وسط غياب احزاب المعارضة الرئيسية عن انتخابات المجالس البلدية التي
جرت يوم الاحد في تونس حقق حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم فوزا
كاسحا بنسبة تجاوزت 90 بالمئة على حساب اربعة احزاب صغيرة معززا هيمنته
على السلطة.
وكشف وزير الداخلية التونسي رفيق بالحاج قاسم خلال مؤتمر صحفي يوم
الاثنين بالعاصمة تونس عن هيمنة واسعة كانت متوقعة للتجمع على اغلب
المقاعد في أغلب الدوائر البالغ عددها 264 بالفوز بأكثر من اربعة الاف
مقعد وبنسب تصل الى 100 بالمئة في عديد من المناطق.
ولم تحصل احزاب المعارضة الصغيرة المشاركة في الانتخابات والتي ينظر
اليها على انها قريبة أكثر مما ينبغى من الحكومة وهي حركة الديمقراطيين
الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية والاتحاد الديمقراطي الوحدوي والحزب
الاجتماعي التحرري سوى على 262 مقعدا من مجموع 4366 مقعدا اي بنسبة لا
تتجاوز ستة بالمئة.
وقال بالحاج القاسم ان "حركة الديمقراطيين حصلت على 107 مقاعد فيما
حصل حزب الوحدة الشعبية على 88 مقعدا والاتحاد الديمقراطي الوحدوي على
51 مقعدا والحزب الاجتماعي التحرري على 16 مقعدا والت ستة مقاعد
للقائمة المستقلة الوحيدة".
واضاف ان "عدد مقاعد المعارضة ارتفع في المجالس البلدية بنسبة 10.28
في المئة مقارنة بانتخابات عام 2000".
واتسمت هذه الانتخابات البلدية الثالثة عشر منذ استقلال البلاد
بغياب احزاب المعارضة الرئيسية التي اتهمت السلطات بإقصاء كل مرشحيها
باستخدام التهديدات والرشى وهو ما تنفيه الحكومة.
ووصف بالحاج قاسم انتخابات المجالس البلدية في تونس بأنها "تعزيز
للديمقراطية المحلية" مضيفا انها جرت في شفافية ونزاهة تامة.
وبلغ عدد المشاركين في هذه الانتخابات التي دعي اليها مليونين و800
الف ناخب بنسبة اقبال 82.7 بالمئة حسب النتائج الرسمية وتنافست 354
قائمة من بينها 89 عن المعارضة ولائحة مستقلة وحيدة لانتخاب 4366 عضوا
بالمجالس البلدية في 264 دائرة بلدية لفترة ولاية مدتها خمس سنوات.
هذا وانتقد قياديون في المعارضة التونسية طريقة تنظيم الانتخابات
البلدية الاحد معتبرين انها "خطوة جديدة الى الوراء في مسيرة التراجع
عن الديموقراطية".
وفاز التجمع الدستوري الديموقراطي برئاسة الرئيس التونسي زين
العابدين بن علي ب94% من 4366 مقعدا التي جرى التنافس عليها في
الانتخابات البلدية. وحصلت احزاب المعارضة المعتدلة الاربعة المصرح بها
وقائمة مستقلة على 260 مقعدا اي حوالى ستة بالمئة من المجموع.
وراى رئيس المنتدى الديموقراطي للعمل والحريات مصطفى بن جعفر ان
انتخابات الاحد "لم تكن انتخابات".
وقال "في الوضع الحالي للتراجع الديموقراطي قمنا بخطوة جديدة الى
الوراء ما دامت السلطة فضلت ان تمارس اللعبة بمفردها عبر رفض جماعي
لمرشحي المعارضة الحقيقية".
واضاف "هذه المرة لم تحاول السلطة حتى تجميل الامور والحفاظ على
الشكليات نحن في الدرجة صفر من الديموقراطية وهذا مصدر قلق بالنسبة الى
المستقبل".
وقال الامين العام للحزب الديموقراطي التقدمي نجيب الشابي ان نتائج
الانتخابات "تليق بالعصر الحجري وتعكس جمود النظام السياسي التونسي".
وتابع ان "الحكومة تواصل هربها الى الامام ولا تصغي الى مطالب
الاصلاحات" معتبرا ان النتائج "تجعل الوضع في البلاد هشا وتعرض
استقراره للخطر".
وندد الشابي ب"الازمة الحالية بين الحكم والمجتمع المدني والمحامين
والصحافيين" مضيفا انه في الوقت الذي يتكلم فيه هناك عضو في نقابة
الصحافيين يخضع للتحقيق لدى الشرطة.
وقال لوكالة فرانس برس "كل هذا يدل على استياء عام والوضع الحالي لا
يمكن ان يستمر لان التونسيين يتابعون تطور العالم ويسعون الى التقدم".
وعن النتائج الضعيفة التي حققتها المعارضة المعتدلة رأى الشابي ان
هذه النتائج "تتطابق مع ما كان في امكان هذه الاحزاب ان تنتظره من
الحكم عبر تامين الاطار اللازم له للايحاء بوجود تعددية اي البقايا...".
ويشكل حزبا الشابي وبن جعفر مع حزب التجديد "التحالف الديموقراطي من
اجل المواطن" الذي عدل عن المشاركة في الانتخابات البلدية بعد ان رفضت
السلطة مرشحيه.
وانتقد المسؤولون في التحالف "اقصاءه المتعمد" واصفين الانتخابات
بانها "من دون تحديات في وضع سياسي مغلق".
بينما قالت السلطة ان لوائح المعارضين لا تتطابق مع المعايير التي
ينص عليها القانون. وبهذا الفوز الجديد سيستمر الحزب الحاكم في ادارة
البلديات لخمس سنوات جديدة.
وسيعلن وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم النتائج النهائية للانتخابات
في مؤتمر صحافي بعد ظهر الاثنين. |