اكد صندوق النقد الدولي ان غياب الامن المستمر في العراق وعدم
التوصل الى حل لمشكلة الديون يشكلان العقبتين الاساسيتين لتمويل عملية
اعادة اعمار هذا البلد مشيرا الى انه يتوقع مع ذلك ان تبلغ نسبة النمو
52 بالمئة في العراق خلال العام الجاري.
وقال خبراء الصندوق في تقرير حول الوضع في العراق نشر الاثنين ان "التمويلات
المقبلة للعراق في الظروق الحالية معرضة لخطر كبير" موضحين ان "الوضع
على المستوى الامني لم يضبط بعد وحجم الديون لا يمكن احتماله".
وذكر التقرير بان الهجمات التي يشنها المقاتلون في العراق لا تستهدف
المسؤولين الحكوميين وقوات الامن فحسب بل تشمل البنى التحتية ايضا.
وتابع ان الجهات الدائنة للعراق تواجه صعوبات في التفاهم على خفض
الديون التي تبلغ حوالى 125 مليار دولار من بينها 42 مليارا يترتب على
العراق تسديدها الى الدول الدائنة في نادي باريس.
ومنح صندوق النقد الدولي في 29 ايلول/سبتمبر الماضي قرضا بقيمة 436
مليون دولار الى بغداد كمساعدة عاجلة لبلد خارج من نزاع. ويفترض ان
تؤدي هذه المبادرة الى تسهيل اعادة هيكلة الديون العراقية.
من جهة اخرى تسعى الحكومة العراقية الى الحصول على قرض يمنح عادة
للدول التي تواجه صعوبات عابرة في ميزان المدفوعات لكن العراق في وضع
مختلف تماما عن البرازيل وتركيا والارجنتين التي كانت آخر دول استفادت
من هذا النوع من القروض.
وقال الخبراء ان وضع الاقتصاد الشمولي شهد استقرارا بشكل عام في
العراق ويواجه ضغوطات تضخمية ضئيلة نسبية ومعدلات صرف "ثابتة الى حد
كبير" واحتياطي من القطع بلغ حوالى 4,4 مليار دولار في منتصف آب/اغسطس.
ومنذ نهاية تموز/يوليو استؤنف الانتاج النفطي الذي يشكل ثلاثة ارباع
الاقتصاد العراقي بينما استعاد القطاع غير النفطي بعض النشاط بفضل
اشغال اعادة الاعمار و"نهضة جزئية" لقطاع الزراعة.
كما انتعش بيع المفرق بسرعة لكن نسبة البطالة تبقى مرتفعة حسبما ورد
في جدول وضعه خبراء الصندوق.
وتفيد توقعات هؤلاء الخبراء ان اجمالي الناتج الداخلي سيرتفع بنسبة
52% خلال العام الجاري و17% في 2005 و9% في السنة وسطيا بين 2006
و2009.
واشار التقرير الى ان النشاط الاقتصادي اصيب في 2003 بشلل شبه كامل
في الجزء الاكبر من السنة (التي شهدت الغزو الاميركي للعراق في آذار/مارس)
موضحاان اجمالي الناتج الداخلي تراجع 35% مما يعكس انخفاضا في انتاج
النفط الى 1,2 مليون برميل يوميا اي اقل بحوالى النصف من المليوني
برميل التي كان يتم انتاجها في 2002 .
الا ان خبراء الصندوق يؤكدون ان مستقبل القطاع النفطي يبدو واعدا
مشددين على الاحتياطي المقدر بما بين مئة و130 مليار برميل ويشكل 11%
من الاحتياطي العالمي والنوعية الجيدة للنفط التي لا تتطلب كلفة كبيرة
للانتاج.
وقال صندوق النقد الدولي ان الانتاج يفترض ان يبلغ 3,5 مليون برميل
يوميا في 2009 وبمساعدة الاستثمارات المناسبة وتقنيات الاستخراج
الحديثة يفترض ان يرتفع الانتاج الى خمسة ملايين برميل يوميا على الامد
الطويل.
في المقابل سيكون من الضروري على الارجح استيراد منتجات مكررة في
السنوات المقبلة باكثر من ملياري دولار لتلبية الطلب الداخلي بسبب
الوضع السىء للمصافي العراقية.
واضاف التقرير ان عائدات الصادرات النفطية يفترض ان ترتفع من 16
مليار دولار في 2004 الى حوالى 22 مليارا في 2009.
