طغى مصطلح (الفساد) إلى سطح نشرات الأخبار والبرامج المنوعة في
العديد من دول العالم حتى ليكاد هذا المصطلح أو ما أصبح يُرقى لذلك
يكاد أن يكون متردداً أكثر من غيره من بين بقية المصطلحات في العالم
المعاصر.
فما هو الفساد؟ ومَنْ يشمل؟ وهل يقتصر على المفسدين من موظفي
الحكومات أم أنه مصطلح عام يشمل مساحات أخرى تصل حتى لقطاعات أخرى؟ مثل
هذه الأسئلة المتلاحقة غدت اليوم مثار مقاربة لتحديد من هو الفاسد ومن
هو اللافاسد خصوصاً وأن عمليات الفساد حتى وقت قريب كانت مقترناً
بالفساد أو الإفساد الجسدي.. إلا أن التوسع في ظاهرته جعلته في مصاف
واحد من حيث الاستدلال لمعناه أي خارج دائرة الفساد الأخلاقي!
وتشير التجربة المرة في كل نظام على وجه الأرض أن أي مجتمع لا يخلو
من الفساد وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة فحالات مثل الإرشاء أو قبول
الرشوة أو السرقة أو تقبل الهدايا غير المعقولة وأحياناً الممارسات
اللامسؤولة المقترنة (بالعمد) كلها هي من ظواهر الفساد التي لا يمكن
القضاء عليها إلا بحلول استئصال جذورها.
إلا أن من أخطر عمليات الفساد من جانب معاكس للدولة الحديثة هو
إقدامها على شراء ذمم الناس وثم إنخراطهم راغبين أو مكرهين ليكونوا من
أزلامها العاملين على مساعدة أجهزة المخابراتية من أجل تنكيل أكبر
لمجتمعاتهم ذاتها أو إلحاق الضرر بمجتمعات أخرى ولغايات غير إنسانية.
إن الآثار السلبية الناجمة عن الفساد الإداري لم تنجح في زرع روح
اليأس من إمكانية إصلاح بعض الدول الحديثة التي تراها من جهة بنود
قوانينها تؤكد على الكثير من المسائل الموجبة لبناء النفوس والبلاد لكن
تطبيق تلك القوانين بالعكس هو الذي يعكس الصورة الحقيقية عن أكذوبة
وجود دولة في وطن عزيز ما حيث يلمس الناس أن من يشرف ويدير الدولة هم
عصابة في أرض استرخصت قدسيتها حتى بات الناس لا يستطيعون المطالبة
لحقوقهم المشروعة التي أكدت عليها لائحة حقوق الإنسان.. كل ذلك لم يفقد
الأمل على الإصلاح لو توفرت النيات المخلصة.
ولعل أخطر تفرع في الفساد الإداري هو إفساد القضاء إذ يصبح في بعض
الدول القضاة والمحامون كـ(سمك القرش) يأكلون حق كل ضعيف وهم.ز يستغلون
مبدأ النفوذ الممنوحون له شر استغلال.
والأنكى من ما ابتليت به بعض الدول الحديثة من حالات الفساد الإداري
أن لبعض قادتها علاقات مشبوهة في جمع المال الحرام وبطرق يعتقدون أنها
ستبقى خافية على الرأي العام. |