لم تعلم عائلة الشيخ عمر جمعة أن ابنها كان في العراق حتى تلقوا
اتصالا هاتفيا في منتصف الليل لابلاغهم أن ابنهم توفي أثناء القتال في
صفوف رجال أبو مصعب الزرقاوي حليف القاعدة.
وعمر البالغ من العمر 35 عاما أردني مثل الزرقاوي وقد قاتل لمدة عام
مع متشددين اسلاميين اخرين لطرد القوات الاجنبية بقيادة الولايات
المتحدة من العراق. الا ان عائلته لم تعلم أبدا شيئا عن هذا.
وقال والده يوسف جمعة "قال لنا انه ذاهب الى السعودية للعمل في
التدريس."
ويشير جمعة (64 عاما) الى أن ابنه كان شديد التدين وحفظ القرآن
الكريم وهو في الثالثة عشر من العمر. الا أن أحدا في عائلته لم يتوقع
أبدا أن يتجه الى الجهاد.
وأعلنت جماعة الزرقاوي مسؤوليتها عن ذبح عدد من الرهائن الاجانب
وبعض من أعنف الهجمات الانتحارية الدموية في العراق بعد الغزو الامريكي.
ويعتقد ان رجاله يشكلون عصب المقاتلين المناوئين للقوات الامريكية
والسلطات العراقية وهم خليط من قوميين عراقيين ومسلمين من السنة موالين
للرئيس المعزول صدام حسين.
وتقول الولايات المتحدة ان المقاتلين العرب مثل عمر المدفوعين
بمشاعر دينية قوية والتزام ايديولوجي وراء بعض من اسوأ الهجمات.
ومثل باقي المتطوعين الاردنيين الذين احتفظوا بخطط "الجهاد" سرا قال
بهاء يحيي (23 عاما) بطل الملاكمة انه ذاهب للمشاركة في دورة رياضية في
بيروت.
وعندما وصل الى العراق اتصل باسرته هاتفيا وأبلغهم بمكان خطاب أخفاه
ليقرأوه بعد وفاته.
وقال يحيي في الخطاب الذي فتحته عائلته بعد موته في سبتمبر أيلول "احتاج
الى دعوات امي واخوتي وأود أن أبلغهم بأن العالم يحارب ديننا."
لقد حارب يحيى القوات الامريكية في الفلوجة معقل مقاومة القوات
الامريكية والسلطات العراقية.
وتشن القوات الامريكية هجوما كاسحا على الفلوجة منذ الاسبوع الماضي
لاستعادة السيطرة على المدينة. الا أن القادة الامريكيين قالوا انهم
يعتقدون أن قادة المسلحين هربوا قبل الهجوم تاركين وراءهم قادة الصف
الثاني لقيادة ما بين ألفين وثلاثة الاف مقاتل بقوا في المدينة.
وبعض المقاتلين عادوا الى بلدانهم مثل الاردني ابراهيم سالم الذي
تحدث بتحفظ عن اسبوعين امضاهما في الفلوجة مع جماعة انصار الاسلام وهي
من بين أكثر الجماعات نشاطا.
لقد دفع مقتل قائد عراقي سالم للعودة الى عمان لكن بعدما أصبح خبيرا
في اعداد وتفجير السيارات الملغومة.
وقال سالم "حدثت فوضى بعد مقتل قائدنا والمجاهدين قالوا لنا انه من
الافضل لنا العودة الان الى بلادنا. الا أنني أنتظر فرصة اخرى."
ويقول النشطاء المسلمون ان الغزو الامريكي للعراق في العام الماضي
أثار غضب الشبان المسلمين الذين يريدون الانتقام لمقتل المدنيين
العراقيين برصاص القوات الامريكية.
وقال ياسين ربيع وهو نشط اسلامي له صلات بالمقاتلين العراقيين في
الصحراء الغربية قرب مدينة الرمادي "انني مصمم على معاقبة الطغاة وأود
لو يذوقوا ما تجرعناه كي يتوقفوا عن قتل نسائنا واطفالنا."
ويقول مسؤولو الامن الاردنيين ان مئات من "المجاهدين" الاردنيين
اتجهوا للعراق منذ الغزو الامريكي في العام الماضي للانضمام الى جماعات
المتشددين السنة.
ويقولون ان العراق اكثر جذبا "للمجاهدين الجدد" بكثير من افغانستان
التي كانت قبلة جيل من الاسلاميين اتجهوا لمحاربة الشيوعيين السوفيت في
الثمانينات.
وقال مسؤول أمني كبير "العراق ساحة مفتوحة للجهاديين لمواجهة امريكا
مباشرة. في غضون ساعات قليلة يمكن للمتطوعين ان يتركوا بلدانهم ويجدوا
أنفسهم في قلب المعركة" بالعراق.
لقد وفر العراق فرصة للمتشددين الاسلاميين من أجل الاستشهاد. اذ
يمكن الوصول اليه بسهولة كما أن العدو في كل مكان. انه مكان يتجاوز في
اغرائه للمجاهدين ساحات مثل الاراضي الفلسطينية أو الشيشان كخيار
للقتال تحت راية الجهاد.
وقال ضابط مخابرات أردني سابق "الامريكيون أعطوا للمتشددين الفرصة
التي حلموا بها طويلا .. فقد قدم اليهم عدوهم الان."
وأفرز صراع العراق جيلا جديدا من المتشددين المستعدين لاستخدام أبشع
أنواع العنف مثل قطع الرؤوس كسلاح لترويع "الكفار" نفسيا.
وقال الشيخ يوسف الخطيب رجل الدين الاسلامي "لقد حول (صراع العراق)
رجال دين وشبان معتدلين عقيدتهم قوية لم يكونوا يتحملون مشهد الدماء
الى مفجرين انتحاريين وجلادين."
وبالنسبة لكثير من الاصوليين الاردنيين فان مخاطر العراق تزيد من
عزمهم على التوجه الى هناك. ويتخلى بعضهم عن حياة عملية ناجحة وأطفال
صغار من أجل الجهاد.
وهم يكنون كل التقدير للزرقاوي. قال علي خريصات بعد أداء الصلاة في
مسجد بمدينة السلط الاردنية التي غادرها عشرات الشبان للقتال في العراق
"الشيخ الزرقاوي امامنا ... زعيمنا. انه يريق دماء اعداء الاسلام كما
لم يفعل مجاهد اخر."
المصدر: رويترز |