بعد أن سحبت سلطة الأضواء الإعلامية اللماعة من شخص صدام أثر ما ظهر
من على شاشات التلفزة بذاك الحال المزري حيث اللحية الكثة وهو ملقى
القبض عليه ويسير ببطء شديد جاراً وراؤه عار سياسته الرعناء وجرائمه
المفتعلة ضد الشعب العراقي. منها أن أحداثاً ستعقب وجوده الآن في السجن.
ففي يوم الخميس 16 كانون الأول الجاري 2004م سمح لأحد محامي الدفاع
عن صدام ويدعى المحامي خليل الدليمي بمقابلة صدام في مكان لا يتوقع قسم
المتابعة أن يكون سجنه الحقيقي ذاته إذ استغرق اللقاء أربع ساعات ونصف
الساعة وأسفر عن توكيل صدام المحامي الدليمي الذي هو أحد أعضاء فريق
المحامين المدافعين عن صدام وفي تصريح توضيحي فقد أفاد مصدر قدمته
إذاعة B.B.C على كونه الناطق الرسمي باسم فريق المحامين المدافعين عن
صدام يوم الأحد 19 كانون الأول 2004 الجاري وبث عدة مرات ضمن نشرات
الأخبار إذ أجاب على عدة أسئلة لمندوبة الإذاعة البريطانية المذكورة
حيث استبان أنه من خلال حديثه يتكلم بنفس لهجة الفريق السياسي المشبوه
الذي كان يرأسه صدام وبلهجة عراقية صرفة مما يدل أنه أحد أعضاء الفريق
السياسي الصدامي (أي البعثي) فقد أوحى بكلامه وكأن العراق قد تم
احتلاله عسكرياً من قبل القوات الأمريكية في حين أغفل ذكر اسم (القوات
البريطانية) تماماً في محاولة ضمنية للتركيز على أحد طرفي الاحتلال
أمريكا وإبعاد بريطانيا عن حقيقة الاحتلال الواقع الذي يرفضه بطبيعة
الحال كل عراقي وطني لكن المفارقة بقيت في حديث الناطق الرسمي المذكور
العبور على حقيقة كون العراق في عهد صدام وفريقه السياسي العميل كان
يقوم بدور المحتل الاستعماري على شعب العراق ومقدراتهما بصورة غير
مباشرة.
ولعل من الغريب الذي رافق تصريح الناطق الرسمي باسم جماعة الدفاع عن
صدام أنه سيطالب مع فريقه من المحامين إنهاء الاحتلال وإعادة الأمور
والأوضاع في العراق إلى ما كانت عليه متناسياً أن مثل هذا الادعاء هو
نفس غاية الإرهابيين العاملين في العراق الآن سواء كانت غايتهم كما هو
مقدر من الفريق السياسي الصدامي أو من الأقلية الذين استجلبوا من خارج
العراق حيث أن اللعبة السياسية الاستعمارية الجارية الآن في البلاد
مستمرة ربما بغاية تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق أو بلدان كما تتوقع بعض
الجهات المحللة للوضع العراقي العام.
إن مأساة العراقيين ما تزال في العديد من جوانبها محاطة بالعديد من
الهرطقات السياسية المشبوهة فلأول مرة في تاريخ السياسات العربية
والدولية أن يظهر مجموعة من المحامين الذين يفترض أن يدافعوا عن
المظلومين لكن هذه المرة يدافعون فيها عن الظالمين وقد سبق الإعلان لدى
مصادر غربية بريطانية وأمريكية من أن صدام سيحاكم شخصياً في أواخر سنة
2006م إن حصلت هيئة الدفاع عن صدام منذ أشهر إذ أعضاءها البالغ عددها
آنذاك 61 محامياً عربياً على حماية خاصة داخل العراق بحسب ما أذاعته
سابقاً وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وما يمكن إضافته لمحاكمة صدام المرتقبة بُعيد إعلان نتائج
الانتخابات العراقية التي ستجري في غضون شهر من الآن هو الذي سيكون
وذلك لأن فترة ما بعد الانتخابات لا تدع مجالاً لمسوغ قانوني من تأجيل
محاكمة صدام الذي اقترف الأخطاء والخطايا الكبيرة ضد شعبه. |