لا يشك أحد من المؤمنين أن الإسلام هو دين واحد وما تعداد مذاهبه
إلا ترجمة لنظرة تقترب من روح الدين وأحياناً تبتعد قليلاً عن دون قصد
مسبق لما تحكم الاجتهاد الشخصي في تفسير فصول الحياة.
والإسلام الذي بدأ كـ(دين واحد) دون أي مذهب فرعي في عهد رسول الله
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصر على أسسه أهل بيته الأطهار (عليهم
السلام) وأمتد لعشرات ومئات السنين تفاجأ المجتمع الإسلامي أن دينهم
بدأ ينتقل من موقع الدين الإسلامي الشمولي الذي كان على عهد النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) ثم استكماله على يد أهل بيته إلى موقع أكثر من
مجتهد إسلامي فظهرت عدة مذاهب رئيسية كـ(الحنفية) و(الحنبلية)
و(الشافعية).. و(المالكية).. ولكن ضمن خط واحد سمي كل منها بـ(المذهب
السني) الذي تنوعت مدارسه لأكثر من مذهب مقابل ما أطلق على الإسلام
المحمدي المتمثل بالتمسك به من قبل أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) بواسطة أئمة الهدى الذين تصدرهم الإمام علي (عليهم السلام)
والقديسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وذريتهما التي انتهت بإمام
الزمان محمد المهدي (عجل الله فرجه المنتظر).
والعراق الذي شهد ظهور المذاهب الإسلامية السنية على يد (الشيخ
نعمان) و(الشيخ بن حنبل) و(الشيخ الشافعي) ومذاهب أخرى تتفرع منها قد
بقيت محصورة على نسبة من السكان المسلمين لا تتجاوز الـ20% وعبر معظم
الأزمنة السابقة والحالية في حين أن بقية النسبة البالغة (80) تقريباً
من المسلمين قد بقوا ملتزمون بإسلام النبي محمد (صلى الله عليه وآله
وسلم) عبر أئمة أهل بيته (عليهم السلام) ورغم أن الفارق السكاني
بالنسبة المئوية بقي لصالح كفة الناس الذين هم محسوبون على مذهب أهل
البيت المحمديين (عليهم السلام) إلا إن ما لوحظ أن الإيثار والترفع عن
جاه السلطة كان رائداً لدى التجمعات عند مذهبيي أهل البيت (عليهم
السلام) الذي سموا بـ(الشيعة) أو (الجعفرية) أو (الاثني عشرية) وهناك
تسميات أخرى تستمد من هذه المعاني حتى ليمكن القول أن عشائر معينة يمكن
اعتبارها سنية وأخرى شيعية تقابلها لكن صراعاً بين ذوي المذاهب
الإسلامية لم يحدث بسبب روح الإيثار عند الطرفين الذي كان وما زال
سائداً بين الناس العراقيين.
ومن ظواهر المذهبية الإسلامية في العراق أن عدداً من العشائر
منقسمون أهلها بين اعتناق المبدأ الشيعي أو أحد مبادئ (السنة).
واليوم فلأن الظروف السياسية في العراق صعبة ولدرجة لم تخطر على بال
أبداً منذ سقوط نظام صدام البائد وفريقه السياسي المشبوه فإن أي خلاف
على المستوى الاجتماعي بين كافة المسلمين في العراق لم يثر وأن ما وقع
ويقع أحياناً من أحداث فإن لا خلفية إسلامية لها بل يمكن عزو ذلك
لمدارس السياسة المعاصرة في العراق وليس إلى مذهب إسلامي محدد إذ أن
الإخاء العراقي في عموميته لا ينظر لأي اختلاف من معتنقات الإسلام على
كونه ند للآخر بل يستكمل أحدهما الآخر ووحدة مسلمي العراق على اختلاف
مذاهبهم فيها من الرقي والصفاء والوحدة ما يدعوا إلى الفخر. |