لا يوجد أي أثر مميز في التاريخ السياسي المعاصر ما يشير إلى علاقة
خاصة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية التي أخذ نجمها يتصاعد في
عالم السياسة بُعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية بحملة عوامل عسكرية
واقتصادية.
ففي سنة انتهاء الحرب الكونية الثانية 1945م كانت الولايات المتحدة
الأمريكية ضمن تجمع الدول التي وقفت ضد ألمانيا الهتلرية المنهزمة في
تلك الحرب بفعل جبروت القوات العسكرية السوفيتية (آنذاك) التي تهادنت
مع القوة الغربية المناوئة لكل من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية
إضافة لليابان وكان للظهور العسكري السوفيتي المفاجئ ما أخاف القوى
الغربية التي كانت تعتبر دولة الاتحاد السوفيتي الند الأيديولوجي الذي
ينبغي العمل على عدم اتساع رقعة تاثيره على الساحات الدولية رغم أنه
كان قد حقق النصر النهائي على الهتلرية وتوابعها إذ تشير أقل المصادر
السوفيتية توثيقاً أن أكثر من (24) مليون نسمة هم ضحايا الحرب ولأن
البلدان العربية آنذاك كانت معظمها تعاني من نير الاستعمارين البريطاني
والفرنسي وبصورة لا تقبل التأويل وثم التخوف الاستعمار الغربي من قدوم
منافس استعماري آخر هو الاستعمار الشرقي (بحسب أطروحة الغرب) فقد عملت
بريطانيا باعتبارها الدولة المسيطرة على العراق من إجبار العراق على
التوقيع لمعاهدة حلف عسكري قوي يمكن أن يكون صالحاً في أي مواجهة
اضطرارية مع دولة السوفيت التي أخذت شوكتها تتنامى في بلدان العالم
النامي فكانت معاهدة (حلف بغداد) الذي ضم إضافة لبريطانيا كل من العراق
وإيران وتركيا والباكستان لكن بريطانيا لم تكن مكتفية بتلك المعاهدة في
سنين الخمسينات إذ نجحت في انضام الولايات المتحدة الأمريكية إلى
اتفاقية عسكرية ثنائية مع العراق لتكون أمريكا رافداً عسكرياً وداعماً
لأي تحركات عسكرية ضد دولة السوفيت.
ورغم أن التاريخ السياسي والعسكري للولايات المتحدة كان يبدو ضعيفاً
أمام التكتلات العسكرية والسياسية الأخرى بسبب قصر ذلك التاريخ فيمكن
القول أن الاكتشاف الثالث للقارة الأمريكية على يد (كريستوفر كولمبس)
الذي تم بزهاء سنة 1492م وثم قيام الدولة الأمريكية لأول مرة سنة
1776م.. التي مرت بعدة مراحل امتازت بها مرحلة سنة 1930م وهي المرحلة
الصناعية الثقيلة التي أكفل إنجازها الأفراد وليس الحكومة في أمريكا.
ونظراً لعدم وجود خط فاصل بين بريطانيا الاستعمارية المسيطرة على
مقاليد أمور الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن استقلال الأخيرة عن
بريطانيا كان قد تم سنة 1776م فإن إقحام أمريكا لإبرام معاهدة عسكرية
مع العراق المحتل آنذاك قد أظهر أن الدولتين بريطانيا وأمريكا تخططان
لواقع غربي جديد في العراق خصوصاً والمنطقة الشرق أوسطية ثانياً.
حتى إذا جاء حدث سنة 1958م حيث تم رحيل آخر عسكري أجنبي من العراق
بمن فيهم خبراء وعساكر ومهندسون.. أمريكا وإنكليز كان تواجدهم في معسكر
الحبانية الجوي الذي أعد للقيام بطلعات وعمليات هجوم جوية ضد من
اعتبروه عدواً للغرب (الاتحاد السوفيتي المنحل) إذا ما اقتضت مصالح
الغرب ذلك وبذلك فإن قاعدة معسكر الحبانة كانت قد أصبحت حتى تلك السنة
ميراثاً غربياً لم يكتب له الاستمرار.
وحين تم توصيل كتلة البكر – صدام إلى الحكم في انقلاب سنة 1968م
الاستعماري قيل أن الإنكليز والأمريكان كان لهم الدور الخفي بإنجاح
الانقلاب لينفذ خطة جهنمية ضد العراق (شعباً ووطناً وثروات ورموز
حضاراته لكن ظهور أطروحة العولمة التي لم يستبان بعد مصداق أطروحتها
حتى الآن وعلى خلفية أن الغرب الجديد قد تغير وهدفه الآن هو بناء عالم
جديد خال من المظالم وعدد من الناس لا يدرون ما ينبغي أن يكونوا عليه
هل يصدقون العولمة.. أو.. يكذبوها! |