وذكر الصندوق بان الحكومة العراقية وعدت بتحقيق توازن في الميزانية
بالغاء كل اشكال الدعم لاسعار المنتجات النفطية بين 2005 و2009 اي ما
يعادل سبعة مليارات دولار في 2004 مما سيسمح ببيع ليتر الوقود ب1,4
دولار وليتر الديزل بسبعين سنتا اميركيا.
من جهته قال وزير التخطيط العراقي مهدي الحافظ في عمان في طريق
عودته من طوكيو حيث شارك في اجتماع الدول المانحة في طوكيو ان الاجتماع
الدولي كان "ناجحا" مشيرا الى انه حقق الغاية منه لجهة التاكيد على
اولوية الدور العراقي في عملية اعادة الاعمار.
وقال الحافظ في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير التخطيط الاردني
باسم عوض الله الاثنين ان "اجتماع طوكيو كان ناجحا وحقق الاهداف
الموضوعة له لانه لم يكن لقاء من اجل تعهدات مالية بل مراجعة التجربة
السابقة" في اعادة اعمار البلاد.
واضاف "توصلنا الى مجموعة من القرارات المهمة على راسها تاكيد اهمية
واولوية آليات التنفيذ المباشر داخل العراق من قبل الهيئات والمؤسسات
العراقية" مشيرا الى ان "العراقيين بامكانهم تولي هذه المهمة وان
يقوموا بكامل العبء الذي تفرضه الاوضاع الصعبة في العراق".
وتحدث الوزير العراقي عن استراتجية للتنمية للسنوات الثلاث المقبلة
بكلفة 70 مليار دولار متوقعا ان يعتمد العراق على موارده الخاصة وعلى
رأسها النفط في تمويل غالبية المشاريع.
وافاد بيان صحافي ان الحافظ اجتمع اليوم مع رئيس الوزراء الاردني
فيصل الفايز ونظيره الاردني عوض الله وتناول البحث "جدول اعمال
الاجتماع الاول للجنة العليا المشتركة الاردنية العراقية بهدف اقرار
السياسيات والاليات والبرامج المتعلقة بتطوير التعاون المستقبلي بين
البلدين".
ويفترض ان تعقد اللجنة العراقية الاردنية العليا المشتركة اول
اجتماعاتها في عمان في الثالث من تشرين الثاني/نموفبر المقبل.
كما تناول البحث ايضا استضافة الاردن للاجتماع المقبل للجهات
المانحة للعراق والذي كان اعلن عن النية في عقده في شهر آذار/مارس 2005
فضلا عن اجتماع دول جوار العراق الذي ستستضيفه مصر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر
المقبل.
وقال الحافظ الذي يلتقي العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في
وقت لاحق من اليوم قبل مغادرته الى العراق "الاجتماع المقبل للجهات
المانحة في الاردن خطوة كبيرة من الناحية السياسية والاقتصادية لان
المنطقة تحتضن الفاعليات المساهمة في اعمار العراق وتنطلق من الاردن
كمظلة حاضنة".
وشدد على ان "للاردن دورا اساسيا في انجاح المؤتمر" الذي سيعقد في
مصر الشهر المقبل مضيفا ان العاهل الاردني "قام بجهد كبير" من اجل ذلك.
وردا على سؤال حول المطلب الفرنسي باشراك كل فئات المجتمع العراقي
التي ترفض العنف في هذا المؤتمر قال الحافظ "لن يكون هناك تمثيل لاي
جهة سوى للحكومة العراقية في هذا المؤتمر وكل ما يقال من كلام غير ذلك
لا اساس له من الصحة".
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية اعلنت في 11 من تشرين الاول/اكتوبر
الحالي ان المؤتمر الدولي حول العراق المقرر عقده في مصر يجب ان "يشمل
جميع الفصائل العراقية" التي تقرر "التخلي" عن العنف.
وكانت الجهات المانحة للعراق عقدت في 13 و14 الشهر الحالي اجتماعا
في طوكيو خصص للمساعدات الموعودة التي يعرقل غياب الامن وصولها.
وكان مؤتمر مدريد الذي عقد في تشرين الاول/اكتوبر 2003 تعهد بتقديم
33 مليار دولار لاعادة اعمار العراق. وبعده عقد اجتماع في ابوظبي في
شباط/فبراير الماضي أعلنت خلاله الجهات المانحة انها ستوفر حوالى مليار
دولار لاعادة اعمار العراق خلال 2004 من اصل 33 مليار دولار كان تعهد
بها مؤتمر مدريد .
وبعد ذلك عقد اجتماع آخر في الدوحة في شهر آيار/مايو الماضي لمتابعة
توصيات مؤتمر ابوظبي. |