العراق الآن بلا أصدقاء حقيقيين ولكن أعداؤه المحتملون كثيرون.
فرغم أن إجراء الانتخابات العراقية الشاملة المقرر إجراؤها في نهاية
شهر كانون الثاني 2005م القادم فما ينبغي هو أن لا يغيب عن البال أن
إجرائها وتوقيت إجرائها يأتي ضمن تطبيق نص ورد تحديده في الدستور
العراقي المؤقت الذي تعمل الآن بموجبه وعلى تحقيق بنوده الأولية
الحكومة العراقية المؤقتة.
وإن لقرار الحكومة المؤقتة في بغداد إجراء الانتخابات في موعدها قد
عكس أملاً كبيراً لدى الرأي العام العراقي وارتياحاً بالغاً لدى
المجتمع الدولي نظراً لكون الانتخابات تعتبر حالة متقدمة لشعب يريد
الاستقرار في وطنه بعد أن ضاق به سُبل الأمرين على أيادي الطغمة
الصدامية الملطخة بدماء الشعب العراقي.
وحيث أن هيئة الأمم المتحدة وعلى لسان أمينها العام (أنان) قد تم
التأييد لإجراء الانتخابات بموعدها بوقت بادر فيه أكثر من رئيس دولة في
العالم مع شخصيات معروفة تأييدها لضرورة الالتزام بموعد الانتخابات فما
يبعث على السرور أيضاً أن تمهيدات بدأت تظهر من قبل الفرق العراقية
المنتخبة المشتركة فيها إذ أخذ أكثر من فريق سياسي مرشح لها يدعوا
للتعريف بمبادئ قائمته الانتخابية أمام الرأي العام الداخلي وهذا شيء
حسن خصوصاً وإن اللوائح المشتركة في الانتخابات ستشهد خلال اليومين 28
و29 من شهر كانون الثاني 2005م المقبل المنافسة الإعلامية بين تلك
الفرق وهي في حال ذروة الدعاية لها.
وبإجراء الانتخابات وفقاً لأسلوب الديمقراطية الحقيقية حيث ستتاح
الفرصة كاملة أمام الناخبين ليختاروا مرشحيهم دون أي ضغط فهذا ما يذكر
كيف أن انتخابات العهد الصدامي وفريقه السياسي الإرهابي كانت تجبر
الناخبين أن يدلوا بأصواتهم لصالح اسم صدام حسقيل وتحت قوة التهديد
بالنفوذ الإجرامي الحكومي مع أن أحد منافساً لم يكن أصلاً على لائحة
تلك الانتخابات وبتلك الطريقة فقد كانت نسبة المنتخبين لـ(صدام) هي
(100%) لكن ما كان يعتري صدام وبطانته من تزييف على نوع تلك الانتخابات
المهزلة أن يجعلهم أن النسبة كانت 99.99% وبحساب السلطة آنذاك في طريقة
التعامل مع الشعب العراقي فإن الذي لا يعجبه يضرب رأسه بالحائط!).
هذا في حين أن الانتخابات القادمة والتي تحدث لأول مرة في تاريخ
العراق المعاصر فإن موضوع الانتخابات سيكون حراً تماماً إذا أن أي فائز
فيها لا ينظر له على كونه سني أو شيعي أو مسيحي أو صابئ عربي أم كردي
أم تركماني.. إلى أخره.. وأعداء العراق يعرفون ذلك وهم موقنون تماماً
أن إقدام الحكومة المؤقتة في العراق على إجراء خطوة الانتخابات ستكون
قد تخطت كثيراً من العوائق فالانتخابات ستفتح لها كل الأبواب المغلقة
وبأكثر من مجال لذلك فإن هؤلاء الأعداء الذين لا يريدون الخير للعراق
تراهم يقفون اليوم حائلاً دون تحقيق هذا الأمل الوطني الكبير الذي اسمه
ليس إجراء الانتخابات فحسب بل وما ستسفر عنه من أجواء ومكاسب إيجابية
وعلى أكثر من صعيد.
وفكرة الانتخابات هي في جانب منها كسر لفتنة محتملة ممكن أن تضرّ
بالعراق لذا فالانتخابات إذا ما أنجزت بمشيئة الله سبحانه وتعالى فإن
كل من سيشارك فيها سواء من المرشحين لإشغال مقاعد المسؤولية في المجلس
الوطني العراقي أو الناخبين الذين انتخبوهم ينبغي أن تقترن بمنح هؤلاء
جميعاً مكافأة معنوية هي تقدير شعب العراق لهم والمكافئة المعنوية هي
أعلى من أي مكافئة مالية أو مادية ممكن أن يحصل عليها أي سياسي وطني
مسالم. |