أن أحرار العالم يقفون اليوم وقفة مرتبكة أمام التضرر بمصير
السياسات الدولية ضمن تحقيق أهداف الولايات المتحدة الأمريكية المعلن
قسم منها والمجهول القسم الآخر عنها إذ أن كل الإجراءات العسكرية
المسخرة اليوم لزيادة السيطرة الأمريكية على العالم تبدو وكأنها حقيقية
دون ظهور أي منافسة دولية أخرى.
والمجتمعات الدولية التي تبدو وكأنها قد وضعت في امتحان صعب لم تشهد
في عصرها الحديث أبعاداً لموطئ قدم في بلدانها على خلفية أن العالم
ينبغي أن يخضع للقرارات الأمريكية التي يقول إعلانها أنها تنوي جعل
الديمقراطية على مستوى الالتزام الدولي بها ويكاد أن يكون مثل هذا
الطرح وبغض النظر عن مصداقيته أو لا مصداقيته إلا أن ما يلمس من ظاهرة
وشعار تغيير العالم نحو الديمقراطية وتبني ذلك من قبل الإدارة
الأمريكية مسألة تحظى بقلق البشرية بعد أن ثبت أن حُسن النية الأمريكية
في كل من أفغانستان والعراق لم يلمس منها أي فعالية قصوى باتجاه ضمان
الإعلاء لهذين البلدين ولو ضمن تطبيق حسابات المفهوم الأمريكي والغربي
والقائل بأن مهمة تحرير أفغانستان وتحرير العراق قد تمت بنجاح.
وتكريس مفهوم كون الولايات المتحدة الأمريكية هي الأقوى الآن بين
دول العالم فيه إشكالية كبرى فآراء سياسية سديدة ترى أن هناك مشاركة
غربية عامة تقرر منها دفع الولايات المتحدة الأمريكية كي تكون الدولة
الأكثر شكيمة بالسيطرة على دول العالم وما الخلافات التي يبديها الجانب
الأوروبي مع أمريكا إلا خلافات شكلية لا أساس من الصحة السياسية لها.
فأمريكا التي قطعت شوطها العسكري والسياسي في بعض دول العالم تهمل
رأي الشعوب بأفعالها وتخاطب الرأي العام بكل بلد وكأنها الدولة المنقذة
لكل شعوب الأرض ولا تعير أي أهمية حتى وهي تتخبط أحياناً في بعض
سياساتها الخارجية.
طبيعي أن استطلاعاً واقعياً لو أجري بين المجتمعات الخاضعة الآن
للنفوذ الأمريكي لاستبان أن شعبيتها في معظم أرجاء العالم هي الصفر إن
لم يكن أقل من ذلك.
فبعد مرور سنين ليست قصيرة وأمريكا يحكمها حاكم إثر آخر ولكن منافس
دولي لها لم يظهر إلى العلن والغرب الذي ما زال يبذل جهوداً مضنية كي
تستفرد أمريكا أكثر بالعالم وجعلها بلا منافس رغم علم الغرب تماماً أن
سيطرة أمريكا على الأوضاع الداخلية حتى للبلدان التي احتلتها بقواتها
العسكرية لم تتم والأعقد من ذلك أن الدولة البريطانية الشريك العملي
الأكثر التصاقاً بالقرارات الأمريكية الكبرى مازال أسمها يبدو ثانوياً
في كل الأحداث والتغييرات التي يتخذها أمريكا التي جعلت حتى الآن
موضوعه (الحرية) الممنوحة لتلك البلدان ما تزال موضوعة مكتوبة على
الورق أو مترددة إعلامياً فقط أما الواقع المطبق على الأرض فشيء آخر إن
سياسة القطب الأمريكي هو قطب غربي متعدد ولا ينجح إلا بإنصاف العالم. |