ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

ضد الانتخابات؟ لماذا؟

نــزار حيدر

الذين يرفضون أن تجري الانتخابات العامة في موعدها المحدد، على أنواع، وهم بمجموعهم، يمثلون الاقلية بكل المقاييس، أما أغلبية الشعب العراقي، فقد عبرت عن رغبتها وإصرارها على الالتزام بموعدها، والمقرر بداية العام الميلادي الجديد، مهما كان الثمن .

فمنهم الارهابيون الذين لازالوا يواصلون جرائمهم ضد الشعب العراقي بهدف عرقلة الانتخابات، وكل ما يرتبط بتقدم العملية السياسية .

فهؤلاء لايفهمون سوى لغة القتل والتدمير والسيارات المفخخة وحزالرؤوس والتمثيل بالجثث وإطلاق القذائف والصواريخ بشكل عشوائي، لتقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء، لزرع الخوف والرعب في نفوس الناس، يدعمهم في ذلك، الفكر السلفي التكفيري المتخلف والمتحجر، الذي ركب الدين مطية لتحقيق أهدافه المشبوهة وغيرالمشروعة، والفتوى الدينية الطائفية الحاقدة، والمال الحرام المسروق من قوت الشعوب المغلوب على أمرها، وعدد لا بأس به من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية، يهمها أن يبقى العراق قلقا، لايستقر فيه نظام سياسي ديمقراطي تعددي يعتمد صندوق الاقتراع وقبة البرلمان، ليتم من خلالها، تداول السلطة بين العراقيين، بشكل سليم وسلمي، بعيدا عن لعبة الانقلابات العسكرية ــ السرقات المسلحة ــ .

ومنهم فلول النظام الشمولي البائد، من القوميين العنصريين والطائفيين المتعصبين، الذين يسعون لإعادة عقارب الزمن الى الوراء، لتعود السلطة بيد الأقلية، من دون أن يكون للأغلبية، أي دور يذكر .

إنهم لا يقدرون على إستيعاب التغيير الجذري الذي يشهده العراق الجديد، يشترك في إدارة شؤونه كل العراقيين من دون إستثناء، بغض النظر عن الانتماء القومي أو الديني، أو الاتجاه السياسي والفكري، إنهم لا يستوعبون رؤية العراق الجديد، إما بسبب مرض في عقولهم، أو إنحراف في التفكير، أو خطأ في الحسابات يعميهم عن رؤية الحقائق الجديدة على الأرض، كما هي .

ومنهم الذين يعترضون على إجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد، لأسباب سياسية وأدلة منطقية، وحجج وبراهين واقعية، يسوقونها في إطار إختلاف الرأي، الذي يجب أن لا يفسد للود قضية، في العراق الجديد، وهم يسوقون أدلتهم بإتزان ومقبولية ومعقولية، فلا يكفرون الآخر الذي يصر على إجرائها، ولا يخونون من يختلف معهم في الرؤية، ولا يسبون ولا يشتمون ولا يهرجون ضدها، بأي شكل من الأشكال .

لن أحاور هنا، النوعين الأول والثاني، لأن منطقهم مرفوض وأساليبهم غير مقبولة ووسائلهم خارجة عن نطاق الحوار العلمي الرصين والحريص على مستقبل البلد، فهؤلاء، نهايتهم الى أفن وسعيهم الى جهنم وبئس المصير، كما وصفهم بذلك أحد علماء السنة المتنورين .

إنما سأصب حديثي هنا، مع النوع الثالث، الذي يوظف الحجة والدليل والمنطق، ليجتهد في الرأي ويختلف في الموقف، من دون أن يلجأ إلى العنف والارهاب، أو يسخر وسائل القتل ويوظف سياسة التسقيط، لفرض رأي أو إجبار أحد بتبني موقف ما.

وقبل ذلك، أود أن أشير إلى الحقائق التالية؛ أولا ـ ليس كل من يعارض إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، هو ضد التغيير، فالاختلاف في وجهات النظر، حالة صحية، لازالت في إطار الرأي والرأي الآخر .

كما أنه ليس كل من يصر على إجرائها في موعدها المحدد، عميل للاحتلال، أو أن  له مصالح خاصة يسعى لجنيها وتحقيقها من خلال صندوق الاقتراع.

