إلى أين يسير العالم اليوم ومصداقية الادعاءات بالوعود البناءة لخلق
عالم جديد تلفها الشكوك القاتلة بسبب كون مبادئ ما يسمى بالعولمة صادرة
من الدول الاستعمارية والإمبريالية الكبرى ذاتها التي كذبت مراراً على
البشرية في تحقيق الحياة الرغيدة والكرامة للإنسان ولم يلمس الرأي
العام في كل بلد من ذلك سوى الكلام.
إن إرادة وعقل الشعوب اليوم هما المستهدفان بعد أن توقفت مجمل
الضمائر عن تحريك المطالبة بالحقوق والأحقيات الأساسية فمن يستطيع
اليوم النكران أن البشرية تعيش أحد كبريات فواجعها حيث لم يمر يوم أو
حتى ساعة إلا وبثت إعلاميات الدول الرئيسية خبر عن جريمة قتل أو اغتيال
أو حرب جزئية في بقاع عديدة من العالم الذي أضحى بدوره عاجزاً عن حل
مشكلات داخلية أو خارجية عند العديد من البلدان وهذا ما يعرّض مستقبل
البشرية إلى غدٍ قاتم السواد بعد أن سيطرت قوى دولية على ذمة قادة
سخفاء باعوا سيادة أوطانهم ومستحقات شعوبهم بـ(قشر بصل) للأجنبي
وأصبحوا خدماً له يفتكون بمجتمعاتهم دون أي وازع أخلاقي.
والبشرية اليوم أيضاً التي تهدد دماؤها ويستصرخ من تبقوا منهم
بالنوح والدمع والقلق والحصارات المعيشية والحياتية ويجدوا أنهم بلا
نصير يتساءلون وماذا بعد؟! حيث يلاحظوا حتى الاستنكار لمقترفي الجرائم
قد خفّ تماماً وإن ارتفعت بلا من مهتم فالحياة عند السياسيين الكبار في
هذا العالم الذي يسير نحو الخراب لم تعد فيه الحكمة هي الغالبة ولا
العدل هو المنتهج.
والغريب أن أحداً من السياسيين الدوليين أو الجهات السياسية الدولية
الذين بيدهم مفاتيح الحلول يغمضون الأعين على ما يجري ولعل هذا هو
السبب الذي يشجع على عدم الخروج من الأزمة المطنبة وبالذات في بلدان
العالم النامي الذي تعيش مجتمعاته جهلاً سياسياً عموماً وترتفع فيه كفة
الفتنة لتلطم وجه كل واعٍ يتجاسر للمطالبة بحقوق شعبه. إن العالم الآن
يعيش مقاربات همجية بين تابع ومتبوع بحيث لا يمكن النكران أن كل الشعوب
الحية هي المستهدفة أكثر من الشعوب التي لم تمس أركانها وربوعها أنفاس
الحضارات.
إن كل شيء سياسي اليوم يسير نحو مزيد من التدويل فتحت حجة (التوازن
الاستراتيجي) وهو أهم موضوع يمكن أن يرفع العالم إلى العلا أو يهبط به
إلى الحضيض ويلاحظ ذلك بصورة واضحة من مثل المطالبة بنزع السلاح النووي
وما يعد بخطورته من بعض البلدان في حين لا تتم أي مطالبة لمن يملك
سلاحاً مماثلاً بالنسبة لدول محددة.
أما عن موضوع نزع السلاح النووي (كموضوع) فيلاحظ أيضاً أن الأصوات
ساكتة أو متلاشية تماماً عن أي مطالبة من الدول الكبرى وهي كبرى بغير
إنصاف الشعوب الضعيفة وممن تنتج السلاح النووي وتملك تسخيراتها ضد أي
كان فلم يحدث أن يتجرأ أحد على بحث ذلك وذلك تحسباً من قوة البطش
الدولي الغاشم.
|