ربما كان نلسون مانديلا أكثر شجاعة من أي قائد عربي وإسلامي في
محادثاته مع الرئيس بوش طارحاً قضايا ومشكلات قارته الأفريقية ثم نقده
لسياسة بوش العسكرية في فرض الديمقراطية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان إن المحادثات بين
المسؤولين كانت جيدة، وأكد خلالها على ضرورة مكافحة فيروس الإيدز في
أفريقيا، كما تطرقا إلى قضية خفض ديون الدول النامية في أفريقيا، وأكد
الرئيس بوش على التزامنا المساعدة في هذا المجال مشدداً على أن ذلك
سيكون أولوية خلال اجتماع مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في
اسكتلندا في تموز المقبل.
وأشار ماكليلان عن تقديره للشجاعة التي أبداها مانديلا، موضحاً أن
الرجلين لم يبحثا مسألة العراق. وكان مانديلا الحائز على جائزة نوبل
للسلام، قد عارض بشدة غزو العراق، ووصف بوش يوماً بأنه زعيم لا يمكنه
التفكير بشكل سليم.
وكان مانديلا قد ألقى في وقت سابق خطاباً في معهد بروكينغز في
واشنطن في واشنطن، قال فيه: إنني أوافق على دعوة الرئيس بوش إلى إرساء
الديموقراطية في كل أنحاء العالم، برغم أنه لا يخفى على أحد أنني لم
أوافق دائماً على بعض الوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغاية، لاسيما في
العراق. وأضاف أن: هذه الاختلافات ليست أمراً غير عادي بين أصدقاء، في
الواقع إنها دليل على صداقة صريحة ونزيهة.
وتابع: حتى لو كان بالإمكان إنهاء كل أشكال الطغيان في كل أنحاء
العالم، يجب أن نكون واعين إلى أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب ليس فقط
الحرية وإنما اعتدالاً أكبر. الديمقراطية الحقيقية لا يمكن فرضها أو
نقلها وإنما يجب أن تنمو من الداخل. وقال هذه هي المعركة الجديدة،
بالنسبة إلى جنوب أفريقيا بعد حقبة الفصل العنصري، إنها أكبر مهمة
لدينا.
وشدّد مانديلا على أن الحرية في نهاية المطاف لا تعني شيئاً لشخص
تُرِك للموت تحت رحمة هذه الأمراض التي يمكن منعها وعلاجها. وقال:
ينبغي أن تزيد الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى من مساعداتها
لإفريقيا، بشروط أكثر مرونة واستجابة للأولويات التي يحددها الأفارقة
أنفسهم، وأضاف: أفريقيا وشعبها لا يتوقعون أقل من ذلك. عندما نقول إن
وقت إفريقيا قد أتى فإننا نعني ذلك.
وتابع: ما لم يكن الأفارقة عازمين وقادرين على كبح إساءة استخدام
السلطة، وإلى أن يتم ذلك، لن تتمتع أفريقيا أبداً بالسلام والاستقرار
ولن تتمكن من القضاء على الفقر أو تبوّء مكانها الصحيح في عالم يتحول
إلى العولمة.
|