يلزم أن نتعامل بحسن نية، مع كل الآراء، مهما اختلفت أو تقاطعت، لازالت لم ترفع السلاح أو ترهب الآخر، فلا نتهم أحدا بنواياه، ولا نشكك بدوافع أحد أو نحاكمه على ضميره المستتر، بل لا بد أن نثق بكلا الطرفين ـ المؤيد والمعارض ـ، ونفترض فيهما حرصا وطنيا ونوايا حسنة، هي التي تملي عليه موقفه، أما سرائر النفوس، فلا يعلم بها إلا رب العزة والجلال، فلماذا ننازعه رداءه ؟.

ثانيا ـ من حق أي مواطن عراقي ـ مرجعا كان أم مقلدا، هيئة أم مؤسسة، حزبا سياسيا أم فردا ـ أن يبدي رأيه في الانتخابات ـ مؤيدا أو معارضا ـ، ولكن ليس من حق أي أحد أن يحتكر الحقيقة، فيعتبر، مثلا، أن رأيه هو الحق وأن رأي الآخرين على باطل، أو أنه يفكر بحرص وطني عال، وأن الآخرين ينطلقون من ذواتهم ومصالح طوائفهم أو أحزابهم، أو أن رأيه فقط يعبرعن صوت الوطن والمواطن، وأن بقية الآراء صدى لصوت المحتل، وهكذا .

إن من حق أي مواطن أن يؤيد الانتخابات في موعدها فيشترك فيها، أو يعارضها فلا يشترك فيها فتلك مسؤوليته الدينية والوطنية، ولكن ليس من حق أي أحد أن يرعب الآخرين بالفتوى الدينية، أو يرهبهم بالسلاح، لتأييد الانتخابات والاشتراك فيها، أو لرفضها ومقاطعتها، لا فرق .

ثالثا ـ لا يجوز لأحد أن يعين نفسه أو حزبه وهيئته ـ لا فرق ـ ممثلا عن الشعب العراقي بأي شكل من الأشكال، مهما اتسعت قاعدته الشعبية، أو امتد تاريخه الجهادي أو النضالي في عمق الزمن، فالمواطن العراقي لا يمثله أحد الآن، حتى يقف أمام صندوق الاقتراع ليدلي برأيه، وينتخب من يمثله .

لندع مزايدات التمثيل جانبا، فالعراقي لم يفوض أحدا حتى الآن ليتحدث بالنيابة عنه، وبدلا من الانشغال بلعبة التمثيل الممجوجة التي مل منها العراقيون، تعالوا نعمل معا من أجل أن نمكن المواطن من الوقوف أمام صندوق الاقتراع، ليدلي برأيه لمن يثق فيه، وعندها ليتحدث من يشاء عما يمثل في الساحة، أما الآن فكل يمثل نفسه أو جماعته التي إنتمت اليه، لا أكثر ولا أقل .

أما أن يدعي كل من هب ودب، بأنه ضميرالعراقيين، وأنه دون سواه، يمثل آراءهم ومواقفهم، وأن الباقين لا يمثلون إلا أنفسهم، فهذا كلام هراء يشبه إلى حد بعيد منطق الطاغية الذليل الذي عثر عليه حيا في قبره، وكل الأنظمة الاستبدادية الشمولية، التي تدعي ما ليس لها أو فيها .

رابعا ـ العراقيون الرافضون، كذلك، على نوعين، بغض النظر عما يمثل كل فريق؛ فقسم منهم يرفضونها بالمطلق، فهم لا يريدون أن يحتكموا الى صندوق الاقتراع، الذي يعتبرونه أداة فضيحة، ستكشف عن الكثير من المستور، سواء على صعيد نسبة التمثيل، أو حجم الثقل الاجتماعي الذي يدعونه، أو مقدار التأثير الذي

يتحدثون عنه، أو نوعية الناتج الذي سيفرزه، والذي يستند الى مبدأ الشراكة الحقيقية والتعددية الواقعية، ما يتناقض ـ برأيهم ـ مع ما يتمنونه، ألا وهو إحتكار السلطة والاستفراد بالقرار السياسي، بالضبط، كما كان العراق على مدى نيف وثلاثين عاما مضت، تحكمه الأقلية والعشيرة والعائلة والحزب الواحد والقائد الأوحد، لذلك لا يريدون أن يشهد العراق أي نوع من الانتخابات، مهما كانت نتائجها، لأنهم يعارضون أصل الموضوع ـ الانتخابات ـ وليس وسائله أو توقيته الزمني أو أدواته، مثلا .

إنهم يرفضون التأسيس لمبدأ الانتخابات، لأنهم يرفضون التأسيس للعراق الجديد، لأنهم يبذلون كل ما في وسعهم من أجل أن تعود السلطة اليهم، وحدهم لا شريك لهم .

