ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

يامطالبين بحقوق الانسان أنصفوا الاهوار وسكانها

د. غالب محمد رشيد الاسدي

تقع اهوار العراق في الجزء الجنوبي الشرقي من العراق في محافظات البصرة وذي قار وميسان، وهي عبارة عن مسطحات مائية باعماق مختلفة قد تصل في بعض الاماكن الى عمق اربعة او خمسة امتار تحوي على غابات متصلة لمسافات طويلة او متفرقة من نباتات القصب والبردي، فضلا عن تجمعات نباتية رائعة وجميلة لها مسميات محلية مثل الجولان وهو نبات اقل ارتفاعا من البردي والشنبلان وهو مسطحات نباتية خشنة اهم فوائدها غذا للاسماك والطيور المهاجرة وتصفي المياة من العوالق المختلفة، تحوي أهوار العراق على ثروة حيوانية ونباتية هائلة وكبيرة يعيش على خيراتها وانتاجها سكان الاهوار وملايين العراقيين الاخرين في مختلف محافظات العراق الاخرى، سكان الاهوار هم من القبائل العربية المعروفة يعود اصل اغلبها الى الفرع العدناني من العرب، استوطنت هذه المنطقة خلال حقب تاريخية موغلة في القدم، تكيفت مع طبيعة تلك المنطقة الخلابة واصبحت جزءا لايتجزء منها، لهم ثقافة مشتركة وتتحكم بهم الاعراف والتقاليد والعادات القبلية العربية المعروفة .

نشأة في اهوار العر اق اولى الحضارات البشرية وهي حضارة سومر العظيمة والتي قدمت للانسانية انجازات رائعة وبليغة في مختلف جوانب الحياة، القانونية والدينية، والادبية، والفنية، وغيرها كثير من المنجزات العظيمة التي تدين لها الحضارات الاخرى بالعرفان والتقدير مثل الكتابة المسمارية، وتوجد أثار ظاهرة وشاهدة للعيان حتى الآن، لم تؤثر عليها التقلبات والتغيرات في الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت على العراق اجمالا طوال الحقب التاريخية المختلفةعلى الرغم من تقادم الزمان والدهور، من هذه الاثار زقورة اور واريدو والايشانات ( كلمة سومرية تعني الارض المرتفعة فوق مستوى المياة المحيطة مثل ايشان حفيظ ) المختلفة في عمق الاهوار واثار اخرى لايعرف بها لا المختصون في علم الاثار او سكان الاهوار الاصليين

البيئة الطبيعية الخلابة وجمالها الاخاذ جعل منها مناطق سياحية تغري السياح من مختلف بقاع العالم للقدوم اليها، فضلا عن السياح من مختلف مناطق العراق الاخرى الذي يأتون على شكل سفرات سياحية جماعية او عائلية، ونتذكر تلك السفرات والرحلات التي كانت تاتي الى مدينة الجبايش لاسيما في فصل الربيع، وكان السياح يتمتعون كثيرا بطبيعة الاهوار وسحرها الخلاب، وكنا نقدم لهم اي مساعدة يطلبونها وندلهم على المناطق او الاهوار التي يريدون الوصول اليها، وقد كتب عن تلك المنطقة عديد من السياح والرحالة الغربيين الذين جاءوا لزيارتها او التعرف عليها، ولم يدعوا شيء من مكونات طبيعة ومجتمع الاهوار الاوتناولوه بالوصف والاسهاب والبحث العلمي، وقد كتب عديد منهم نظريات عن الاهوار وسكانها، وأثرت تلك الطبيعة على المثقفين والحاصلين على شهادات عليا من ابنائها فظهرت واضحة في ابداعاتهم الفنية التي قدموها، في التاليف او الادب او الرسم اوالمسرح اومختلف الفنون الجميلة الاخرى، بل واثرت ايضا على فلسفة الحياة لبعض المثقفين بما تحويه تلك الطبيعة من محتويات رومانسية تمثل الهدوء والتامل والهواء النقي والعليل وصفحات المياة الزرقاء الواسعة والرقراقة، فكانت تلك الاهوار منبعا فكريا فضلا عن منابعها الاخرى .

