بدأت السلطات العراقية تطبيق إجراءات أمنية مشددة في أنحاء البلاد
استعدادا للانتخابات التي ستجرى داخل العراق يوم الأحد القادم، وتزامنت
هذه الإجراءات مع بدء العراقيين الذين يعيشون في الخارج الإدلاء
بأصواتهم في الانتخابات.
وسيبدأ تطبيق حظر جزئي للتجوال مساء اليوم الجمعة، الساعة 1500 بتوقيت
جرينتش، وقيود أخرى تستمر ثلاثة أيام.
ومن بين هذه الإجراءات إغلاق الحدود البرية العراقية ومطار بغداد
الدولي وحظر مرور المركبات المدنية يوم الانتخابات.
ويقول مراقبون في بغداد إن الناس أخذوا يخزنون الغذاء وهم يعلمون أن
سياراتهم سرعان ما ستمنع من المرور في أغلب الطرق تحسبا لوقوع هجمات
انتحارية.
ويقول قادة الجيش الأمريكي إنهم يعتقدون أن المسلحين يخططون لهجمات
مؤثرة لإثناء الناخبين عن المشاركة في الانتخابات.
وكان العراقيون في أستراليا أول الذين أدلوا بأصواتهم بين 280 ألف
عراقي في الخارج مسجلة أسماؤهم في 14 بلدا.
أما في إيران التي يوجد بها أكبر عدد من الناخبين العراقيين المسجلين
(60 ألفا) فقد اصطفت طوابير طويلة من الناخبين عند مراكز الاقتراع في
طهران.
ويأتي الإدلاء بالأصوات في الخارج بعد يأعمال عنف في العراق وقعت
الخميس، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا على الأقل.
لم يسجل سوى 15% من العراقيين الذين يعيشون في أستراليا أسماءهم
للتصويت وقد هدد مسلحون بالمزيد من الهجمات للحيلولة دون إجراء
الانتخابات في العراق.
وقال المسؤولون العراقيون إن 120 مراقبا دوليا سيشرفون على الانتخابات
التي تجرى الأحد.
ونقل عن جنرال أمريكي في العراق قوله إن القوة المتعددة الجنسيات ستوسع
قوتها الضاربة في الشوارع بمقدار الثلث في محاولة لتأمين الانتخابات.
وقال مسؤول في اللجنة الانتخابية العراقية المستقلة إن عددا من
السفارات الأجنبية ستقدم موظفين للعمل كمراقبين.
وقد تم نقل صناديق الاقتراع الخميس إلى أماكنها في جنوب العراق.
ومن جهة أخرى، قال الرئيس الأمريكي، جورج بوش، إن القوات الأمريكية
ستنسحب من العراق إذا طلبت الحكومة العراقية التي ستلي الانتخابات ذلك،
لكنه أضاف أنه يتوقع بقاء القوات الأمريكية.
وقال بوش في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز إنه حق مطلق لحكومة ذات
سيادة أن تتقدم بمثل هذا الطلب.
لكنه أضاف أنه يبدو أن الأفراد الذين يرجح أن يتولوا السلطة عقب
الانتخابات يتفهمون أنه ستكون هناك حاجة لبقاء قوات التحالف على الأقل
حتى "يصبح العراقيون قادرين على القتال".
كما اقترح مسؤول تنفيذي في الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة إرسال مبلغ
200 مليون يورو (261 مليون دولار) إضافي إلى العراق للمساعدة في جهود
إعادة الإعمار.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان: "هذا الإسهام الجديد إشارة إضافية
إلى عزم المفوضية على دعم المرحلة الانتقالية السياسية والاقتصادية في
العراق"، وعلى دعم الحكومة العراقية الجديدة بعد انتهاء الانتخابات.
وقالت بينيتا فيريرو والدنر، مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد
الأوروبي، إن الاتحاد الأوروبي يريد أن يكون شريكا مهما للإدارة
العراقية القادمة، مضيفة أن عام 2005 سيكون مرحلة انتقالية مهمة وحرجة
للعراقيين.
وخصص أكثر من نصف هذا المبلغ للخدمات الضرورية وخلق فرص عمل للمواطنين
العراقيين، كما خصص نحو 60 مليون دولار لإنشاء صندوق احتياط لاستخدام
الحكومة الجديدة.
وفي الشهر القادم، يتوقع أن يقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خططا
تعرض المساعدة بتدريب كبار ضباط الشرطة والقضاة العراقيين.
وقد سجل نحو 12 ألف عراقي أسماءهم للتصويت في أستراليا - وهو ما يشكل
15% فقط ممن يقدرون بثمانين ألف عراقي يحق لهم التصويت.
وقال مسؤولون في الجالية العراقية إن كثيرا من المغتربين لم يشاركوا في
الانتخابات، إما لعدم توفر مراكز انتخابية قريبة من محل سكناهم أو
لمخاوف أمنية تتعلق بسلامتهم الشخصية وسلامة أسرهم.
وهناك مراكز اقتراع في سيدني، كبرى المدن الأسترالية، فضلا عن مراكز
أخرى في ولاية فيكتوريا الجنوبية.
ويتعين على بعض الناخبين السفر لمسافات طويلة - تصل في بعض الأحيان إلى
عدة آلاف من الكيلومترات - ليتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، حسبما يقول
المراسلون.
وكان من أوائل المغتربين العراقيين الذين أدلوا بأصواتهم في سيدني
ربواف عزيز، 38 عاما، الذي يعيش في أستراليا منذ أكثر من عشرة أعوام.
وقال: "إذا أردت الحرية فعليك أن تكافح من أجلها. أنا أصوت للديمقراطية"،
وقد عرض إصبعه وعليه آثار الحبر الأزرق من جراء التصويت.
وقال ناخب آخر إن الانتخابات حلم تحقق أخيرا.
ويستمر تصويت العراقيين في الخارج من الجمعة وحتى الأحد.
ومن جهة أخرى، شهدت مدينة البصرة اليوم الجمعة استعراضا تجريبيا
للعملية الانتخابية بمشاركة نحو 200 مسؤول.
وتضمنت التجربة تطبيق ما سيتم في يوم الانتخابات، بدءا من دخول الناخب
إلى مراكز الاقتراع وصولا إلى إلقاء الورقة في صندوق الاقتراع.
كما تضمنت التجربة، التي أجريت في المركز الانتخابي في مدرسة التحرير،
الجانب الأمني وعملية انتشار المراقبين.
وقال عبد الصاحب البطاط، مسؤول المفوضية العليا المستقلة للانتخابات
العراقية في البصرة، إن كل شيء جاهز ليوم الانتخابات.
وأضاف: "نحن مستعدون، وقد أكملنا كل شيء لأجل إنجاح هذه الانتخابات
بشكل يعكس أهمية الجهد المبذول بهذا الجانب. وأعتقد أن كل شئ مهيأ الآن،
ونحن بانتظار يوم الأحد وما يحمله من بداية لمستقبل العراق".
يأتي ذلك في وقت شهدت فيه البصرة فجر اليوم الجمعة انفجارين في مركزين
انتخابيين جراء سقوط قذائف هاون عليهما. |