قسم آخر، مع الانتخابات، كمبدأ وأصل من أصول بناء النظام الديمقراطي، إلا أنهم يعترضون على توقيتها الزمني، ويستشكلون على أدواتها ووسائلها وآلياتها .

إنهم يتفقون على الأصل ويختلفون على التفاصيل، فيستشكلون مثلا على قانون الانتخابات، أو طريقة إعداد القوائم الانتخابية، أو قانون إعتبار العراق، دائرة إنتخابية واحدة، وهكذا .

إن لهم وجهات نظر محترمة في التفاصيل، أما أصل المبدأ فليس لهم عليه أي اعتراض بالمرة، ولذلك فهم يسعون لتأجيل موعد الانتخابات، لحين تصحيح التوقيت والوسائل والأدوات .

كذلك، لن أناقش القسم الأول، لأن منطقهم أعوج، وتفكيرهم أخرق، إذ لا يعقل أن يقبل العراقيون، بالعودة إلى الزمن الماضي، بعد كل هذه المآسي التي مرت عليهم، فيحرمون مرة أخرى، من حق المشاركة في الحياة السياسية، ويتركون السلطة بيد قلة من المتآمرين الذين ينزون عليها في كل مرة على ظهر دبابة في منتصف الليل والناس نيام، يديرونها كيف يشاؤون، ويحتكرونها لأنفسهم، من دون أن يختارهم أحد أو يفوضهم، عبر صندوق الاقتراع.

الحوار، إذن، سينصب مع من يقبل الانتخابات كأصل في عملية بناء العراق الجديد، إلا أنه يعترض على التفاصيل، وهذا من حقه، محاولا عرقلة إجرائها في الوقت المحدد .

أولا ـ حتى أشد المتحمسين لإجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد، كالمرجع السيستاني، له الكثير من الملاحظات والاعتراضات، على الكثيرمن آلياتها ووسائلها ولوائحها وقوانينها، إلا أن ذلك لا يبرر السعي لتأجيلها أبدا، فلقد تأجلت عام كامل، عندما أورد البعض ذات الاشكالات والاعتراضات، من دون أن يتغير شئ، فلا الأخطاء صححت، ولا النواقص إكتملت، ولا الظروف تبدلت، ما يعني، ربما، أنها بحاجة إلى تجربة ذاتية وممارسة عملية، من أجل تشخيص الثغرات، والتمكن من حلها، كما هو الحال في الكثير من تجارب الشعوب التي بدأت مشوارها الديمقراطي الصحيح بخبرة متواضعة وتجربة بسيطة، لتتطور وتكتمل بمرور الزمن وتكرار الأداءات، من دون اللجوء الى إلغاء الأصول التي تعتمد عليها العملية الديمقراطية برمتها، بحجة ضعف التجربة أو إشكالية الأدوات أو خطأ في اللوائح .

إن مسيرة الميل يجب أن تبدأ بخطوة، وأن تكرار الأداءات كفيل بتصحيح كل الأخطاء وسد كل الثغرات، فكم دستور في هذا العالم أدخلت عليه التعديلات الضرورية بتقادم التجربة الديمقراطية ؟ حتى في أعتى الأنظمة الديمقراطية، كالولايات المتحدة والمانيا وغيرهما، إضيفت مواد جديدة للدستور، وألغيت أخرى، من دون أن ترتهن العملية السياسية بالاضافات أو الالغاءات، لأن العملية السياسية يجب أن تسير وتتقدم الى الأمام، أما الاصلاحات وسد الثغرات ورفع النواقص وتصحيح الأخطاء، فتتم كلها والحياة تسير، وليست وهي واقفة، لأن وقوف الحياة عن المضي قدما، هو الخطأ الأكبر الذي لا يجوز أن يرتكبه العراقيون أبدا، خاصة في هذا المنعطف التاريخي والمصيري الهام، إذ تتربص بهم وحوش الغاب وضواري الصحراء، لسرقة الأمل الجديد الذي يعملون اليوم من أجل تحقيقه، مشروعا حيا يمشي على الأرض، ويتلمسه الجميع.

ثانيا ـ ويحتجون بتدهور الوضع الأمني كدليل على وجوب إرجاء الانتخابات عن موعدها المقرر، لحين إستقرار الوضع الأمني بشكل أفضل.

