كشف تقرير ميداني لمراسلين من وكالة الصحافة الفرنسية رافقوا دخول
القوات الامريكية والعراقية الى الفلوجة، عن مدى الفظاعات الوحشية
المرتكبة من قبل الارهابيين الذين اختطفوا المدينة وحولوها الى بؤرة
لممارسة كل انواع الشذوذ، من ذبح وبتر وتقطيع وتمثيل في الجثث، وهو ما
ادى الى ان تدخل هذه المدينة فصلا من الجحيم منذ نحو نصف عام. وتحولت
الفلوجة التي كانت تشتهر بمساجدها الى مدينة للموت والدمار والاعدام
وتناثرت الجثث في شوارعها بعد قتال شرس وعثرت فيها القوات الامريكية
والعراقية على اكثر من 27 جثة لاشخاص اعدموا وقطعت سيقانهم او اذرعهم
بعد ان احتجزهم خاطفوهم رهائن، وطبقوا عليهم فيما يبدو رؤيتهم الخاصة
لقطع الأيدي والأرجل من خلاف!
كما عثرت القوات الامريكية والعراقية على سجنين على الاقل والعديد
من غرف الاعدام.
وكان المسلحون الاسلاميون اختطفوا اكثر من 150 اجنبيا في العراق منذ
ابريل الماضي عندما احبط هجوم شنته قوات المارينز الامريكية على
الفلوجة بعد التوصل الى وقف هش لاطلاق النار.وقد اعدمت 30 رهينة على
الاقل كان اخرها الرهينة البريطانية الايرلندية مارغريت حسن التي كانت
تعمل في منظمة «كير» للاغاثة.
وكانت غرف الاعدام تلك هي عبارة عن غرف نوم او جلوس في منازل في
احياء الطبقة المتوسطة وضع فيها المتطرفون الاسلاميون زنزانات من
القضبان الحديدية حيث قتلوا رهائنهم باطلاق الرصاص عليهم او قطع رؤوسهم.
ويعتقد ان احدى غرف الاعدام التي كشف عنها المارينز واطلق عليها اسم
«المسلخ» كانت تستخدم من قبل مجموعة ابو مصعب الزرقاوي الارهابية لقطع
رؤوس الرهائن الاجانب الذين كان من بينهم رجل الاعمال الامريكي نيكولاس
بيرغ الذي عثر على جثته في مطلع مايو الماضي، طبقا للكولونيل باتريك
مالاي من مشاة البحرية (المارينز).
ونسفت قوات المارينز المنزل الواقع بين محل للاثاث وأحد المتاجر قبل
ان يتمكن الصحافيون من زيارته، بسبب وجود كميات كبيرة من الذخيرة داخله.
الا ان الكابتن اد بيتانغا الذي عثرت السرية التي يقودها المؤلفة من
100 من رجال المارينز على تلك الغرفة، اوضح سبب الاعتقاد بان تلك
الغرفة كانت تستخدم من قبل مجموعة الزرقاوي.
وقال ان الجدران كانت مطلية باللون الابيض وعلق عليها لافتة
باللونين الاسود والذهبي تحمل اسم «التوحيد والجهاد»وهو الاسم السابق
لجماعة الزرقاوي قبل تغييره الى «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين».
واضاف بيتانغا لوكالة فرانس برس ان الغرفة كانت ملطخة ببقع صغيرة من
الدماء.
وقبل ان يغادر رجال المارينز المبنى سمعوا طرقا على الجدار مما
دفعهم الى القيام بعملية تفتيش ادت الى العثور على رجل موثق اليدين في
الحمام قال لهم انه سائق تاكسي.
وفي مبنى اخر عثر رجال المارينز على رجل محتجز في حمام وكان من
عائلة غنية من بغداد.وكان الخاطفون طالبوا بفدية مقدارها 250 الف دولار
لاطلاق سراحه.
وقال سيرجنت في سرية بيتانغا «قال لنا الرجل (اريد العودة الى
العراق) فقلنا له انه في العراق، فتفاجأ بذلك لان خاطفيه كانوا سوريين».
ووصف السيرجنت المبنى بانه مركز عمليات للمسلحين.وقد تم العثور على
10 مصانع لصنع القنابل على الاقل وعشرة مواقع للعمليات في القطاع
الشمالي الغربي من الفلوجة، طبقا لما صرح به ضباط في المارينز لوكالة
فرانس برس.
وقال بيتانغا ان رجاله عثروا على سائق سوري كان يعمل مع الصحافيين
الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، بينما كان يركض في شوارع
الفلوجة بعدما اطلق الخاطفون سراحه.
وكان مسلحون اختطفوا السائق مع الصحافيين مدة اسبوعين في منزل
ولكنهم نقلوهم الى موقع اخر فيما بعد، طبقا لبيتانغا وقال السائق ان
الخاطفين كانوا يحتجزون العديد من السجناء في ذلك المنزل.
وعثر المارينز على سجن اخر الجمعة وتمكن صحافيو فرانس برس من زيارته
بعد ساعة من اكتشافه.
وكان رجال المارينز الذين كانوا يقومون بدورية في منطقة الجولان
شمال الفلوجة سمعوا صراخا وصيحات من مبنى تعرض للقصف.وعندما دخلوا
المبنى وجدوا ثلاث زنزانات بقبضان حديدية وجدران علاها السواد.وعثروا
على جثتين محترقتين لرجلين قتل احدهما باطلاق النار على رأسه. اما ساقا
الاخر فقط قطعتا ولكنه ربما توفي بنيران القصف الامريكي، طبقا لضابط
استخبارات.
ونجا رجلان يعانيان من اعاقة عقلية من الموت هما خميس واحمد عيسوي
وتم اخراجهما من زنزانتيهما وهما يعانيان من الهزال الشديد فقد حرما من
الطعام ستة ايام.وقال ابن عمهما انهما اعتقلا بتهمة مساعدة الامريكيين.
وكانت عمليات القتل في الفلوجة تشبه احيانا تلك التي تمارسها
العصابات.فقد عثر يوم الاثنين على جثث لـ12 رجلا في منزلين، حيث عثر
على ستة في غرفة جلوس وعلى الستة الاخرين في غرفة نوم وكانت الجثث
مربوطة الى بعضها ومكومة فوق بعضها.
والى جانب احدى غرف الاعدام تم العثور على سبعة رجال عراقيين
محتجزين في منزل من الطوب الاصفر تحيط به الزهور والاعشاب
الطويلة.واشتم هؤلاء رائحة الجثث في الغرفة المجاورة وبدت على وجوههم
اثار الصدمة.
وقال السيرجنت غاري كادوتو «لقد بدا عليهم الوهن والخوف والضياع».
وقال احد الناجين لفرانس برس ان المسلحين جمعوهم تحت تهديد السلاح
وعندما رفضوا القتال قالوا لهم «سنعلمكم ما سيحصل بكم عندما ترفضون».
وقال شخص اخر «لقد ضربوني»وكشف عن رضوض في عنقه.
وقال احد ضباط الاستخبارات في المارينز انه يعتقد ان هؤلاء كانوا
ينتظرون دورهم ليقتلوا على يد المسلحين. |