قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن من المتوقع أن يسلط
اجتماع دولي سيعقد في مدينة برازيليا عاصمة البرازيل، في حزيران/يونيو
القادم الضوء على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والجهود
الرامية إلى حرمان المسؤولين الفاسدين خلقياً من الملاجئ الآمنة.
وأضاف ديفد لونا، مدير مكافحة الفساد ومبادرات الحكم الرشيد (أو
الحَوكَمة) في مكتب الشؤون الدولية للمخدرات وتطبيق القانون في وزارة
الخارجية، إن المنتدى العالمي الرابع حول مكافحة الفساد وصيانة
الاستقامة سيعزز الإرادة السياسية على تطبيق، وفي نهاية المطاف فرض
تطبيق، اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد.
هذا وقد وقعت الاتفاقية 119 دولة وأقرتها 21 دولة منذ المراسم
الدولية للتوقيع عليها في ميريدا، بالمكسيك، في عام 2003. وتتناول
الاتفاقية قضايا تتعلق بآليات المنع والتجريم والتعاون الدولي واستعادة
الأصول والتطبيق.
وقال لونا، في مقابلة أُجريت معه في 21 نيسان/إبريل، إن "برنامج
المنتدى العالمي الذي سيعقد في مدينة برازيليا من 7 إلى 10 حزيران/يونيو
سيناقش، بشكل مركز، سبل عمل الحكومات معاً بصورة عملية لتطبيق
التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد،
وأفضل السبل لوضع استراتيجيات فعالة لعدم منح ملاجئ آمنة للمسؤولين
الحكوميين الفاسدين، وأولئك الذين يقومون بإفسادهم (وتقديم الرشاوى لهم)
وأصولهم وموجوداتهم."
ومضى المسؤول الأميركي إلى القول إن تحديد ما إذا كانت الدول تحقق
بالفعل تقدماً في مكافحتها للفساد مهم للمحافظة على تلك الالتزامات
وتنشيط الإجراءات. وأشار إلى أنه من السابق لأوانه تقييم مدى فعالية
معايير القياس المرجعيّة وآليات المراقبة الإقليمية المشتركة نظراً
لكونها جديدة نسبياً، كما أنه من السابق لأوانه تقييم مدى ما يمكن أن
يكون لهذه المعايير والآليات من أهمية على النطاق العالمي، وفعاليتها
وتأثيرها المحتمل عالمياً أيضا.
وأردف لونا أن المؤشرات الأولية مشجعة، ولكن المناقشات النشطة في
المنتدى ستظهر كيفية تعزيز تلك الآليات وتصوغ نظاماً عالمياً لمتابعة
إجراءات مكافحة الفساد المرتبطة بالاتفاقية.
وقال لونا إن المنتدى العالمي الرابع، الذي سيجمع بين الوزراء وكبار
صناع السياسة وخبراء الحكم الرشيد من مختلف أنحاء العالم، سينطلق من
عمل المنتديات الثلاثة السابقة ويبني عليه.
وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت المنتدى العالمي لمكافحة الفساد في
واشنطن في عام 1999. وأصبحت المنتديات بعد ذلك نشاطاً يعقد مرة كل
عامين، وعُقد المنتدى الثاني في مدينة لاهاي بهولندا والمنتدى الثالث
في كوريا الجنوبية. وسيوفر المنتدى الرابع فرصة لتعزيز، والتشجيع على،
تشكيلة واسعة من جهود مكافحة الفساد الدولية، وللمساعدة على تبادل
المعلومات حول أفضل الممارسات. (ويمكن مراجعة المواد المتعلقة
بالمنتديات السابقة على العنوان الإلكتروني التالي:
http://www.state.gov/g/inl/rls/rpt/gffc
وتجدر الإشارة إلى أن مكافحة الفساد الدولي لا تزال من الأولويات
القصوى بالنسبة لحكومة بوش. وقد جعل الرئيس محاربة الفساد في صميم
العديد من مبادرات الأمن القومي والسياسة الخارجية، بما فيها صندوق
حساب تحدي الألفية ومبادرة مجموعة الثماني الخاصة بالشفافية ومكافحة
الفساد، واستراتيجية الأمن القومي لعام 2002، والحرب العالمية على
الإرهاب، والجهود الرامية إلى التشجيع على الإصلاح والحرية في الشرق
الأوسط.