لقد قيل هذا الكلام في العام الماضي، عندما أصرت الغالبية على إجراء الانتخابات المبكرة، فتأجلت إلى بداية العام القادم، من دون أن نرى أي تحسن في الوضع الأمني، إذ لازالت المناطق المأزومة أمنيا على حالها، وكأن الارهابيين إعتبروا التأجيل الأول نصرا لهم، فراحوا يصعدون أعمالهم الاجرامية للضغط بإتجاه فرض التأجيل مرة أخرى.

إن الجميع، بمن فيهم الأميركيون والحكومة المؤقتة بل وحتى المواطن العادي، يتحدثون اليوم عن تصعيد أمني خطير لم يشهده العراق منذ سقوط الطاغوت، وبرأيي ، فإن تأجيل الانتخابات العام الماضي لعب دورا سلبيا لصالح هذا التدهور، فكيف يريد البعض تأجيلها مرة أخرى ليمنح الارهابيين وفلول النظام البائد فرصة

أخرى للتصعيد، إلا أن يكون متحيزا لهم؟.

ثم، من سيضمن ياترى، بأن الوضع الأمني سيتحسن لو تأجلت الانتخابات؟ وإلى متى نرهن موعدها بأجندات الارهابيين؟ ما يعني أنهم، وليس الشعب العراقي، هم الذين ينظمون جدول أعمال تقدم العملية السياسية، وبالشروط والاملاءات التي يرغبون بها، فهل يقبل ذلك عاقل لنفسه ؟.

بل على العكس، فمن يدري، فلعل الانتخابات تكون سببا في إستقرار الوضع الأمني، وهذا ما أميل إليه شخصيا، إذ أعتقد أن واحدا من أسباب التدهور الأمني، هو غياب الشرعية والسيادة، والذي يتذرع به الارهابيون ومن يدعمونهم، في تعبئة ضحاياهم، وكما نعرف، فإن الانتخابات، هي الطريق الوحيد لتحقيق الشرعية والسيادة .

ثالثا ـ ويطعنون بأية إنتخابات تجري في ظل الاحتلال، فنسمعهم تارة يتحدثون عن محاولات تهميش طائفة، وأخرى يطالبون بدور للامم المتحدة، باعتبارها المنظمة الدولية صاحبة الشرعية والقادرة على منح الانتخابات الشرعية المطلوبة في بلد يفتقر الى أي نوع من الشرعية، كالعراق، ولكن؛ أ ـ إن المقاطعة لا تقاوم التهميش، بل تزيد من إتساعه وتعمقه .؟

إن من يخشى التهميش، عليه أن يحضر في الساحة السياسية ليترك بصماته على مسار الأحداث لحظة بلحظة، ليؤثر فيها فيتحدى التهميش، لا أن يترك الساحة ليتفرج عليها ويقاطع الانتخابات، فالحق يؤخذ من خلال الحضور الفاعل ولا يعطى لمن لا يرغب فيه .

لقد إختارت طوائف في السابق، طريق المقاطعة والتعامل السلبي مع الساحة السياسية وتطوراتها فلم يجنوا من ذلك سوى المزيد من التهميش والاقصاء، كما حصل ذلك لشيعة العراق إبان تأسيس الدولة العراقية الحديثة بداية القرن الماضي ، أو كما حصل لمسيحيي لبنان أبان تأسيس الدولة اللبنانية الحديثة بالاعتماد على قرارات إتفاق الطائف، ما يعني أن المقاطعة ليست حلا للتهميش، بل أن الحضور والمشاركة هو الحل .

ب ـ لا أحد يمنح الانتخابات، أية إنتخابات، شرعية، إنما هي التي تمنح لنفسها الشرعية، بما يسمى بالشرعية الذاتية، فلو كانت نسبة المشاركة الشعبية حسب القانون الانتخابي المدون، فستكون الانتخابات شرعية بذاتها، إذ أن النسبة المطلوبة، تعني أن أغلبية العراقيين مع الانتخابات ولذلك شاركوا فيها، أما إذالم تحصل الانتخابات على النسبة القانونية المطلوبة، فسوف لن تتمتع بالشرعية، بغض النظرعما إذا أجريت هذه الانتخابات في ظل نظام سياسي شرعي أو تحت الاحتلال .

إن الانتخابات، هي مصدر الشرعية، إذا ضمنت النصاب القانوني اللازم، بغض النظر عن الظروف التي تجرى فيها.

