الإرث السياسي هو ما يتركه نظام سياسي سابق كان قائماً في حكم بلاد
ما وقد يكون هذا الإرث إيجابياً يحمل سمات الوسطية أو يكون سلبياً لكن
الحكم الجديد هو الذي يستطيع أن يؤدي دور المسؤولية في تعميم
الإيجابيات إذ توفرت لدى رجالاته النوايا الحسنة والإخلاص للشعب والوطن.
هناك أمور تعد من الكبائر والمخالفات العظمى لدى الحكومات الجائرة
التي لا تتورع من اقترافات أبشع الجرائم والتجاوزات بحق شعوبها ومثل
هذا النوع من الحكومات غالباً ما تكون تعمل من قبل شياطين البشر الكبار
أو خسيسي السياسة من الخونة المارقين المنبوذين من قبل مجتمعاتهم نظراً
لسجلهم الإجرامي الأسود وأصعب ما في السياسات الحاكمة في بلد معين حين
يرتد حكامهم وفرقه السياسية سواء عن سابق تصور أو نتيجة عن ضغط مسلط
ضدهم ليقفوا ضد بني جلدته تحت حجج واهية.
فبمجرد أن تنتهي عهود الحكومات الظالمة فإنها تترك من السلبي ما
يمكن أن يحتسب على خصوصية الحكم الجديد ما لم يتدارك هذا الأخير
لملافاة ذكية للموقف عبر إعادة الاعتبار للحق العام الذي تتطلع له
المجتمعات الممكن أن تساهم في عملية فرصة التغيير الجديدة مع الحكم
الجديد من خلال التعويل على تقييمات جديدة تأخذ بإشاعة حالة من العدل
بين الناس في دولة أصطلح على تسميتها بـ(دولة القانون والمؤسسات) حيث
تكون الكلمة الحاسمة فيها للقضاء العادل بأي قضية مجتمعية أو إقليمية
أو حتى خارجية.
فوظيفة الدولة المستلمة لإرث سياسي سلبي تقوّم نقاطه للتحول
بواسطتها إلى عمل سياسي إيجابي كأن تكون تغير قانوناً مجتمعاً أو تلغي
قراراً تعسفياً ألحق ضرراً بشخص ما من مواطني البلاد أو كأن تعيد حق
مغتصب عملت لأجله الحكومة الجائرة السابقة وهكذا هو الحال بالنسبة
لداخليات الوضع أما الخارجيات العلاقة مع الدول الأخرى فتحسن من
اتفاقاتها معها على أساس المنافع الفعلية المتبادلة مع تلك الدول. وبذا
فإن كل هذا يصب في حقيقة كون الحكم الجديد يدرك مهامه الإيجابية التي
ينبغي أن يضطلع بها.
ويصادف في الحالات الاعتيادية أن بعض الحكومات تجتهد أثناء عهد
حكمها لكن إدراكها لإدارة أمور الدولة ليكون أقل من المستوى المطلوب.
فتأتي الحكومات الجديدة لتضع الأمور في نصابها الصحيح ففي هذا الحال
فالحكومات المجتهدة بمثل هذه الأحوال تكون ذات سمات وسطية ولم تسيء عن
سوء عمد مع أن المطلوب منها أن تكون كفوءة لإنجاز مهامها الرسمية.
أما الإرث الإيجابي الذي تتركه حكومات كفوءة وتعمل في ظروف صعبة أو
ظروف عادية فإن إنجازاتها تبقى خاضعة لعملية تطوير دائمة لأنها تعرف
أين تضع يدها ومن أين ترفعها لتقدم البلاد وتسعد شعبها.
إن الحقوق في أي بلاد تحتاج إلى من يبرزها سواء كانت حقوق تخص كيان
الدولة الوطنية أو حقوق اجتماعية تعمل على حمايتها وتنميتها وتلك هي
الغاية من معنى قيام الدولة الناجحة. |