(الانتخابات حديثنا
هذه الأيام) بهذه العبارة بدأتنا إحدى الأخوات اللائى التقيناهن في
سياق تحقيقنا التالي .. ويبدو أن الأمر كذلك بالفعل، فمعظم من
التقيناهن أبدن اهتماما واضحا بهذه المسألة الحساسة..
الانتخابات لم تجر في السابق على مستوى حر، بل
طالما أرغم المواطن العراقي
عليها تحت طائلة التهديدات التي لا تنتهي..
ولكنها المرة الأولى التي يشعر فيها الإنسان
العراقي أن بإمكانه أن يصوت أو لا يصوت..
هذه الحرية في اختيار الموقف جعلت الأمر يبدو
أكثر جاذبية..
ولكن أين دور المرأة العراقية من الانتخابات ..
ما هو رأيها.. ما هي أفكارها؟..
هذا ما نحاول التعرف عليه من خلال اللقاءات
التالية التي أجريت مع سيدات عراقيات..
السيدة
سوسن البراك قالت حول الانتخابات: برأيي أن الانتخابات ضرورية ومهمة
جدا.. أتوقع حصول بعض الممارسات السيئة، وربما يكون هناك تزوير
بالانتخابات، ودعني أقول لك أن التزوير إذا حدث بنسبة 50% فالانتخابات
ناجحة بتقديري، طالما أنها تفوت الفرصة على من يريد العبث بالأمن
العراقي..
هناك عناصر تريد إبقاء الاحتلال من خلال دعوتها لتعطيل الانتخابات..
السلطة الشرعية هي الخيار الذي سينهي الاحتلال، أما الحكومة غير
المنتخبة فهي ستكون ضعيفة ومنهكة وبالتالي ستكون المبرر لبقاء الاحتلال..
وأضافت: لا بد من توعية الناس.. تعريفهم بالأشخاص الذين سينضمون
للقوائم الانتخابية.. كما حذرت من حصول عمليات شراء أصوات، طالما أن
الوعي الانتخابي والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن ليس بالمستوى العالي
لحد الآن..
كما قالت: هناك تجميع للآراء تحت واجهات متعددة.. الناس لا يدرون ما
يجري حولهم في بعض الأحيان وقد يحدث أن يستغل البعض ذلك فيسرق أصواتهم
تحت مسميات عديدة..
أما السيدة نسرين الفتلاوي فقالت: نتمنى أن تجرى الانتخابات في موعدها
المحدد، فنحن كنا على الدوام ب انتظار
هذه الممارسة التي ظلت حكرا على الشعوب المتحضرة، وربما آن الأوان كي
نلحق بركب هذه الشعوب..
كل العراقيين أو أغلبهم يتمنون أن يمارسوا حقهم باختيار جمعية وطنية
تمثلهم وتنبثق عن رغبتهم هم ولا تفرض عليهم من الخارج، وإذا تعلق الأمر
بالطوائف التي اضطهدت سابقا وعلى مدى عشرات بل مئات السنين فالأمر يبدو
ملحا أكثر طالما أن الانتخابات تعني المساواة ولا تعني الاستبداد
والديكتاتورية..
الانتخابات المقبلة هي الممارسة الأولى بالنسبة للعراقيين وعليهم أن
يصروا عليها ويطالبوا بها بكل قوة..
وعن الوضع الأمني وفيما إذا كان حجة مقبولة لمنع إجراء الانتخابات أو
تأجيلها، أضافت السيدة نسرين الفتلاوي قائلة: الوضع الأمني ليس مهيئا
بدرجة مطلقة، ولكن هذا لا يعني إلغاء إجراء الانتخابات أو منعها، لا
على العكس ربما يكون الخلل الأمني الذي نراه اليوم عاملا ضاغطا من أجل
إجراء الانتخابات وليس العكس، فأي تأخير فيها يعني تأخير ببقاء قوات
الاحتلال وبالتالي، فإن العراق سيبقى محتلا، وهو ما يزيد الوضع الأمني
تدهورا ويخلق حججا إضافية لاندلاع أعمال عنف..
بالإضافة إلى ذلك لا
يمكن
جعل الوضع الأمني ذريعة لتأجيل الانتخابات لمن يريدون أن يجعلوه كذلك..
وأكدت السيدة نسرين أن مشاركة المرأة ستكون واسعة في الانتخابات
المقبلة، وقالت: من خلال دورنا في أوساط النساء بالمجتمع نحن نحث
النساء اللواتي نلتقي بهن على المشاركة في الانتخابات، وأظن أن للمرأة
دور مهم، وربما أهم من دور الرجل في هذه الاتجاه، فالمرأة في الأسرة هي
أم وزوجة، وأخت، وبالتالي فهي يمكن أن تدفع أفراد أسرتها باتجاه
المشاركة فيها، وهذا ما نحث النساء عليه في الندوات التي نعقدها في
الأوساط النسوية.. هل تصدق إن بعض النساء أخذن يبكين ونحن نحثهن على
المشاركة في الانتخابات؟!..
