في الآونة الأخيرة أخذ تصعيد الإرهاب داخل العراق يأخذ أشكالاً
مخيفة تقلق المجتمع الذي يخشى أن تعاد أوضاع السيطرة على العراق ضمن
خطة مفاجئة تجدد حساباتها لصالح عصابة الحكم السابق ورجاله الخونة ممن
لفظهم حدث 9 نيسان الماضي حين اختفى كل هؤلاء الجبناء الذين يعدوا
بالملايين من ساحات النزال مع أنهم كانوا يسمون أنفسهم بـ(المناضلين)!
فلقد ثبت تاريخياً أن قطعان التنظيم السياسي الذي كان يتحكم بشؤون
العراق طيلة فترة قاربت الأربعة عقود لم يكونوا سياسيين بالمعنى العلمي
لمصطلح (سياسة) فقد كانوا حقاً بمثابة (غوغاء) أرذال جمعهم الطمع
بالتمتع بالنفوذ وامتيازات المال على حساب شعب العراق الذي لم تشرفه
بشيء تلك الفئة الباغية الفاسدة والفاقدة القيم..
وحتى إذا ما لمس المجتمع العراقي إن فلول النظام السابق قد تبخرت من
الساحة وأن ضربة قاصمة قد حدثت وأدت ضمن ما أدت إليه من إلغاء الجيش
الرسمي لكن كان هناك التنظيم السياسي لحزب السلطة الذي افترض أن يجمع
قواه ويحارب قوى الاحتلال الأنكلو – أمريكية مادام إدعائهم أنهم حزب
وطني وقومي وفي نزال مع قوى أجنبية محتلة كما فعل الفيتناميون إبان
حربهم مع القوات الأمريكية والغربية في سني الستينات وإذ علا السؤال:
أين اختفى مناضلوا السلطة ورفاق الحزب الذين كانوا يقودون حملات
الإبادة ضد شعبهم العراقي والذين تنكروا له من أجل الحصول على حفنة من
دنانير الدولة الصدامية اللاشرعية لقد أتى ضرب البلاد في قوة عسكرية
كانت أقل عدداً مما يملكه العراق من سلاح وأقل عدداً من حيث القوى
البشرية لكن الجبن والخسة والخيانة وهي المبادئ الحقيقية للتنظيم
السياسي في العراق آنذاك قد غلبت على (ادعاء النضال) وما يتفرع منه
وهذه لم تكن المرة الأولى التي يستسلم بها هؤلاء المناضلون المزيفون
فقد كان جيلهم السابق في التنظيم ذاته حين بدأ الجيش العراقي تحت قيادة
عبد السلام عارف بالسيطرة على شوارع بغداد فاستسلم أفراد وأرتال ما سمو
آنذاك بـ(الحرس القومي) المدججين بالسلاح فوراً وبسهولة بالغة، ودون أي
مقاومة يمكن أن يسجلها التاريخ لصالحهم إذ توج ذلك اليوم في حسابات
الشعب العراقي رغم عدم رضاهم عن خيانة عبد السلام لطموحاته لما سمي ذلك
اليوم بـ(حركة 18 تشرين الثاني) التي حدثت سنة 1963م إلا أن ما ميز
ظاهرة التسليم لقوات الحرس القومي الذي سماه الحكم الجديد آنذاك بالحرس
اللاقومي أنهم قد رفعوا لبسانهم الداخلية البيضاء على رؤوس حربات
رشاشاتهم إيذاناً عن الاستعداد للخنوع السياسي والمعروف أن هؤلاء الحرس
كانوا ذاتهم ممن كان يطلق عليهم صفة (المناضلين).
لقد أخزى منتسبوا التنظيم السياسي في العراق كل رجالات السياسة في
العالم على مختلف مشاربهم واصطفافاتهم المشبوهة وغير المشبوهة بيد أن
التابعة عندهم (للمبادئ) قد جعلتهم في فوضى الخنوع للقوي والغريب أكثر
أن كبار هؤلاء المناضلين الأرذال لم يسمع لهم صوت أثناء عمليات احتلال
العراق الذين تركوا ساحاته شوارع مرور للإنكليز والأمريكان مع أن هؤلاء
لم يكونوا في الواقع خارج صدد السيطرة على قرارات الحكم الصدامي كما هو
معروف وأن الاختلاف معه كان أقل مما قد يكبره البعض من اللاعارفين
بتاريخ التنظيم السياسي الذي كان صدام يقوده في العراق.
واليوم فلأن استمرار الإرهاب في العراق قد أخذ يتصاعد ويبدو أن
الحكومة العراقية المؤقتة لم تأخذ حساباتها في مواجهة الإرهابيين أن
هؤلاء هم أقل من جبناء وأن ما يقومون به من تجاسر التفجيرات ليس نابعاً
عن قناعة بل تنفيذاً إجبارياً لأمر من الرازقين إلى هؤلاء المرتزقة وأن
من ينفذ تلك الأوامر فسوف تُقبل وهذا هو أحد قوانين (عصابات المافيا
الإيطالية) كما هو معروف وأن ما ينبغي أن تستعين به الحكومة المؤقتة هو
أفراد من المعارضة العراقية ممكن أن يحسموا أي معركة مع هؤلاء المرتزقة
من الفريق السياسي السابق أما عن العربان المرتزقة فإن الاستدلال عليهم
لا يكلف أكثر من تمييز لهجتهم غير العراقية وتواجدهم في أماكن إرهابية
مشبوهة كدليل على إدانتهم وبالتالي تصفيتهم الفورية فبذاك ترتفع الثقة
بالحكومة المؤقتة ويقضى على الإرهاب في العراق بجناحيه الصدامي
واللاعروبي. |