غزة من زكريا المدهون: تتفنن
قوات الاحتلال الإسرائيلي وجنودها ومحققيها في ممارسة أقصى أنواع
التعذيب والإهانة والإذلال ضد الأسرى الفلسطينيين. في انتهاك صارخ لكل
القيم والأعراف والمواثيق الدولية التي تدعو إلى احترام حقوق
الإنسان،التي وقعت عليها إسرائيل. غير أنها لم تكن رادعاً لها للامتناع
عن الاستمرار في اعتقال الأسرى وحرمانهم من حريتهم وتعريضهم للتعذيب
والإهابة والابتعاد عن الأهل والضغط النفسي والإرهاق الجسدي.
ويحيي الفلسطينيون يوم الاحد17-4 يوم الأسير الفلسطيني بتنظيم سلسلة
فعاليات للتضامن مع الأسرى والمطالبة باطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.
فالمعتقلات وسجون الفلسطينيين داخل إسرائيل المحتلة المعتدية التي
لا تغيب عنها شمس دون أن ترمل في فلسطين الأسر بقتل بنيها أو تهدم
بيوتها بجرافاتها او تبقى على قرى بأكملها مكتومة الأنفاس بالتطويق
ومنع التجول أو الخروج من تحت ركام البيوت المخربة.. في نفس الوقت يحصر
سجناء فلسطين في دهاليز ومخيمات الاعتقال الاسرائيلية وهم يفتقدون ابسط
مقومات الحياة فضلا عن الاذلال والتعذيب واستمرار التحقيق و عن آخر
الانتهاكات التي تعرض لها أسرانا في سجون الاحتلال كان لنا هذا التقرير:
الحرمان من الحرية
حيث تمادت قوات الاحتلال الإسرائيلي في ممارساتها القمعية بحق
الأسرى الفلسطينيين، فاعتقلتهم بطرق وحشية واستخدمت ضدهم التعذيب أثناء
التحقيق وقدّمتهم لمحاكم عسكرية سريعة دون حضور أحد من المحامين أو
الأهالي، وبعضهم يخضع للاعتقال الإداري دون توجيه تهمة. مما يتنافى مرة
أخرى مع اتفاقيات حقوق الإنسان ، التي تنص على: " ألا يعرض أي انسان
للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية
أو المهينة…".
التعرض للتعذيب الشديد
يتعرض جميع المعتقلين الفلسطينيين بلا استثناء لأشكال متعددة من
التعذيب الجسدي والنفسي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولا يقتصر
التعذيب على مناطق محددة من الجسم ، بل يشمل كل أجزاء الجسم، بتركيز
على الرأس والمناطق العلوية. كما أنه يتخلل مراحل الاعتقال كافة ولا
ينتهي إلاّ بانتهاء الاعتقال نفسه. بل في حالات كثيرة يمتد لما بعد
الاعتقال، نتيجة لإصابات عدد من الأسرى بعاهات دائمة نتيجة تعرضهم
للتعذيب المستمر. ناهيك عن المعاناة النفسية طويلة المدى التي يتركها
السجن على نفوس هؤلاء الأسرى بعد تحررهم من الأسر. وقد حرّمت القوانين
الدولية التعذيب بشكل قاطع ولم تسمح بأي مبرر لحدوثه، بل أفردت اتفاقية
خاصة بمناهضة التعذيب، إضافة إلى العديد من المواد والمبادئ التي
تضمنتها معاهدات واتفاقيات دولية أخرى. منها على سبيل المثال، المادة
(7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على: "
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو
اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة…". إضافة إلى المبدأ السادس من مجموعة
المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال
الاحتجاز أو السجن، والذي ينص على أنّه: " لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض
لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة
أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا يجوز الاحتجاج بأي
ظرف كان كمبرر للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو
اللاإنسانية أو المهينة".
