اكدت بريطانيا الجمعة انها التزمت بنظام العقوبات المفروض على
العراق في عهد صدام حسين ردا على تصريحات ادلى بها الامين العام للامم
المتحدة كوفي انان واتهم فيها بريطانيا والولايات المتحدة بانها تغاضت
عن عمليات تهريب النفط الى دول حليفة لهما.
وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو "يؤسفني ان اقول ان التلميح
بان بريطانيا تغاضت عن تهريب النفط من العراق الى الاردن وتركيا غير
صحيح ويتعارض مع عمل الحكومات البريطانية المتعاقبة منذ نهاية حرب
الخليج".
وقال سترو في بيان "ان بريطانيا تصدت لتهريب النفط في الخليج على
مدى هذه الفترة ولا سيما باعتراض حمولات". وتابع "ان بريطانيا كانت على
الدوم في طليعة الساعين الى تطبيق العقوبات ضد العراق".
واعتبر ان "تنفيذ العقوبات كان من مسؤولية العراق وجميع اعضاء الامم
المتحدة الاخرين وادارة الامم المتحدة. ولا نذكر اي ظرف حيث قامت الامم
المتحدة بمساع حيال بريطانيا بشأن التهريب".
واكد سترو ان "مسؤولية نسف العقوبات الدولية يتحملها بصورة رئيسية
صدام حسين واولئك الذين عملوا معه" مضيفا ان "مخالفة برنامج النفط
مقابل الغذاء هي موضع تحقيق تجريه اللجنة المستقلة برئاسة بول فولكر".
واضاف انه حين تولى مهامه في منتصف العام 2001 لمس "نهجا ملتبسا لدى
بعض اعضاء مجلس الامن حيال نظام صدام حسين غير ان بريطانيا لم تكن من
بين هؤلاء الاعضاء اطلاقا".
وكان سكرتير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية بيل رامل قال في وقت
سابق الجمعة "لقد اتخذنا اجراءات حازمة بصورة مستمرة للتاكد من صرامة
نظام العقوبات".
كما شن هجوما مضادا على انان فدعاه الى "استخلاص العبر" من تقرير
لجنة التحقيق المستقلة حول برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي يشير
بالاتهام الى مسؤولين كبار في المنظمة الدولية. وقال رامل "لقد تعاونا
بشكل تام مع تحقيق فولكر. والامر المعروف ان التقرير ينتقد نظام ادارة
الامم المتحدة بدون ان ينتقد حكومات محددة". وتابع "اعتقد ان على الامم
المتحدة استخلاص العبر".
وكان انان صرح الخميس ان "معظم الاموال التي حصل عليها (الرئيس
العراقي المخلوع) صدام حسين جاءت من عمليات التهريب الخارجة عن برنامج
النفط مقابل الغذاء وحصلت امام اعين الاميركيين والبريطانيين".
وقال عنان الذي كان يتحدث في ندوة خاصة بالامم المتحدة ووسائل
الاعلام ان غالبية الاموال التي تمكن صدام من جنيها كانت نتيجة مبيعات
النفط الى الاردن وتركيا خارج البرنامج الذي اشرفت عليه الامم المتحدة
وبلغت قيمته 67 مليار دولار.
وكان لدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة فقط قوات قادرة على منع
مثل هذه الصفقات.الا ان عنان قال انهما «قررتا اغماض اعينهما عن تركيا
والاردن لانهما من الحلفاء.»وقال عنان انه يتفهم السبب وراء ذلك ..لم
يكن لدى احد الاموال التي تسمح بتعويض جيران العراق عن خسائرهم جراء
العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة منذ عام 1990 بعد غزو العراق
للكويت.
وبموجب برنامج النفط مقابل الغذاء الذي استمر بين ديسمبر 1996
وانتهى في 2003 سمح لصدام ببيع النفط وشراء السلع المدنية تخفيفا
لمعاناة الشعب العراقي الناتجة عن الحظر الدولي المفروض على العراق.
واكتشف تشارلز دولفر مفتش الاسلحة بوكالة المخابرات المركزية
الامريكية وجود فساد في برنامج النفط مقابل الغذاء الذي تشرف عليه
الامم المتحدة يتضمن على سبيل المثال المبالغة في اسعار السلع التي يتم
شحنها للعراق بلغ نحو 7ر1 مليار دولار.لكنه قال ان العراق حصل على معظم
امواله البالغة نحو ثمانية مليارات اخرى عبر عمولات لتصدير شحنات نفط
خارج برنامج النفط مقابل الغذاء.
وقال عنان «القسم الاكبر من الاموال التي حصل عليها صدام جاء بعد
التهريب الذي حدث خارج برنامج النفط مقابل الغذاء.»واضاف «كان ذلك تحت
المراقبة الامريكية والبريطانية». ولكنه اردف قائلا ان هذه الامور تم
تجاهلها غالبا من قبل وسائل الاعلام.
وفي هذا السياق وجهت التهمة رسميا في نيويورك لثلاثة اشخاص في اطار
التحقيق حول فضيحة برنامج «النفط مقابل الغذاء»، وفق ما افاد مصدر
قضائي.
واوضح مكتب مدعي عام مانهاتن في بيان انه تم توجيه التهمة رسميا الى
رجل اعمال اميركي من تكساس ومواطن بريطاني وآخر بلغاري بالتآمر «لدفع
رشاوى بقيمة ملايين الدولارات الى نظام صدام حسين (..) من اجل المشاركة
في بيع النفط العراقي في اطار برنامج «النفط مقابل الغذاء» الذي كانت
الامم المتحدة تطبقه.
كما وجهت التهمة رسميا الى مواطن من كوريا الجنوبية بالتآمر بهدف
القيام بدور وكيل للحكومة العراقية في الولايات المتحدة في اطار هذا
البرنامج.
وقد أصدرت محكمة أمريكية حكما بادانة رجل الاعمال دافيد تشالمرز على
اثر التحقيقات الفيدرالية التي اثبتت احتمال تورطه في مخالفات ذات صلة
ببرنامج (النفط مقابل الغذاء) التابع للامم المتحدة.
ولا يعني قرار الادانة طبقا للقانون الامريكي ثبات التهمة على
تشالمرز الذي يرأس شركة (باياويل) النفطية في تكساس وانما يرادف عريضة
الاتهام التي تسوغ تقديمه للمحاكمة.
واعتقل تشالمرز صباح يوم الجمعة في هيوستون ومن المقرر ان يمثل امام
محكمة فيدرالية للبت في قرار استمرار حبسه.
وتعمل شركة (باياويل) في مجال تكرير النفط الخام وتوزيعه والاتجار
في مشتقاته وقد اشتركت مع عدد محدود من الشركات في تلقي ما يقل عن واحد
بالمئة من مجمل صادرات النفط العراقي التي بلغت نحو 64 مليار دولار
خلال سبع سنوات من تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء.
وقال مسئولون امريكيون ان (باياويل) اشترت عام 1997 نحو 6 ملايين
برميل من النفط العراقي بلغت قيمتها 100 مليون دولار.
ويتضمن قرار الادانة اتهام تشالمرز بتزوير محتوى برقيات ذات طابع
تجاري والتعامل تجاريا مع دولة ترعى الارهاب وخرق قانون الحظر
الاقتصادي ضد العراق آنذاك.
وشمل القرار ايضا اتهام شريكين لتشالمرز هما البريطاني جون ايرفينج
والبلغاري لودميل ديونيسييف. |