واحدة من كبيرات السن وهي من سكنة أطراف مدينة النجف قالت لي: لو
اضطررت إلى السير على قدمي حتى مركز المدينة كي أصل المركز الانتخابي
لما ترددت، من أجل أن أدلي بصوتي، سيما وأن الناس باتوا يدركون أهمية
الفتوى التي أطلقها آية الله العظمى السيد علي السيستاني، الناس يقولون
أن الصلاة يمكن أن تقضى ولكن المشاركة بالانتخابات لا يمكن قضاؤها..
السيدة باسمة كاظم: الانتخابات في الوقت الحاضر مسألة حياة أو موت، نحن
نمر في مرحلة حرجة والمفروض أن يتكاتف الجميع من أجل إنجاح هذا المشروع
الذي يتوقف عليه مشروع العراق الجديد ففشل الانتخابات لا سمح الله يعني
إغراق العراق في دهليز مظلم وإن ذهبت إلى أبعد من ذلك فسأقول إن
تأجيلها أو إلغائها يعني إطلاق رصاصة الموت على عراق يحتضر، على الطلاب
والعمال، على المرأة والرجل على
حد
سواء أن يثبتوا أنهم على درجة عالية من تحمل المسؤولية من خلال
مشاركتهم الفعلية الفاعلة في الانتخابات المقبلة، وياحبذا لو كثفت
الجهود في الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية والمساجد لتوعية الناس
بضرورة الانتخابات وحراجة المرحلة..
هي فرصة تاريخية ربما لن تتكرر، فالعراق اليوم إما أن يكون ديمقراطيا
تعدديا يكون للعراقيين دور في إدارة دفته السياسية وإما يعود لسنوات
الضياع والقهر والحرمان، وهذا متوقف على مدى مشاركة العراقيين أنفسهم
بتفعيل العملية السياسية من خلال الانتخابات المقبلة...
وأوصت السيدة باسمة كاظم قائلة: بلحاظ الموقف الشرعي المتمثل بفتوى
سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني وباقي المراجع الكبار،
كسماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي، واليعقوبي والمدرسي
وغيرهم، فالمشاركة بالانتخابات أصبحت واجبا شرعيا كبقية الواجبات
الشرعية وربما أهم من بعضها، لذا أوصي المرأة العراقية تحديدا بما لها
من دور كبير في المجتمع والأسرة، أوصيها بالمشاركة والتشجيع عليها ..
السيدة فاطمة محسن: هذا الموضوع حديثنا الدائم، أو يصبح كذلك يوما بعد
آخر، فالانتخابات اكتسبت أهميتها من أهمية المرحلة التي مررنا ونمر بها،
هي خطوة جاءت بعد سنوات من التغييب والإقصاء والقهر، وبعد هذا الكم
الهائل من الموت والدمار والقتل الجماعي، بعد الحروب والحصار والتجويع
وتخريب العراق.. بعد كل هذا من الممكن أن نستعيد العراق فيكون لأهله
دور في إدارته، من هذه الأهمية نحرص على أن نشارك في الانتخابات، لأنها
تعني استعادة للعراق.. تحرير لنا..
إظهار العراقيين بوجه آخر للعالم الذي رآنا من خلال شاشات التلفاز بعيد
سقوط صدام، فلم يفرق بين ما أصرت بعض القنوات المغرضة على إظهاره، وبين
العراقيين الحقيقيين .. علينا أن ننتخب ونصر على الانتخاب من أجل هذه
العوامل وغيرها..
وتضيف: هذا فضلا عن أن المرجعية الرشيدة قد أصدرت أوامرها بوجوب
المشاركة بالانتخابات وعلى ما أعتقد أن العراقيين كانوا على الدوام
يمتثلون لأوامر المرجعية ويبذلون الغالي والرخيص في سبيل هذا الصرح
الديني والحضاري الكبير، وبالتالي فأظن أن الانتخابات ستنجح وسيشارك
بها معظم العراقيين، ومن مختلف طوائف الشعب العراقي وأديانه، طالما
هناك احترام وتنسيق متبادل بين رجال الدين وغيرهم من شخصيات المجتمع
العراقي..
وعن الوضع الأمني قالت: الوضع الأمني لن يلغي الانتخابات إذا ما وجد
العزم على ذلك.. في السابق كان صدام يمنع أداء الزيارة والفرائض
العبادية الأخرى، ولكن شبابنا ونساؤنا كانوا يصرون على أدائها، وما هذا
العدد الهائل من القبور التي اكتشفت في المقابر الجماعية إلا تأكيد
لهذه الحقيقة التي لا يمكن أن تغطى بغربال، إذن من باب أولى أن نضحي أن
تطلب الأمر لنختم الأمر بالحسنى ونجني ثمار التضحيات الكبيرة التي
امتدت عشرات السنين، من الواجب أن لا نتقاعس فتذهب تضحياتنا سدى والأمر
يتطلب وقفة واحدة لا أكثر..