الأوضاع المعيشية السيئة
الأوضاع التي يعيشها الأسرى في معسكرات الاعتقال والسّجون
الإسرائيليّة و مراكز التوقيف والتحقيق، تفتقر إلى الحد الأدنى من
المقومات الإنسانية والصحية. فهم يعيشون في غرف لا تتعدى مساحة الواحدة
منها 20 متراً مربعاً، حتى أنّ بعض الأسرى شبّه هذه الغرف بعلب السردين
والمقابر. مما يضطر بعضهم للسهر طوال الليل بانتظار أن يستيقظ أحد
زملائهم ليتسنى لهم النوم مكانه. ويحرمون من الزيارات بين بعضهم البعض
كذلك تفتقر للشروط الصحية للدنيا، بما يتنافى مع المادة 85 من اتفاقية
جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949. ويتنافى
أيضاً مع القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، خاصة ما يتعلق
منها بأماكن الاحتجاز، التي تحض على توفير جميع المتطلبات الصحية،
ومراعاة الظروف المناخية وخصوصاً من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا
المخصصة لكل سجين والإضاءة والتهوية، إضافة إلى اتساع النوافذ بحيث
تمكن السجناء من استخدام الضوء الطبيعي في القراءة والعمل، وأن تكون
المراحيض كافية وأن تتوفر منشآت للاستحمام والاغتسال بالدش، وغيرها من
الشروط التي أجملتها هذه القواعد وتتجاهلها إسرائيل عن تعمد واضح مع
الأسرى الفلسطينيين. في الوقت الذي ترفض فيه إدارة المعتقل إدخال كميات
كافية من الملابس والأغطية، خاصة في أوقات الشتاء التي تتسم بالبرد
القارس، ما يزيد من معاناة الأسرى.
الحرمان من زيارة الأهل
منذ اندلاع الانتفاضة في 28 أيلول 2000، فرضت قوات الاحتلال
الاسرائيلي إجراءات أمنية مشددة شملت فرض الطوق (طوق أمني) وعزل
المناطق الفلسطينية وعدم استصدار تصاريح زيارة للأهالي. مما حرم
المعتقلين كافة، من زيارة أفراد أسرهم منذ تاريخ 28/9/2000، باستثناء
معتقلي مدينة القدس، الذين لا يحتاج أفراد أسرهم لتصاريح زيارة للدخول
لإسرائيل. إضافة إلى منع الأهالي من إدخال بعض الاحتياجات الأساسية
والضرورية المسموح بها.
الحرمان من زيارة المحامين
كذلك يحرم الأسرى من زيارة محاميهم، ويأتي ذلك نتيجة للإجراءات
الأمنية التي تفرضها قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة،
حيث تفرض الإغلاق الشامل على القرى والمدن الفلسطينية. مما يعوق الحركة
والتنقل، فضلاً عن صعوبة الحصول على تصاريح خاصة بالزيارة إذ تقوم
سلطات الاحتلال العسكرية بعرقلة هذا الأمر في محاولة للضغط على الأسرى،
وإهانتهم وإذلالهم. ذلك بخلاف ما نص عليه المبدأ (17) من مجموعة
المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال
الاحتجاز أو السجن، الذي يقول: " يحق للشخص المحتجز أن يحصل على مساعدة
محامي. وتقوم السلطات المختصة بإبلاغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه
وتوفر له التسهيلات المعقولة لممارسته". وعلي سيبل المثال لا الحصر
منعت إدرة السجون خاصة خلال فترة اضراب الأسرى الذي استمر لمدة عشرين
يوما محامي جمعية انصار السجين من زيارة الأسرى داخل السجون.
من الإجراءات العقابية (النقل والعزل)
تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلية سياسية نقل الأسرى من سجن إلى آخر
في فترات متقاربة وهذا ما تميزت به الفترة السابقة خاصة في فترة
الإضراب امعانا منها في قمع الاسرى، وذلك لمنع حركة الاحتجاج كالإضراب،
أو للتخويف وخلق معيقات أمام زيارة الأهالي، مثل أن ينقل معتقل إلى سجن
نفحة الصحراوي، وهو من سكان شمال الضفة. كما تلجأ مديرية السجون إلى
عزل بعض المعتقلين في أقسام العزل أو في زنازين انفرادية، ويمنعوا من
زيارة الأهل أو الاختلاط مع بقية المعتقلين.
في حين يؤكد المبدأ 31 من القواعد الدنيا لمعاملة السجناء على أنّ:
" العقوبة الجسدية والعقوبة بالوضع في زنزانة مظلمة، وأية عقوبة قاسية
أو لاإنسانية أو مهينة، محظورة كلياً كعقوبات تأديبية".ووفقا للمعلومات
المتوافرة لدينا من خلال متابعتنا، فإنّ الأطفال يعيشون بشكل شبه منعزل
عن العالم، ذلك حتى لو كان صادر بحقهم حكم، وذلك لعدم توافر أدوات
اتصال من قبل إدارة المعتقل وحرمانهم من إدخال الجرائد والصحف.
