من كان يستطيع الاعتقاد الجازم أن تبجحات النظام الصدامي البائد
وعنتريات رموزه السلطوية هي ليست أكثر مما يشبه فقاعات صابون في طشت
الغسيل!
وكانت من الانطباعات الخاطئة التي استطاع أن يزرعها النظام السابق
في أذهان المجتمع العراقي استحالة تغييره أو استبداله بنظام آخر لسبب
أولي كونه يعتمد على ما لا يقل عن (4) ملايين عراقي استطاع النظام بطرق
الترغيب والترهيب أن يسقطهم في براثنه ويحولهم إلى عناصر من الخسيسين
والمجرمين حين ارتضوا أن يكونوا في صف السلطة الصدامية الغاشمة ضد
شعبهم واليوم حين يظهر أحد هؤلاء أو يحاول أن يتظاهر بكونه قد أجبر على
الانتماء إلى الفريق السياسي الصدامي الاستعماري فهذا تبرير ضعيف ولا
يقنع فيه أي عاقل أو ذو ضمير حي لأن ما رافق انتماء أي منهم كان هناك
عمل ما يقوم به أو دور يؤديه لصالح ذلك الفريق السياسي الخائن لقضايا
الشعب العراقي والوطن العراقي أيضاً.
ولولا عدد الأربعة ملايين ساقط من المنتمين لتنظيم الفريق السياسي
الصدامي لكان حساب شعب العراق معهم ليس سهلاً و(عملية الاستقواء) بهم
التي استند إليها النظام السابق كانت البداية لإتباع سياسة الإرهاب مع
كل العراقيين دون استثناء بما في ذلك هؤلاء الأربعة ملايين مرتزق حيث
كان أحدهم يخاف من رفيقه في درب الخيانة إذا ما أبدى شعوراً لصالح
الشعب العراقي المظلوم، والغريب حقاً أن هؤلاء المنتمين كانوا يتبجحون
أمام الناس بصورة علنية وكأنهم يؤدون خدمات وفضائل للشعب العراقي حين
ينزلوا العقاب الجماعي بهم.
والأتعس ممن كل ما تقدم فقد كان شكل التبجيح يأخذ قالباً غريباً في
التعبير فقبيل غزو العراق قال (طارق عزيز حنا) نائب رئيس الوزراء في
السلطة الصدامية وأمام حشد (120) من الصحافيين الغربيين: (إذا أراد
الأمريكيون تغيير الحكم فإن عليهم أن يغزوا العراق وأن يقاتلوا كل فرد
عراقي من أجل تحقيق هذا الهدف، وهذه مهمة باهظة التكاليف واعتقد أنهم
لا يمكنهم القيام بها، وأن شعب العراق قادر على الدفاع عن بلده وقيادته،
والذي يتمعن في مثل هذه التصريحات الكاذبة من غير العراقيين يتبادر إلى
ذهنه فوراً وكان الشعب العراقي يؤيد النظام الصدامي وقيادته الغاشمة
العدوة على أرض الواقع لكل العراقيين الشرفاء.
كما كانت التبجحات تأخذ شكل امتلاك القوة العسكرية الهائلة التي سوف
لن يتمكن الغرب توجيه ضربة قاصمة لها في العراق فـ(صدام) ذاته كان يثني
على جهود التصنيع العسكري في تطوير القدرات لما كان يسميه بـ(مواجهة
العدو) وبوقت كان التلويح الغربي لإنهاء مرحلة الحكم الصدامي البغيض
بات وشيكاً استخدم (صدام) ذاته ما يمكن تسميته بـ(التبجحات المقنعة
التي لم تكن تصدق لكل متابع حيادي) لما كان يكرر بأنه سوف يستخدم النفط
كـ(سلاح) ضد أي ضربة أمريكية، ومما كان يلاحظ في كل التبجحات في
التصريحات الكاذبة لرموز النظام الصدامي أنهم قد وضعوا (الولايات
المتحدة الأمريكية) لوحدها في المعسكر المتحدي لذاك النظام مع أن (بريطانيا)
كانت الطرف الذي بدأ غير منفصل أصلاً عن أي توجه أمريكي لضرب العراق
وكذلك احتلاله وهذا ما تم فيما بعد فعلاً حين احتلا العراق بجيش انكلو
– أمريكي وتحت قيادة عسكرية واحدة.
وكان التلاعب بالتصريحات أحد أهم سمات النظام الصدامي الذي كان يبدي
تفاؤلاً فيما سيجري رغم أن النظام في الفترة السابقة لحرب احتلال
العراق كان النفط العراقي يهرب من شمال العراق إلى الخارج من جهات غير
حكومية آنذاك وحين أخذت الإنذارات الموجهة من قبل الغرب البريطاني
والأمريكي تنحسر في مدتها لغير صالح استمرار التبجحات والتهديدات
الصدامية العنترية كان النظام قد خفف لهجته فقد كان النظام وأركانه قد
أوصلوا كل ما في العراق إلى سفح الهاوية بحيث لم يكن هناك حل لتمثيلية
إزاحة النظام الصدامي عن دست الحكم إلا باحتلال عسكري أنكلو – أمريكي
ليدخل العراق في مرحلة قادمة لم تحقق حتى الآن استقراراً سياسياً في
العراق. |