إنها تتحدث عن نفسها، ما إذا كانت شرعية أم لا؟ فالميزان هو النصاب القانوني فحسب، لذلك، يلزم أن نمنح المواطن العراقي فرصة الوقوف أمام صندوق الاقتراع، لنتأكد ما إذا كانت الأغلبية مع الانتخابات أم ضدها ؟ فنسبة المشاركة هي التي ستحدد هوية الانتخابات، ومدى شرعيتها.

ج ـ لماذا يقبلون بالشرعية التي قد تمنحها المنظمة الدولية للانتخابات، ويرفضون الشرعية التي منحتها للاحتلال في وقت سابق من العام الماضي، إثر سقوط النظام البائد ؟.

د ـ ولماذا، إذن، يرفضون إعترافه بمجلس الحكم الانتقالي المنحل ؟ وإعترافه بالحكومة الانتقالية المؤقتة الحالية ؟ ولازالوا يصرون على التشكيك بشرعية كل المؤسسات التي انبثقت في العراق، منذ سقوط الطاغية ولحد الآن ؟.

هـ ـ وهم يتناسون بأن الامم المتحدة هي التي اقترحت هذا الموعد الزمني لاجراء الانتخابات العامة في إطار جدول زمني متكامل، وذلك بعد جولة ميدانية ومسح جغرافي وسياسي شامل، قام به وفدها إلى العراق، وعلى مدى ثلاث زيارات مكوكية، إلتقى خلالها مبعوث الأمين العام السيد الأخضر الابراهيمي، بمختلف أطياف المجتمع العراقي، الدينية منها والسياسية والقومية والمذهبية بل أنه إلتقى بمواطنين عاديين، ليستخلص نتيجة من كل ذلك، مفادها، أن الأغلبية المطلقة من العراقيين هم مع إجراء الانتخابات، بالرغم من موجة العنف والارهاب والحالة المعيشية المتدهورة ووجود الاحتلال، وأن أفضل موعد لاجرائها، هو نهاية العام الحالي أو بداية العام القادم، جاء هذا في نص التقريرالذي قدمه الابراهيمي للأمين العام للمنظمة الدولية، والذي إعتمد كوثيقة رسمية للنص على الجدول الزمني لتقدم العملية السياسية، في القرار الدولي الذي صدرعن مجلس الأمن، بهذا الشأن .

وبصراحة أقول هنا، أن الزمن أثبت بأن المرجعية الدينية، وعلى رأسها السيستاني، كانت الأصدق من بين كل الاطراف التي طالبت بدور محوري للامم المتحدة، فعلى الرغم من الاشكالات الكبيرة والكثيرة التي سجلتها المرجعية، على تقرير وفد الامم المتحدة، وكذلك على الآثار التي ترتبت عليه، إلا أنها ظلت متمسكة بالقرارات التي ترتبت عليه، ما يعني أنها لم تكن تتعامل مع المنظمة الدولية، كمطية تحقق من خلالها أهداف خاصة، كما هي نوايا آخرين حاولوا ركوب المنظمة الدولية كمطية للوصول إلى بر رسمته إلى نفسها، فلما تغير إتجاه المركوب بما لا تشتهي السفن، غيرت منطقها وبدلت رأيها .

و ـ ثم، أوليس الأمم المتحدة هي من شكلت المفوضية العليا للانتخابات، بعد عملية تشاور قانونية وسياسية ومهنية وفنية واسعة، رشح لها أكثر من ألفي عراقي، لتختار منهم المنظمة الدولية سبعة عناصر، هو عدد أعضاء المفوضية؟

فلماذا، إذن، التشكيك بنزاهة المفوضية وشرعيتها؟ من دون أن يعني ذلك أن نشاطها وقراراتها لا يشوبها الكثير من الأخطاء أو النواقص، أو حتى التأخير؟.

إنهم، وبصرحة، يكيلون بمكيالين، فيحتكمون الى المنظمة الدولية، شريطة أن يأتي مشروعها منسجما مع ما تشتهيه أنفسهم، أما إذا تناقض الأمران، فلا نزل القطر .

ز ـ أما موضوعة الطعن في شرعية الانتخابات التي تجري في ظل الاحتلال، فعلى فرض أنهم لا يأخذون بنظر الاعتبار القرار الدولي الذي شرعن هذا الاحتلال، والآخر الذي إعتبرها قوات متعددة الجنسية منذ تاريخ تسليم السلطة الى العراقيين، نهاية حزيران الماضي، فـ:

أولا ـ ما هو البديل إذن ؟ إنهم يطعنون بمثل هذه الانتخابات من دون أن يقدموا بديلا شرعيا وقانونيا وواقعيا وحقيقيا، ينتشل العراق من محنته .