الحرمان من استخدام الهاتف
ترفض سلطات الاحتلال طلب المعتقلين باستخدام الهاتف بذريعة الأمن
ورغم الوعود الكثيرة التي قطعتها مديرية السجون بدراسة الطلب، الذي
يعتبر أحد أهم مطالب الأسرى الفلسطينيين، خاصة في ظروف منع الأهالي من
الزيارة لفترة قد تصل إلى شهور طويلة، أو في حالة فقدان أحد الأقارب من
الدرجة الأولى(الأب، الأم، الأخوة والأخوات أو الزوجة والأبناء). غير
أنّ هذا المطلب يقابل بعدم الاستجابة والإهمال غالباً.
اقتحام غرف الأسرى والتفتيش ومصادرة
الممتلكات الشخصية
يتعرض المعتقلون إلى التفتيش الجسدي وخلع الملابس عند الخروج أو
العودة إلى السجن، ويتم مصادرة الأدوات الخاصة بالمعتقلين، مثل الملاعق
والدفاتر وصور أقاربهم والرسائل الخاصة. ذلك بعكس ما دعت إليه المادة
(43) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء { من اتخاذ التدابير
اللازمة للإبقاء على أشياء السجين وثيابه ونقوده وغيرها من متاع في
حالة جيدة، وأن تسجل في كشوفات وتوضع في حرز أمين}. يذكر أن الأسرى في
جميع السجون خاضوا اضرابات متكررة عن الطعام من أجل تحسين ظروفهم
الاعتقالية، غير أن إدارة السجن كانت تمعن في عقابهم من مصادرة أغراضهم
وحاجياتهم الشخصية.
الحرمان من التعليم
يعاني الأسرى من الانقطاع عن الدراسة بسبب حالة الاعتقال والعراقيل
التي تضعها إدارة السجون الإسرائيلية أمام إمكانية مواصلة تعليمهم وهم
في السجون. هذا على الرغم من قرار المحكمة المركزية الإسرائيلية في تل
أبيب، الذي سمح للأسرى الفلسطينيين المعتقلين بتلقي التعليم في السجن،
وذلك بعد نضال طويل من الأسرى أنفسهم بمساندة بقية الأسرى، وبعدد كبير
من محاميهم. غير أنّ إدارة السجون رفضت تطبيق هذا القرار، فلم تسمح
للمحامين بإحضار الكتب المدرسية، بينما سمحت بذلك للأهالي الممنوعين
أصلاً من الزيارة، ومن ثم فإن هذه الكتب لم ولن تصل أبداً.
الحرمان من استخدام المكتبة
يحرم الأسرى من استخدام المكتبة بشكل دائم، كما أنّ إدارة السجون
ترفض وتعرقل إدخال الكتب، وإذا ما سمحت بإدخال بعض الكتب فإن لديها
قائمة طويلة من الكتب الممنوع إدخالها إلى السجون. حيث أنها تسمح
بإدخال أنواع معينة من الكتب مثل الروايات الغرامية وكتب التسلية،علما
أن المادة (39) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، أعطت
الحق للسجين والمعتقل في مواصلة الإطلاع بانتظام على مجرى الأحداث ذات
الأهمية عن طريق الصحف اليومية أو الدورية.
الحرمان من تأدية الشعائر الدينية
يحرم الأسرى ومن بينهم من أداء الصلوات، كما يجري الاستهزاء
بمشاعرهم الدينية، كأن يمزق جنود الاحتلال المصاحف أو يبصقوا عليها.
ذلك بعكس ما ينص عليه المبدأ (3) من المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء،
الذي يشير إلى احترام المعتقدات الدينية للفئة التي ينتمي إليها
السجناء. كذلك بما يتنافى مع المادة 43 من القواعد النموذجية الدنيا
لمعاملة السجناء، التي سمحت لكل سجين بأداء فروض حياته الدينية وبحضور
الصلوات المقامة في السجن، وبحيازة كتب الشعائر والتربية الدينية التي
تأخذ بها طائفته.