لقد تعرضت مناطق الاهوار الى حملات ومحاولات تدمير وازالة وابادة في حقب تاريخية مختلفة، كانت اشدها وطئا خلال حكم صدام حسين، الذي حاول ان يقضي على حضارة وطبيعة واقتصاد الاهوار لاسباب ومبررات سياسية في الظاهر، وعقدية وعنصرية وطائفية في الباطن، فاعتدى على جميع مكوناتها الطبيعية والسكانية والاقتصادية عندما قام بحملة منظمة لتجفيف تلك الاهوار عن طريق اغلاق مداخل نهري دجلة والفرات التي تغذي الاهوار بسدود ترابية عالية وطويلة صرف عليها مبالغ طائلة وجهد هندسي كبير في ظروف الحصار، فحدثت الجريمة الكبرى بجميع مراحلها، وقد كان كاتب هذه المقالة شاهد عيان على التغيرات التدميرية واللاانسانية التي رافقت تلك الجريمة، والتي لم نسمع في اعلام الدول العربية استنكارا او شجبا لها كما نسمع اليوم، وكأن عراق الامس افضل من عراق اليوم، لقد ولد وترعرع الكاتب في تلك البيئة الخلابة في مدينة الجبايش ونهل من طبيعتها ومجتمعها كل شيء مثله مثل ابناء الاهوار المنتشرين الآن في كثير من دول العالم نتيجة لهروبهم مضطرين لاراغبين من اضطهاد وملاحقة صدام واعوانه لهم، فعاش احلى سنين عمره في الطفولة والمراهقة وجزء من شبابه في هذه المدينة ولايزال يتواصل معها في اي فرصة، كانت تسمى هذه المدينة بمدينة الجزائر في العقود الخمسة الاولى من القرن الماضي، لانها كانت عبارة عن مجموعات من الجزر الصغيرة المبعثرة فوق المسطحات المائية الواسعة التي يتخذها سكان الاهوار مسكنا ببناء بيوت من القصب والبردي عليها، ثم بعد ذلك سميت المدينة بالجبايش وهو اسمها الحالي نسبة لعمليات ( التجبيش ) التي كان سكانها يقومون بها اثناء الفيضانات في فصول الصيف بين مدة واخرى نتيجة لفتح السدود على نهري دجلة والفرات في العراق او الدول التي يمران بها، والتجبيش هو وضع ورصف طبقات من القصب والبردي والتبن ( القصب والبردي القديم الذي يوجد في حضائر الحيوانات لونه بني غامق ) طبقات واحدة فوق الاخرى من اجل رفع مستوى البيت او مكان السكن فوق مستوى المياه .

تعرضت تلك المدينة الى ضغوط نفسية واجتماعية شديدة نتيجة لتلك الجريمة البشعة التي قام بها النظام البعثي، اولى هذه المشكلات التي عانى منها سكان هذه المدينة هي شحة المياه !! وياللعجب العجاب بعد ان كان الماء يحيط بهم من كل جانب وناحية اصبحوا يحفرون الابار في منتصف نهر الفرات المجفف والانهر المتفرعة منه والترع المتكونة من تلك الانهر (تسمى محليا الكرمه ) ليحصلوا على حاجتهم من ماء الشرب او الغسل، وكانت مأساة كبيرة لم يسمع او يعترض عليها كثير من المطالبين بحقوق الانسان الذين سمعوا بأنتهاكات حقوق الانسان في سجن ابو غريب مثلا . الجريمة الثانية تمثلت بقتل جماعي ووحشي يندى له جبين الانسانية للثرة الحيوانية التي ماتت عطشأ مثل الابقار والجاموس ( حيوان لايعيش الا بوجود الماء مثل فرس النهر ) فضلا عن قتل حيوانات اخرى تعيش في تلك المستنقعات مثل الخنزير وكلب الماء وانواع عديدة من الاسماء والطيور المهاجرة التي تاتي الى الاهوار من شتى بقاع الارض، وتعد تلك الجريمة من اكبر وافضع الجرائم وكان كاتب المقال شاهدا عليها، اذ كان سكان الاهوار يعيشون ويعتاشون عليها بشكل رئيس، فضلا عن انها كانت توفر مادة غذائية لملايين العراقيين من سكان المحافظات الاخرى، الجريمة الثالثة تمثلت بالقضاء على الثروة النباتية التي تحوي على نباتات قد لاتوجد في مكان اخر من العالم، وقد حدثت ابادة شاملة في هذا المجال . اما الجريمة الرابعة فقد كانت جريمة سكانية، اذ احرقت وابيدت قرى كاملة في اعماق الاهوار واطرافها، وتعرض سكانها الى شتى صنوف القمع والاضطهاد قادت الى هروب وفرار وانتقال عشرات الالاف الى اماكن اخرى وطلب اللجوء الانساني في مختلف دول العالم ومنها الجمهورية الاسلامية في ايران، او الانتقال للعمل وكسب لقمة العيش في مدن شمال الجنوب مثل الحلة والنجف وكربلاء ومدن وسط العراق مثل الفلوجة وتكريت وسامراء وبلد وريف بغداد، اذ عملوا في ميدان الزراعة التي لايتقنون غيرها في عديد من المزارع في هذه المدن بعضها لازلام النظام السابق، وتحملوا مختلف صنوف الاضطهاد والاستهزاء والتصغير والغربة من بعض سكان هذه المدن، ولم تهتز او تحرك ساكنا اي منظمة او جمعية من جمعيات حقوق الانسان التي تصول وتعول على بعض سكان هذه المدن الآن !! أنني لااقصد الإساءة لأحد من ابناء هذه المدن معاذ الله، ولكني ارفض واستنكر ازدواجية المعايير، فبني الانسان هو بني الانسان في كل مكان وزمان وانتهاك حقوقه جريمة تحتاج الى وقفة صلدة لردع الذين ينتهكون هذه الحقوق كأن من يكون دون محابات او مجاملات لاحد ونكران حق الاخر .