السيدة عدوية كاظم: كنا دائما نسمع بالانتخابات الحرة النزيهة، نعم في
الوقت السابق، أقصد في زمن النظام الساقط كنا نمارس الانتخابات، ولكن
كيف؟ نمارسها حسبما تريد السلطة وليس حسبما نريد نحن.. نذهب لانتخاب
صدام وحده، فهو المرشح الوحيد، ومن لم ينتخبه أو من لم يحضر الانتخابات
يعرض نفسه لعواقب مميتة، أقلها أنه يموت جوعا بعد سحب البطاقة
التموينية منه..
كنا وقتها نطالب بأن نمارس الانتخابات مثل بقية الشعوب الحرة.. بالطبع
كنا نتكلم بيننا وفي جلساتنا الخاصة فلم يجرؤ أحد على انتقاد النظام
إلا وعرض حياته للخطر.. ولكن اليوم هاهي الفرصة مواتية، وكأن الباري
تعالى استجاب لدعواتنا وتضحياتنا، فما المطلوب؟.. المطلوب أن نسهم
جميعا بالمشاركة كي ننجح هذه الخطوة.. كي نقول للناس أننا لانقل شأنا
وتحضرا عن باقي الشعوب الحرة وأننا يمكن أن نقود بلدنا ونسير شؤونه وأن
صدام ليس إلها كما يحاول البعض أن يوحين، حين يتهم العراقيين بأنهم(
قطيع أغنام) لا يصلح لقيادته إلا صدام...
نحن شعب له تاريخه وثقافته.. ويكفينا فخرا أننا علمنا العالم كيف يكتب
ويقرأ، فالحرف الأول كان عراقيا.. علينا أن نثبت ذلك، هذا فضلا عن أن
هناك محاولات لإفشال التجربة الديمقراطية في العراق، وإعادة
الديكتاتورية إليه، وبما أن هذا الأمر لن يكون فالزمن لا يعود للوراء،
والعراقيون اليوم ليسوا كما كانوا مطلع القرن الماضي، غير أن التجربة
يمكن أن تتعثر إذا تقاعس العراقيون ولم يشاركوا في صنع مستقبل بلدهم..
وأضافت السيدة عدوية كاظم: المرأة لها ثقلها في الأسرة وفي الشارع وهي
تفوق من حيث العدد الرجل، لذلك مشاركتها ضرورية ويجب أن نعمل على
توعيتها من أجل المشاركة بصنع مستقبل أفضل..
للأسف ألاحظ في أوساط النساء إصرار على التشكيك بالانتخابات.. هو تشكيك
مسبق ربما يعود للتجربة المرة التي عاشها العراقيون مع السلطات السابقة،
نحن لم ندرك أن الوضع تغير وأن السلطة هي غير السلطة، وهذه السلبية
تؤدي إلى عواقب خطيرة..
نحن نلاحظ أن المرأة الأمريكية تشارك بالانتخابات وتقف منتظرة على
أبواب الدوائر الانتخابية من أجل الإدلاء بصوتها وربما رغم برودة الطقس
هناك، ولكن المرأة العراقية للأسف أو بعض النساء العراقيات لا يشعرن
بقيمة هذه التجربة وأثرها في تحديد مستقبل العراق..
أوصي أختي المرأة العراقية أن تنتخب وتحض على المشاركة بالانتخابات وأن
لاتكون سلبية وبليدة وضجرة .. لنتصور أن هناك سيئين سيشاركون في ترشيح
أنفسهم، فلماذا ننتخب السيئين.. الأمر يتعلق بنا نحن.. نحن من ينتخب
وليس سوانا، وإذا كنا نظن أن الانتخابات لن تكون نزيهة بما فيه الكفاية،
فهذا لا يعني أنها ستزور في كل
الدوائر، ولماذا نضع الاحتمالات السوداء والسيئة أمامنا.. لماذا لا
نتفاءل..
والله أنا استغرب من البعض حين يكون سلبيا تجاه كل شئ .. هذه السلبية
هي التي جاءت بصدام وبسواه..
ولكن مع ذلك أعتقد أن فتوى سماحة السيد السيستاني جاءت لتؤكد أهمية
الانتخابات ولتدفع باتجاهها وأرى أن لهذه الفتوى قوة بحيث تدفع معظم
العراقيين للمشاركة في الانتخابات..
ـــ هذا إذن هو رأي المرأة العراقية التي عانت ما عانت من الصعوبات
والأزمات ومحاولات السحق والتدمير والإغراق بكل ما هو مأزوم .. ربما
الشيء الرائع في استطلاع آراء المرأة العراقية هو هذا الوعي الذي بدأ
يتأصل لديها، والنظرة الواعية لما يجري حولها، وهو أمر مهم بالنسبة
للمجتمع والأسرة.. |