الحرمان من النزهة (الفورة)
يحرم الأسرى الفلسطينيون عامة، من الخروج إلى نزهة ترويحية غالباً،
وتضييق تنفيذها إلى أضيق الحدود. بل يستخدم الحرمان من الخروج من
الغرفة إلى ساحة السجن، أو ما اصطلح على تسميته بالفورة أو النزهة،
لاستنشاق الهواء والتعرض للشمس، للضغط على الأسرى. خاصة وأن الزنازين
تفتقر إلى الشروط الصحية الدنيا التي تكفل لهم التمتع بالإضاءة
والتهوية الطبيعيتين. مما يتنافى مع المادة (31) من القواعد النموذجية
الدنيا لمعاملة السجناء، التي أعطت الحق لكل سجين في الحصول على ساعة
على الأقل في كل يوم يمارس فيها التمارين الرياضية المناسبة في الهواء
الطلق. كذلك توفير تربية رياضية وترفيهية، خلال الفترة المخصصة
للتمارين، للسجناء الأحداث وتوفير الأرض والمنشآت والمعدات المناسبة.
الاعتقال الإداري (الاعتقال دون توجيه تهمة)
أعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي العمل بسياسة الاعتقال الإداري بشكل
واسع بعد أن خفضت من مستوى استخدامها منذ سنوات، نتيجة الاحتجاجات
المحلية والدولية المتكررة ضدها. وبعد أن كانت تمارس بحق البالغين،
وبحق القاصرين في حالات محدودة، أصبحت سياسة الاعتقال الإداري للأسرى
الأطفال ظاهرة بادية للعيان، حيث تجاوز عدد المعتقلين الإداريين من
القاصرين العشرات. من الجدير بالذكر أن الاعتقال الإداري هو أسلوب
ابتدعته قوات الاحتلال الإسرائيلي وطبقته المحاكم العسكرية حيث أن هذا
الاعتقال يخول قوات الاحتلال من اعتقال أي شخص لمدد زمنية متفاوتة دون
توجيه أي تهمة بحقه وذلك بخلاف ما نصت عليه العديد من المواثيق
والمبادئ الدولية بهذا الخصوص التي منها المبدأ العاشر من مجموعة
المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال
الاحتجاز أو السجن، والذي ينص على أن: " يبلغ أي شخص يقبض عليه، وقت
إلقاء القبض، بسبب ذلك، ويبلغ على وجه السرعة بأية تهم تكون موجهة إليه".
إضافة إلى الفقرة (3) من المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية، التي أشارت إلى وجوب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه
بأسباب هذا التوقيف، وإبلاغه بأية تهمة توجه إليه. كما أن الفقرة (4)
من المادة نفسها أعطت للشخص المعتقل الحق في الرجوع إلى المحكمة لتفصل
دون إبطاء في قانونية اعتقاله. كذلك مع ما تضمنته الفقرة (ب) من المادة
(10) من نفس القانون من أن يحال الأحداث بالسرعة الممكنة إلى القضاء
للفصل في قضاياها.
قلة الطعام
يعاني الأسرى الأطفال من نقص حاد في كمية ونوعية الأطعمة وعدد
الوجبات المقدّمة، ما يضطرهم إلى الشراء من الكنتين، الأمر الذي يشكّل
عبئاً مادياً عليهم وعلى أسرهم.هذا على الرغم من أن إدارة السجن ملزمة
بتوفير وجبة طعام ذات قيمة غذائية كافية، جيدة النوعية وحسنة الإعداد،
لكل سجين في الساعات المعتادة، وذلك للحفاظ على صحته وقواه. كما يمنع
المعتقلون الأمنيون من تحضير الطعام، وترفض الإدارة السماح للسجناء
الأمنيين من التواجد في المطبخ، رغم أنّ الأمر يعد من الحقوق المكتسبة
منذ سنوات في السجون الإسرائيلية كافة.
