كثافة النشاطات التي تبذلها الحكومة العراقية المؤقتة حالياً تعطي
أكثر من معنى لزيادة الأمل بأداءاتها السياسية من أجل إعادة العراق إلى
وجه المشرق الذي كان قبل وصول الفريق السياسي إلى دست الحكم في العراق
بالانقلابيين المشبوهين سنة 1963م وسنة 1968م.
ويبدو المشهد السياسي أن موضوع التأكيد فيه على ضرورة إنجاز عملية
الانتخابات في موعدها بنهاية شهر كانون الثاني 2005م هو الذي يشكل
خلفية المهمة التي تتحرك من غايتها قيادة الحكومة المؤقتة ببغداد ومن
جانبه أعلن (توني بلير) رئيس الوزراء البريطاني في مؤتمره الصحفي
الشهري مؤخراً: (نريد الانتخابات في موعدها المقرر ونأمل لمشاركة كل
الأطراف حيث أن الانتخابات ستوفر جواً مختلفاً داخل العراق وخارجه فرغم
المشاكل الأمنية لا نستطيع التخلي عن الانتخابات وإلا خلقنا حقبة جديدة
من عدم الاستقرار، وكلام عند الرأي العام السائد لدى الحكومة
البريطانية يعني التأكيد من طرف غير علني أن بريطانيا الحديثة ما تزال
لها اليد الطولى التي تفتح منها أصابعها لتؤشر على ما تريده في العراق
الذي استعمرته سابقاً على مرحلتين الأولى علنية مباشرة إبان العهد
الملكي والثانية سرية وغير مباشرة أثر انقلاب 1963م وثم أثر انقلاب
1968 اللذان قادهما جواسيس الاستعمار المتمثلين بالفريق السياسي الذي
سيطر على كراسي الحكم إبان تلك الفترتين.
وبذا فبوسط مخاوف من ارتفاع وتيرة الإرهاب الذي يخفي غاية تقسيم
العراق إلى مناطق نفوذ أن يؤجل إجراء الانتخابات إلا إن هذا الأجل
مازال ضعيفاً فالمفوضية العليا للانتخابات مددت فترة تسجيل المرشحين
لـ(عشرة أيام) جديدة.
ولأجل توفير حالة من الاطمئنان إلى أن العراق بحكومته المؤقتة سينهي
حالة الإرباك السياسي – الاجتماعي داخل البلاد نتيجة للتصعيد النذل
للعمليات الإرهابية فقد سافر إياد علاوي صبيحة يوم الأربعاء 1 كانون
الأول 2004م إلى العاصمة الأردنية عمان للالتقاء برموز من المعارضة
العراقية والذين يرشح أن يكونوا من الإرهابيين الذين قادوا العمليات
الإجرامية في محاولة للتحرك لعزل السلطة القائمة عن الشعب لكن تلك
المحاولات قد فشلت وهي تحمل عار الهزيمة ولم يكتب لها أي نجاح يذكر بعد
أن نالت عصابات الإرهاب في منطقة اللطيفية لعنة العار التي أصابت
القائمين عليها.
لقد صرح (علاوي) رئيس الوزراء (من أن عملية الفلوجة قلصت الجريمة
فعلاً) وأن هناك شيء من السرية تحاط بها الأمور فيحتمل أن يكون ضمن وفد
ما يسمى بالمعارضة العراقية عناصر مجرمة ممن قامت بترتيب انفجار جرائم
الإرهاب في العراق وان الاستدلال على شخوصهم ليست مسألة سهلة.
إن الإرهاب في العراق لا يشرف أحداً والمفروض بالمعارضين المجرمين
وجهلة السياسة ومرتزقة وفلول النظام السابق أن يكونوا قد أيدوا عملية
التغيير التي جرت في العراق لأن العهد الجديد سيوفر حالة من الإصلاحات
في العراق لم تكن لتحدث لو بقي النظام السابق مستمراً على دست الحكم
العراقي لكن ارتزاقهم وتبعيتهم الجاهلية للنظام الصدامي المجرم هي التي
حالت دون ذلك وما ترتيب هذا اللقاء في عمان مع علاوي إلا لأخذ تعهد من
حكومته كي لا يتعرض لهم أحد في حال انضمامهم إلى صف السلطة القائمة
الآن.
من ناحية ثانية فإن اجتماعاً لوزراء داخلية بلدان الجوار العراقي
يعقد في طهران لشرح ما هو مستجد وما ينبغي عمله للسيطرة على حدود
العراق كل حسب طول الحدود للبلد الذي يجاوره من أجل منع الإرهابيين من
تدنيس أرض العراق.
وأن ما لا ينكر أن هناك شبه يأس لدى بعض المواطنين العراقيين
العاديين ممن لا يستبعدوا حدوث مفاجأة ما قد تحيل العراق إلى بؤرة صراع
جديدة إلا أن شيئاً من الحكمة السياسية لدى الحكومة العراقية المؤقتة
قد بدت تظهر حين ركنت في مؤتمر شرم الشيخ بمصر ومؤتمر وزراء الداخلية
المحيطة بلدانهم بالعراق الموضوع الحساس بعدم اتهام دول مجاورة بدعم
الإرهابيين في العراق الذي ستشرق فيه شمس الحرية آجلاً. |