على غرار مقولة (ما أكثر العبر وأقل الاعتبار) يمكننا درج مقولة
العصر (ما أكثر الكلام وأقل الفعل) حيث ازدياد الندوات والمؤتمرات
واللقاءات والبرامج والدراسات عن المرأة وحقوقها الإنسانية الكاملة
والتي منها حمايتها من الأمراض المعدية والفتاكة كمرض الإيدز، إذ
المرأة أو النساء أكثر عرضة بيولوجياً من الرجال للإصابة بعدوى الإيدز
حيث إن انتقال العدوى من الرجل للمرأة أسهل من حدوث العكس، كما أن
ملايين الفتيات في كل أنحاء العالم لا يتاح لهن الحصول على النصائح
الطبية اللازمة لحماية أنفسهن من الإصابة بالمرض.
إن التطور الاجتماعي التاريخي يشهد أن تحلل المرأة وخروجها عن النسق
المتكامل مع طبائعها الأنثوية، هو السبب الأساسي في دمار الأمم
والحضارات، فمع انتشار موضة العري والحرية الجنسية انتشرت الرذائل
الاجتماعية، وانبثقت مع هذه الممارسات الأمراض الجسدية، والنفسية
والروحية في المجتمعات حتى رأينا عدد المستشفيات النفسية تزداد طردياً
مع ازدياد التفلت الجنسي، ورأينا عدد المصابين بالإيدز يزداد طرداً مع
ازدياد حرية المرأة، حريتها في نسف عفتها وطهارتها ودورها المقدس في
حياة الرجل والمجتمعات والحضارات...
وخلافاً للوعودات والقرارات يبدو أن القرن الحادي والعشرين لم ينقص
من أعداد المصابين بل رفع من أعدادهم ففي عام (2004م) تسبب مرض الإيدز
بوفاة أكثر من ثلاثة ملايين شخص وارتفع عدد المصابين إلى قرابة الـ(40)
مليون شخص وما زال ينتشر كوباء أكثر فتكاً ويصيب عدداً متزايداً من
النساء في العالم، وتمثل النساء اليوم قرابة نصف الراشدين من إيجابيي
المصل حاملي الفيروس أو المرضى بالإيدز المقدر عددهم بنحو (39.4) مليون
في العالم بحسب التقرير السنوي الصادر عن البرنامج المشترك للأمم
المتحدة.
وتعتبر هذه المنظمة أن لا أمل في السيطرة على الوباء (إن لم توضع
النساء في صلب التحرك) وإن لم يكافح التمييز الذي يقعن ضحيته غالباً
ويحرمهن من التعليم والعناية الصحية.
وفي عدد كبير من الدول يصعب على النساء رفض العلاقات الجنسية
المحفوفة بالمخاطر أو فرض استخدام الواقي مع العلم أن عدد النساء
اللواتي يحملن الفيروس ازداد خلال السنتين الأخيرتين في كل مناطق
العالم وسجلت أكبر النسب في شرق آسيا (56%) وذلك ينسب إلى الصين إلى حد
كبير وفي أوروبا الشرقية (48%) يُعزى خصوصاً إلى روسيا وأوكرانيا.
لكن إصابة النساء بالوباء أو تأنيث الوباء إذا صح التعبير الوارد في
التقرير السنوي للبرنامج أكثر بروزاً في مناطق جنوب الصحراء الأفريقية،
وفي أفريقيا فإن حوالي (60%) من الراشدين (من فئات الأعمال بين 15 و49
عاماً) الذين يحملون فيروس الإيدز من النساء أي ما يوازي (13.3) مليوناً
وثلاثة أرباع (76%) الشبان المصابين (15 إلى 24 عاماً) هم من الفتيات
والشابات كما جاء في التقرير.
وفي روسيا حيث يتفشى الوباء بوتيرة (سريعة) فإن أكثر من ثلث
المصابين سجلوا لدى الإناث في (2003م) مقابل أقل من الربع قبل عام من
ذلك.
وفي العالم تنتقل العدوى إلى معظمهن عبر تصرفات مجازفة ومعرّضة
للخطر من قبل شريكهن بدون أن يكون لهن أي سيطرة عليها عملياً، إضافة
إلى آفة الجهل هناك ظاهرة العنف أو الإكراه التي تترافق مع أول تجربة
جنسية بالنسبة للعديد من الفتيات. وعلى سبيل المثال فإن (24%) من
الشابات في البيرو يؤكدن أن أول علاقة جنسية لهن كانت تحت الإكراه بحسب
تحقيقات أجريت في المناطق الريفية.
يبقى أن في (2004) تم إحصاء خمسة ملايين إصابة جديدة بفيروس الإيدز
في العالم بينها (650) ألف طفل كما سجلت (3.1) ملايين وفاة وهو أمر
مخيف ومثير للقلق بحسب المنظمة.
وفي مجال العلاج فالأمم المتحدة والمنظمات الأخرى المساعدة في دعم
الدواء مما قلل سعرها من (600) دولار للمريض الواحد إلى (150) دولار
مشكور سعيها وجهودها، لكن لا بأس بتجربة العلاج الجذري الديني الذي
يركز على تأصيل العفة والشهامة والفضيلة في نفوس البشر نساءً ورجالاً
مما له دور رئيسي وفعّال في تحديد أو تبديد الأعداد المتكاثرة من
المصابين. |