الإهمال الطبي
لم يسلم من الإهمال الطبي أحد من الأسرى. فهناك ثمانية عشر معتقلاً
قاصراً، ومثلهم ثمانية عشر أسيرة، يعانون من أمراض مختلفة، وبعضهم
يحتاج أدوات طبية ملائمة، فيما يقتصر العلاج داخل السجون على تقديم حبة
الأكامول ( نوع من المسكنات يستخدم عادة لآلام الصداع)، بغض النظر عن
حجم ونوعية المرض. تشير المعلومات الواردة من السجون إلى أنّ الإهمال
الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين عامة، والأطفال منهم خاصة، وصلت إلى حد
إهمال النظافة العامة داخل الزنازين. ما أدى إلى تراكم القمامة وانتشار
الحشرات الضارة وزاد من احتمال انتشار الأمراض عن طريق العدوى وقلة
النظافة. إضافة إلى سوء مجاري الصرف الصحي، وقلة التهوية وعدم دخول
الشمس والهواء إلى الغرف، وانتشار الرطوبة والبرد الشديد في الشتاء
وقلة الأغطية وعدم صلاحية الفرشات التي ينام عليها الأسرى.
من جهة أخرى، إنّ الاعتداء الذي يتعرض له الأطفال الأسرى بالضرب
والركل والشبح تعرضهم للإصابة بأمراض وجروح متعددة لا تقابل بالعناية
الطبية اللازمة، في الوقت الذي يمارس عليهم ضغطاً نفسياً وعصبياً من
خلال الحبس الانفرادي، وعدم السماح لهم بالتزاور أو الخروج إلى النزهة،
وحرمانهم من زيارة ذويهم. الأمر الذي دفع بعضهم للانطواء والشعور
بالاكتئاب الحاد، مما يعطينا صورة عن الوضع النفسي والجسدي الذي يمكن
أن يكون عليه هؤلاء الأطفال عند خروجهم من السجن. كما تلجأ إدارة
السجون الإسرائيلية في كثير من الأحيان، خاصة عند القيام بإضرابات
جماعية بين الأسرى الفلسطينيين لتحسين شروط الاعتقال، إلى استخدام
الغاز المسيل للدموع لردعهم والضغط عليهم من أجل التنازل عن مطالبهم.
وحسب دراسات طبية، فإنً رش الغاز المسيل للدموع داخل الزنازين الضيقة
والمزدحمة، يجعلهم عرضة للإصابة بأمراض متعددة، كأمراض الرئة والربو.
وهذا ما أظهرته الفحوصات الطبية التي أجريت على عدد من الأسرى المحررين
الذين قضوا فترات طويلة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى وفاة
بعضهم، لإصابتهم بأمراض خطيرة لم يتم علاجها أثناء فترة اعتقالهم. تجدر
الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد أطباء مقيمون في السجون الإسرائيلية، مما
يحول دون توفير التشخيص الدقيق والسريع خاصة في الحالات التي تتطلب
نقلاً إلى المستشفيات، ويعني تدهور الحالة الصحية للأسير المريض مع
مرور الوقت، وكثيراً ما انتهى به الأمر إلى الوفاة. الأمثلة على ذلك
متعددة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: استشهاد الأسير فواز بلبل
المعتقل في سجن مجدو وذلك بتاريخ 16/9/2004 اثر تعرضه بجلطة دماغية
مفاجئة ونتيجة لعدم نقله إلى المستشفى بعدم مناشدات زملاء الأسير
لإدارة السجون بنقله إلى المستشفى لفحصه و إمكانية تقديم العلاج اللازم
له إلا أنه فارق الحياة بعد ساعتين من إصابته بالجلطة.
وكثير هي أساليب التعذيب أثناء التحقيق كوسيلة منع السجناء من النوم
وإطالة العذاب..فجميع الأسرى اعتقلوا في غياهب وظلمات وعزلة وفى ظروف
يموت فيها المعتقل في يومه مرات ومرات بالحرمان والتعذيب وضياع الأمل
في العدالة حيث لا تسأل عنهم دوائر حقوق الإنسان في عالم متقدم أو
متخلف.. ويبقى السؤال لماذا..؟ معلقاً ترنوا إليه الأعين حوصاء.. لأنها
لا ترتد بما يفيد شيئاً.. بينما مصلحة السجون الاسرائيلية لا تنفك
تبتدع.. أساليب تعذيب السجناء وإهانة إنسانيتهم. ولجنة حقوق الإنسان
التابعة للأمم المتحدة في مراقبتها لما يحدث داخل السجون المحبوس فيها
الفلسطينيون.. تتوق من على البعد خائفة. |