يمر الآن بالعراق إعصار سياسي لا تبدو ملامحه واضحة نتيجة لتوالي
عمليات الإرهاب العشوائي ضد طبقات شعب العراق المسحوقة التي يقوم بها
أعداء الشعب العراقي سواء كانوا من خونة العراقيين أو من خونة الشعوب
العربية.
ففي ظل هذه الظروف العصيبة الممزوجة بأمل إجراء الانتخابات العراقية
بعد زهاء شهر من الآن وتحديداً في يوم 30 كانون الثاني 2005م فإن تلك
الظروف المفروضة بإرهابها على العراقيين دون تمييز بين أن يقتل طفل أو
امرأة أو كبير في السن يلاحظ أن الإعلام العربي السلبي الذي يعرف
مديروه والآمرون به أن شعباً عانى من الاضطهاد والمظالم بمثل ما عاناه
شعب العراق لم يُخلق بعد فشعب العراق الذي فقد أكثر من (4) ملايين نسمة
خلال فترة لم تتجاوز أكثر من ثلاثة عقود ونصف من السنين وتشرد عن
البلاد بما لا يقل عن (6) ملايين شخص لأن الخطة الاستعمارية التي أكفل
تطبيقها نظام صدام وفريقه السياسي المشبوه لم تحرك جرائم النظام شعرة
واحدة في جلد (أبناء العمومة) من العربان الجهال الذي ثبت أنهم يتربصون
الهوينا بالشعب العراقي ولا يتمنون خيراً له رغم العيب الكبير في ذلك
والأكبر منه ما يعني اتخاذ موقف هو ضد الشعب العراقي.
ولذا يلاحظ أن سلاح الشائعات الإعلامية التي تضعف موقف الحكومة
العراقية المؤقتة مما يجري من عمليات إرهابية تحاول على صعيد البثوث
الإعلامية أن تجمل مواقف المجرمين الذين يتجاسرون على حق الشعب العراقي
أن يعيش مستقراً في بلده كبقية شعوب الأرض ويبدأ هذا التجاسر من تسمية
أولئك الإرهابيين الاستعماريين ومن جهلة المبادئ وضحالة المستوى
السياسي فيسمون عصابات الإرهاب (بالمقاومة والمقاومين) مع أن تلك
التسمية إن صحت فهي تقاوم الشعب العراقي المبتلى بطرفي نقيض السياسة من
العراق فهناك قوى الاحتلال التي لو أنصفت العراقيين من حيث أن إزالة
حكم الفريق السياسي الصدامي كان ينبغي أن ترافقه إجراءات لا تثير
الريبة حول أهداف الغرب الذي زامن موضوع تغيير الحكم في العراق بتطبيق
مبادئ العولمة وليس الاحتلال إضافة إلى أن قوى الاحتلال الأنكلو –
بريطانية لم تأخذ بعض الأمور الحيوية عقب اجتياحها الأرض العراقية دون
مقاومة جادة إذ بدأ المشهد أن اتفاقاً سرياً قد عقدته تلك القوى
الأجنبية مع النظام لقاء عدم المساس بحياتهم إذا ما تم إلقاء القبض
عليهم وعلى اعتبار أن الغرب لا ينسى دور أصدقائه الذين خانوا الشعب
العراقي وانتموا إلى التنظيم السياسي الصدامي.
والمشهد السياسي الآن هو بث إشاعة وراء إشاعة وكلها توضح أن
الإرهابيين من الحنكة حيث يصعب التعرف عليهم بسهولة ناهيكم أنهم وبعد
كل إجراء عملية لا يتركون أثراً على فعلتهم فالانفجارات غالباً ما تتم
بواسطة سيارات مفخخة والشخص المجهول أو الأشخاص المجهولون الذين يقومون
بأداء التفجيرات يموتون من أثر الانفجار ذاته مما يصعب التعرف على
الفاعلين الذين هم حتماً من عناصر وفلول النظام السياسي الصدامي الفاشل.
ولعل من مفارقة الزمن السياسي أن أغلب الإعلاميات العربية لا تسمى
جهال السياسة والإرهابيين في العراق بتسميتهم كـ(مرتزقة) أو ... أو
عصابات السياسة بل تطلق عليهم تسمية المقاومين مكافأة لهم على إجرامهم
ضد شعب العراق في حين تتقول شخصيات إعلامية أن تلك المقاومة وهي غير
مقاومة على أية حال بإنها قد أثبتت جدارتها ضد المحتلين مع أن المحتلين
لم يتأثروا إلا لماماً بأحداث العراق. |