وصف ناقد سينمائي مصري الرقابة على الابداع بأنها تدل على عدم النضج
السياسي وأنها احدى أدوات القمع "حتى يبقى كل شيء على ما هو عليه ضد
الانسان وضد التاريخ."
وطالب ناجي فوزي بوضع تعريف علمي دقيق لمصطلح (الرقابة على الافلام
السينمائية) فضلا عن ضبط مصطلحات غير محددة تتعلق بما وصفه بالثوابت
الاجتماعية والدينية "حتى نتحاشى فتح الطريق أمام جماعات الضغط (الاهلية)
كما حدث هذا العام (في مصر) فيما يخص فيلم (بحب السيما)."
وشارك فوزي بورقة بحثية عنوانها (المفاهيم الرقابية وحرية المنتج
الثقافي) ضمن أنشطة مؤتمر أدباء مصر الذي اختتم دورته التاسعة عشرة يوم
الجمعة أول أكتوبر تشرين الاول الجاري بمدينة الاقصر الواقعة الى
الجنوب من القاهرة بحوالي 650 كيلومترا.
وقال لرويترز انه "في كل حالات الغاء الرقابة (على الافلام
السينمائية) لا خوف من أية تداعيات.
"نرفض تماما وجود رقابة على الافلام السينمائية فيما يخص عناصرها
غير الفنية المتعلقة على سبيل المثال بالامن العام والاداب العامة
والقضايا ذات الحساسية الدينية."
وقال ان البديل للرقابة بشكلها الحالي هو أجهزة مدنية غير حكومية
يقتصر دورها على "تصنيف الافلام من حيث مشاهدتها تصنيفا عمريا من أجل
حماية الاطفال الصغار من مشاهدة مناظر العنف الشديد والعنف المبالغ فيه
في بعض الافلام لاغراض فنية ومن مشاهدة مواقف لا تتلاءم مع أعمارهم من
حيث الادراك."
وبعد أن شهدت مصر في السنوات الاخيرة تيارا من الافلام وصفه
سينمائيون بأنه مسطح وتجاري لا يرقى لمستوى السينما الجديرة بالمشاركة
في المهرجانات طالب البعض بأن يكون للرقابة على المصنفات الفنية دور في
منع ما اعتبروه أعمالا تسيء الى السينما الجادة.
الا أن ناجي فوزي اعترض على أن يكون للرقابة دور فيما يتعلق
بالعناصر غير الفنية في الفيلم "اذا كنا نرفض دور الرقابة بصفة عامة
فكيف يمكن تصور أية مؤازرة لها على المستوى الفني للفيلم..
"ان وقف تدفق الافلام المصرية المتواضعة فنيا أمر ينعقد على ارادة
المشاهدين ويعود الى المجتمع ذاته فالذين يقبلون على مشاهدة هذه
الافلام هم أيضا الذين يملكون زمام مقاطعتها."
وحذر مما وصفه بجماعات الضغط الخاصة في مصر مثل النقابات المهنية "كما
حدث من نقابة المحامين المصري بالنسبة لفيلم (الافوكاتو) الذي أخرجه (المصري)
رأفت الميهي وكذلك الهيئات الدينية كالازهر وأخيرا بعض رجال الدين
المسيحي في مصر كما حدث بشأن الفيلم المصري (بحب السيما)."
وعرض هذا العام بمصر فيلم (بحب السيما) الذي كتبه السينارست المصري
هاني فوزي. وأخرج الفيلم أسامة فوزي وأنتجه شقيقه هاني جرجس وهما ابنا
المنتج السينمائي المصري الراحل جرجس فوزي.
والفيلم الذي تأخر عرضه أكثر من عامين بسبب ما اعتبره مراقبون خوفا
من موضوعه الذي يعالج تشدد رب أسرة أرثوذكسي مصري مع أسرته وزوجته
البروتستانتية اذ يلجأ الى تحريم بعض متع الحياة على ابنه ومنها حبه
للسينما. ولكن علاقة الاب بالله تتحول تدريجيا من الخوف الذي يبلغ جلد
الذات الى الحب فيتسامح مع من حوله.
ولكن بعض رجال الدين المسيحي ومحامين مسيحيين رفعوا قضايا لوقف عرض
الفيلم بحجة أنه يقلل من هيبة الكنيسة ويسيء الى الديانة المسيحية.
وعلق فوزي قائلا ان مصطلحات مثل (احترام العقائد) على سبيل المثال "فكرة
مطاطية لاتقل في مراوغاتها عن مراوغات فكرة (خدش الحياء العام).
"الرقابة (على الافلام) في مصر أداة مرتعشة ووصاية العديد من
وسائلها تمنع من التمتع بالفن."
وأشار ناجي فوزي الى أن هناك عاملا اخر يهدد الحرية يتمثل في
الرقابة "بناء على رغبة الجمهور" مستشهدا بقيام دار عرض سينمائية
بالقاهرة بحذف مشاهد من الفيلم الامريكي (الجمال الامريكي) الذي أخرجه
عام 1999 البريطاني سام ميندز وقام ببطولته كيفن سبيسي.
وأبدى دهشته مشددا على أن الحذف تم بسبب اعتراض رب عائلة مصرية
وأفراد أسرته على "أحد مشاهد العري على الرغم من أهميتها دراميا وعلى
الرغم من أن الرقابة (الحكومية الرسمية) قد صرحت به.
"هذا دليل على نوع من الرقابة تتعرض فيه الافلام للحذف دون علم
مبدعيها وصناعها."
ولناجي فوزي كتب في النقد السينمائي منها (المركز الكاثوليكي المصري
وخمسون عاما من الثقافة السينمائية) فضلا عن كتابين عن مدير التصوير
السينمائي المصري رمسيس مرزوق والمخرج المصري كمال عطية. |