لقد عادت الاهوار بحلتها وزينتها المخملية من جديد بعد زوال النظام السابق، عادت تنتعش قليلا فقليلا، لكنها عودة منقوصة حتى الآن، وكي تعود طبيعة الاهوار وسكانها الى ما كانت علية قبل عقد التسعينيات يحتاج الامر الى تضافر الجهود من قبل المسئولين والمهتمين والقيمين سواء مؤسسات حكومية او منظمات مجتمع مدني، تلك الجهود تتطلب ان تؤكد على عدة محاور او جوانب كي يتم التغلب على العوائق التي تعيق تلك العودة المحمودة للاهوار وسكانها، والدعم المادي والمعنوي عامل رئيس ومهم في انجاحها، فضلا عن استخدام افضل الاساليب العلمية والتقنية الحديثة بعد دراسة علمية دقيق وموضوعية للمشاريع التي تنفذ في الاهوار، مجال الدعم المادي والمعنوي والبحث العلمي يمكن ان يتضمن في المحاور الآتية:

1- إنشاء مركز لبحوث الاهوار مرتبط بجهة رسمية، يدعم من منظمات المجتمع المدني ماديا ومعنويا على الاقل لمديات قصيرة حتى تتعافى الدولة العراقية، يتضمن برنامج عمل المركز جانبين، علمي يتعلق بالدراسات العلمية في مجالات الثروة الحيوانية والاسماك والطيور والتخطيط العمراني والنباتات، وجانب انساني يتعلق بالدراسات الانسانية في المجالات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والفنية والادبية لسكان الاهوار .

2- تشجيع ابناء الاهوار المهاجرين والمهجرين من العودة الى مناطق سكناهم الاصلية وتوفير جميع الامكانيات التي تشجعهم على ذلك، مثل بناء تجمعات سكانية قروية باحدث الاساليب العلمية ومزودة بوسائل التكييف والاتصال الحديثة، مع المحافظة على الطراز التراثي للبناء العمراني لبيوت السكن في الاهوار .

3- فتح مكاتب تثقيفية وإرشادية تشرف عليها وزارات الدولة لتثقيف ابناء الاهوار في مختلف مجالات حياتهم المحلية، مثل أساليب تربية الحيوانات الحديثة و أسس صيد الاسماك والطيور السليمة و أساليب الزراعة الحديثة فضلا عن الثقافة الدينية والصحية والعامة .

4- أنشاء وتشجيع الشركات الاستثمارية في مجالات السياحة في الاهوار وبناء المنتجعات والمخيمات السياحية وتشغيل اكبر عدد ممكن من ابناء الاهوار فيها مثلا مرشدين او ادلاء سياحيين، فضلا عن العناية بآثار الاهوار واعادة اعمارها بالشكل الصحيح والمناسب كي تكون ملائمة للسياحة والاصطياف .

اننا اذا اردنا ان ننصف سكان الاهوار ونعيد البسمة المسروقة الى شفاههم ونزيل عنهم غبار الزمن واثاره التي انعكست على بيئتهم ومعاناتهم، لابد لنا ان نقف وقفة صلدة وقوية ونتعاون جميعا من اجل تحقيق الهدف المنشود الذي سيعود مردوده الايجابي على الوطن الجريح وابنائه، وهو جزء من مشروع التنمية الكبير الذي يطالب به وسيسعى الى تحقيقه جميع الخيرين والمخلصين للعراق واهواره.

شبكة النبأ المعلوماتية -السبت 16/نيسان/2005 - 7/ ربيع الأول/1426