بانتهاء زمن العهد الصدامي البغيض في نيسان من السنة الماضية 2003م
أخذ حل المشكلة العراقية – الكويتية يقترب من العقلانية – وبدأت أواصر
الثقة تعود إلى سابق عهدها بين الطرفين العراقي والكويتي رويداً رويداً
إذ بحدوث تغيير الأجواء في العراق لم يعد هناك من يحاول زرع الحقد من
طرف ضد آخر فقد كان كل العراقيين الشرفاء يعلمون جيداً أن عملية الغزو
العسكري الصدامي للكويت سنة 1990م كان ضمن خطة احتلال لا مبرر لها دفع
ثمنها الكويتيون بنفس القدر الذي أساءت فيه لسمعة العراقيين الرافضين
لذاك الاحتلال.
طبيعي أن هناك كانت ردود فعل عربية – إقليمية ودولية جراء ما سببه
الاحتلال – اللعبة التي أراد صدام أن يظهر خلالها وكأنه.. الفارس
المغوار والبطل القومي الكبير وصاحب المهمات الاستثنائية كما حاول
بعضهم أن يصفهم بذلك إلا أن ما لم ينتبه إليه أحد أن غزو الكويت عسكرياً
الذي تم تحت إشراف ميداني مخابراتي خائن وأثيم قاده الفريق السياسي
الصدامي وما رافقه من عمليات إجرامية ضد المواطنين الآمنين في الكويت
لم يدع مجالاً للشك أن ذاك الحكم الصدامي قد أخذ يحفر لحده بيد فريقه
السياسي المشبوه إذ شهد العراق أسوأ فترة حصار أوصلت كل شيء في العراق
إلى نقاط التلاشي ولعل هذا ما عجل بفكرة ضرورة إجراء التغيير
الاستعماري في العراق وعلى مرحلتين رئيسيتين الأولى تغيير النظام
الصدامي الذي كان قائماً واستبداله بقوة احتلال أنكلو – أمريكية تقود
شؤون البلاد بصورة مباشرة ولا مباشرة كما هو حال إدارة الغرب
اللامباشرة للعراق وتستمر هذه الحالة بطريقة وبأخرى حتى إجراء
الانتخابات الشرعية في العراق وعندها سيتمكن الشعب العراقي من حكم نفسه
بنفسه في ظل حكم ديمقراطي برلماني تعددي يكفل استرداد العراق لعافيته
في كل المجالات.
إلا أن وقوف أكثر من معلومة مؤكدة أمام امكانات العراق الاقتصادية
وما يملكه من مواد خام هائلة كـ(النفط) و(اليورانيوم) و(الكبريت)
و(الذهب) بحسب ما تم التأكد منه تماماً قد انعكس حتى على درجة الاهتمام
الغربي بالكويت وبدرجة أقل مما كان سابقاً، والكويت من ناحية ثانية
التي أخذت تنتهز عدة مبادرات لإعادة المياه إلى مجاريها ضمن علاقة ودية
مع العراقيين وطي صفحة مأساة الماضي الذي سببه النظام الصدامي العفن ما
يزال ينظر لها كمبادرات حسن تطلع إلى مستقبل العراقيين والكويتيين فقد
بادرت دولة الكويت منذ وقت مبكر من سقوط الحكم البائد إلى تزويد العراق
بمحطتي تحلية للمياه وبمعدل (8) محطات بإجمالي مبلغ وصل إلى مليوني
ونصف المليون دينار كويتي تقريباً من أجل تهيئة ماء نظيف صالح للشرب.
والإخوة في الكويت لم يقفوا عند هذه الحدود لدعم العراق الجديد إذ
يلمس من خلال الإعلام الكويتي أنه الإعلام مازال يساهم بكل مثابرة من
أجل فضح توجهات النظام السابق الشريرة التي كوت أيدي الكويتيين قبل
غيرهم فقد قررت الحكومة الكويتية تخصيص بليون ونصف بليون دولار
كمساعدات من خلال مؤتمر مدريد الذي عقد سابقاً في مدريد – أسبانيا كما
وقعت الكويت اتفاقاً استراتيجياً مع شركة نيوبردج استراتيجيز الأمريكية
لإنشاء شركة مشتركة تعني بتقديم خدمات أمنية ومشورات وإسداء النصح إلى
الشركات الراغبة في الاستثمار في العراق من أجل تهيئة أفضل الأجواء
لإمكانية إنجاح مشروعات حيوية يستفيد منها العراق.
كما وتدرس حكومة الكويت حالياً بحث تسهيلات دخول رجال الأعمال
الكويتيين إلى العراق تحت إشراف الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية
وغرفة تجارة وصناعة الكويت واتحاد الصناعات الكويتية... وكل ذلك سيساعد
لضمان عمليات استثمار أفضل ضمن نشاطات العراق الاقتصادية.
وأمام هذا الدور السياسي الجديد الذي تبديه الكويت وتفهمها على أن
كل العراقيين الشرفاء يتعاطفون معها حول موضوع المفقودين الكويتيون
الذين غيبّهم النظام الصدامي الفاشي عن الوجود فإن الأفق العراقي
الكويتي آخذة بالاتساع ويمكن أن تكون هذه أنسب فترة يمكن أن ترسخ
علاقات ود واحترام وتبادل مصالح مشتركة بين الكويت والعراق. |