لا يمر يوم إلا وتقع لبنة من جدار السياسة العالي. وفي بوادر فقدان
ثقة نسب كبيرة بين المجتمعات بالسياسة (أشخاصاً وتنظيمات) ليست مسألة
عادية ولعل نظرة للواقع السياسي المعاصر توضح تماماً أن أغلب السياسيين
الحاكمين يحكمون بقوة الصلافة البائنة على تقاسيم وجوههم الكالحة
وخصوصاً أولئك الذين يضحكون بملئ أفواهم بضحكات صفراء على ذقون
الغالبية الجهولة في اصطفافات شعوبهم.
إن المخلص في الحياة والمقصود هنا (حياته العادية) هو المرشح أن
يبقى محافظاً على مبادئ ومعاني وسلوك إخلاصه والذي لا يملك تاريخاً في
السوية لا يصلح لشيء إيجابي في أي من علاقاته لذا فإن نظرة في أعماق
المعاملات التي يبديها شخص ما أو تجمع ما هي محط ملاحظات وانطباعات من
قبل الغير الذي يسموه بالمصطلح السياسي أو الثقافي بـ(الآخر).
وحتى الآن يمكن الحكم (بتجرد) أن عالم السياسة التي تتحكم فيه أمور
كثيرة لم تعد صالحة نظراً لما أصابها من تلوث الدرن في الأفكار
والتطلعات وخير دليل على صحة هذا الاستنتاج أن بعض القوى الدولية
الخفية التي تتحكم مافياتها بمصائر البشرية تكافئ اللامخلصين لشعوبهم
وتحت حجج ودعايات ترقيعية لكنها فاشلة تماماً ولا تستحق أي تقييم
إيجابي لها.
فبعد أن أمست مكائد السياسة السلبية والسياسيون السلبيون متداولة
بين الناس وإن كان ذلك بصورة لا علنية لكن هذه المتفرقات التي باعدت
حتى بين قوى الخير هي اليوم مثار الناس الذين يتساءلون بحسرة كيف
استطاعت قوى الشر أن تزرع وتشيع شرورها وترفع شعارات الخير ذاتها التي
تدعيها (أو كانت تدعيها) قوى الخير ذاتها. لعلها متاجرة رابحة لكن
البشرية بشخوص أصحاب المواقف الإيجابية والشجاعة يفضل أن يكون لهم (تذكير)
من غفل بين مجتمعاتهم أن واقع المواجهة العظمى هو الفضح من أجل كسب
معركة المستقبل فالقوي مازال كبيراً في جسمه لكن عقله هو عقل طفل عاق
يحمل مسدساً بوجه أبيه وأمه.
إن المواقع العليا في السياسة على رغم أزمة البشرية المعاصرة تعيش
تخبطاً وتعجز بصورة جلية عن توفير الإقناع بما تتقول به من كلمات تجميل
لأحداث جرمية باطلة. لقد كسبت البشرية دروساً قيمة من وقائع السياسة
وأن عالم السياسة اليوم لا يشعر أناسه أنهم بحاجة لوصاية دولية غاشمة
بالسر أو العلن أو حتى لا غاشمة أو أن مبدأ الوصاية مرفوض من أساسه.
ويبقى رصيد أخبار العالم أن الضمائر الحية تتحرك فيه بلا مقاومة
التفكير الحالم بالظفر بعالم سلمي خالٍ من ضروب الفروض والجرائم
والمؤامرات والحرامية الدوليين وعالم السياسة اليوم يتهاوى يوماً بعد
يوم على الرغم من حالة التنسيق بين الدول القوية بالسلاح وذيولها
وأتباعها من حكام وحكومات وعالم اليوم بات بحاجة إثبات للمصداقيات. |