيلم القومي الكندي وافق قبل نحو 18 شهرا بالاشتراك مع قنوات تلفزيونية على انتاج فيلم وثائقي طويل في العراق وانتهت التحضيرات اللازمة لدخول البلاد لدراسة المعالجة على أرض الواقع "العراقية التي تنزف دما ويقتل أهلها كل يوم."

وأضاف أنه على الحدود التركية لم يسمح لهم بدخول العراق للقيام بدراسة المشروع "وانتظرنا أسبوعين في المناطق الحدودية أملا في سماح السلطات التركية بعد المحاولات الدبلوماسية الكندية بدخول بلدي الذي لم أزره منذ سنوات طويلة جدا. كانت تجربة مريرة ومؤلمة وأنا أشاهد عراقيين في هذه المناطق الحدودية مذلولين مكسورين ومثقلين بالام مرعبة ومخيفة فكانت الكاميرا هي منفذي الوحيد لتوثيق الحالة التي يعيشها العراقي من الداخل والعراقي الذي يريد دخول العراق بعد كل سنوات المنافي."

"لمدة أسبوعين رأيت ظواهر لم أشاهدها في حياتي فقلت (أين العراق) ولماذا يعامل العراقي بهذه الطريقة.. أليس هذا بلده كما يقول مواطن في الفيلم ان كل العالم يدخل العراق ماعدا العراقي ممنوع عليه الدخول. انها حالة سيريالية مؤلمة وحزينة من قهر العراقي على أيدي الجميع."

وقال البازي ان بلاده تصنف على أنها "أغنى بلد في العالم ولكننا أفقر ملة خلقها الله اليوم في هذا العالم المجنون."

وأشار الى أن فيلمه (أين العراق) "ولد في الاردن على الخطوط الترابية الحدودية مع العراق. في عمان التقيت بمجموعة عراقيين مثقفين وسياسين وسائقي شاحنات ومعدومين وفقراء يتسولون في الشوارع ومنفيين عائدين ومواطنيين ذاهبين للبحث عن أطفالهم وعائلاتهم المفقودة. الجميع ينتظرون أن تفتح الحدود ليتسنى لهم الدخول الى بلدهم الكارثي.

"مشاهد محزنة ومخيفة. لم أكن أتصور يوما أن يصل القوام الحضاري العراقي الى هذه النهاية المأساوية."

وأضاف أنه يكتب حاليا فيلما روائيا طويلا بالاشتراك مع كاتب سيناريو عربي يقيم في لوس أنجليس "سيعالج الفيلم نفسية الانسان العراقي في اللحظة الحاضرة من خلال الاسطورة."

شبكة النبأ المعلوماتية - الاثنين 13/ حزيران/2005 - 6/ جمادى الأولى/1426