وقال لونا: "لقد كانت هناك مطالبة هائلة من الدول للعمل بشكل جماعي
في مجال محاربة الإرهاب."
ومن مظاهر هذه المطالبة مبادرة لمكافحة الفساد أطلقها في عام 2004
زعماء منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-المحيط الهادئ. وقال لونا إن من
الأمثلة الأخرى على ذلك البرنامج المعروف باسم "الحكم الرشيد للتنمية
في الدول العربية" الذي أطلقته 16 دولة عربية في أوائل عام 2005
بمساعدة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبرنامج التنمية التابع
للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدد آخر من
المانحين الدوليين والثنائيين.
وأشار إلى أن الحكومات ليست وحدها التي أصبحت أكثر وعياً بالدور
الأساسي الذي يلعبه الحكم الرشيد واستقامة المسؤولين الحكوميين في دفع
عجلة الديمقراطية وتشجيع النمو الاقتصادي والتنمية، بل إن وعي
المجتمعات المدنية في جميع أنحاء العالم بذلك الدور قد ازداد هو أيضا.
وقال لونا: "إننا نشاهد حالياً في بعض أنحاء العالم الممتدة من
جورجيا إلى أوكرانيا ومن الصين إلى لبنان ما للعِلم بإجراءات وأساليب
مكافحة الفساد المتعارف عليها من تأثير وما تحدثه من تغييرات. وإن ما
نشاهده هو مطالبة مواطني تلك الدول بشكل صاخب بتحسين نظام الحكم
ومكافحة الفساد وإخضاع المسؤولين الحكوميين وأنظمة إدارة الأموال
العامة لقدر أكبر من المساءلة والمحاسبة."
وأشار المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى أن ما يحدث في
الكثير من أنحاء العالم هو أنه عندما يتولى الزعماء الجدد مناصبهم
ويعتمدون برنامج عمل إصلاحيا، فإنه يتحتم عليهم في الكثير من الأحيان
أن يعالجوا مسألة خزينة الدولة التي أفرغها الزعماء السابقون الفاسدون.
وتصبح ملاحقة الطغاة الفاسدين والأموال المسروقة آنذاك واحدة من
أولوياتهم الرئيسية.
وكشف عن أن جدول أعمال المنتدى العالمي الرابع يتضمن جلسة محددة
ستكرس لاستعادة الأصول المسروقة وحرمان المسؤولين الفاسدين من الملاجئ
الآمنة.
وكانت الولايات المتحدة وشركاؤها في مجموعة الثماني قد دعت إلى رفض
منح الملجأ الأمين ليس فقط للمسؤولين الحكوميين الفاسدين وإنما أيضاً
لأولئك الذين يفسدونهم ولأصولهم وموجوداتهم. وتركز مبادرة مجموعة
الثماني الخاصة بمكافحة الفساد على مساعدة الشركاء على زيادة الشفافية
وبالتالي استخدام الموارد المالية الحكومية بحكمة. وقال لونا إن هذه
الجهود التي تبذلها مجموعة الثماني ستركز في المقام الأول على الشفافية
في الميزانيات الحكومية، بما في ذلك العائدات والنفقات، وصفقات الشراء
الحكومية، وتلزيم الامتيازات العامة ومنح الرّخص.
أما الدول الأعضاء في مجموعة الثماني فهي كندا وفرنسا وألمانيا
وإيطاليا واليابان وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
هذا ويناقش المشتركون في المنتدى العالمي الرابع لمكافحة الفساد
أيضاً مسائل متصلة بالاتفاقيات الدولية وتبييض الأموال والصفقات
الحكومية وأنظمة الحكم (أو الحوكمة) الإلكترونية وتضارب المصالح ودور
المجتمع الدولي، وغيرها من أوجه الحكم الرشيد ومحاربة الفساد. كما
سيتضمن المنتدى مناقشات خاصة حول التعاون بين السلطات الحكومية
المختلفة، وتحسين مستوى الاستقامة في الدوائر المالية والحدودية،
والتمويل السياسي، ومواضيع أخرى. |