ثانيا ـ لا أحد من العراقيين يرغب بذلك، ولكن، ليس هناك طريق آخر يمكن أن يسلكه العراقيون لانتزاع السلطة والسيادة من المحتل، لأن أية طريقة أخرى تظل فاقدة للشرعية، لا زالت لم تأخذ بنظر الاعتبار، صوت العراقي ورأيه، لأن الشرعية الحقيقية تنبثق منه فقط .

إن الذين يصرون على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، يعتقدون بأن ذلك سيكون خطوة إضافية الى الأمام وفي الاتجاه الصحيح، ستساهم في إنهاء الاحتلال وتقصير عمره، أما تكرار التأجيل أو إلغائها، فسيبقي الوضع على ما هو عليه، سواء كان من الناحية الشرعية أو الواقعية .

وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن مهام البرلمان الذي سينبثق عن هذه الانتخابات، تاريخية وخطيرة، منها تدوين مسودة الدستور الدائم، والاعداد لأول إنتخابات دستورية في البلد، نهاية العام القادم، لعرفنا مدى أهمية إجرائها في الوقت المحدد، وإلا، إلى متى سيبقى البلد من غير دستور، وبلا وضع دستوري ينظم العلاقة بين العراقيين، ويؤسس لنظام سياسي دستوري مستقر ؟.

ثالثا ـ هناك تجارب عديدة بهذا الخصوص ـ تاريخية وحاضرة ـ جرت فيها الانتخابات في ظل الاحتلال، من دون أن يشكك أحد في شرعيتها .

فالعراق، مثلا، شهد في العام 1924 أول إنتخابات عامة، تحت الاحتلال البريطاني، لتشكيل المجلس التأسيسي الذي أخذ على عاتقه صياغة الدستور وتشكيل الحكومة الوطنية، وغير ذلك، كما أن دولا مثل المانيا واليابان وغيرها الكثير، إنتقلت من الحالة غير الدستورية إلى الحالة الدستورية، من خلال إجراء الانتخابات العامة وهي بعد تحت الاحتلال، بل أن الانتخابت كانت هي السبيل لانهاء الاحتلال عن البلاد .

أما الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهي الأخرى شهدت العديد من الانتخابات العامة، وعلى

مختلف المستويات، شارك وفاز فيها أكثر التنظيمات الفلسطينية الأصولية والراديكالية، عداءا لاسرائيل، من دون أن يشكك أحدا بشرعيتها، أو يعترض عليها أصحاب اللحى الطويلة والثياب القصيرة .

هم يقولون، إذا خرج الاحتلال، فسنقبل بالانتخابات، وأقول بصراحة، أخرجوا الارهابيين الغرباء الذين تسللوا من خارج الحدود، أخرجوهم من جحورهم، وارموهم وراء الحدود، وطهروا مناطقكم منهم، وحرروا الناس الأبرياء من أسرهم وسطوتهم، لتسهلوا عملية رحيل القوات الأجنبية، أما أن يظل هؤلاء يعيثون في العراق فسادا، ويوزعون الموت، وينثرون الدم في الاتجاهات الأربعة، ثم تطالبون برحيل القوات الأجنبية، فذلك ليس من المنطق السليم بشئ، إذ لا يعقل ذلك أبدا .

دعوا الحكومة ووزاراتها، تشكل الجيش الجديد، وأجهزة الشرطة المحلية، وشرطة الحدود، لتنتشر في مناطق العراق، وتحل محل القوات الأجنبية، وعندها سنطلب من آخر جندي أجنبي بالرحيل فورا عن أرض العراق الطاهرة، أما أن يواصل الارهابيون قتل المتطوعين وذبحهم، فرادا وجماعات، ويعرقلوا مساعي تشكيل كل أنواع القوات الوطنية، المسؤولة عن بسط الأمن وحماية حياة المواطن العراقي، ثم تطلبون من القوات الأجنبية بالرحيل عن العراق، فهذا منطق أعوج لا يؤيدكم به أحد، سوى الارهابيين والقتلة، فمن يا ترى سيمسك بالبلد ويبسط الأمن ويضبط الحدود ؟ أم تريدون أن تفلت كل الأمور ليتسلل الارهابيون زرافات زرافات ، بلا حسيب أو رقيب ؟.

فكروا بطريقة أكثرعقلانية لنصدق نواياكم الطيبة، وإلا ــ لكم دينكم ولي دين ــ .

31 OCTOBER 2004

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 3/11/2004 - 19/ رمضان المبارك/1425