فر عراقيون من مدينة سامراء على متن قوارب يوم الاحد وهم يلوحون
برايات بيضاء بينما أعلنت القوات الامريكية انتصارها على المتمردين في
المرحلة الاولى من هجوم يهدف الى بسط السيطرة على المدن الواقعة في
قبضة المتمردون.
وتأمل الحكومة العراقية المؤقتة التي تدعمها الولايات المتحدة في أن
تتمكن القوات الامريكية والعراقية من سحق تمرد دموي واستعادة السيطرة
على البلاد بأكملها قبل الانتخابات المقرر اجراؤها في يناير كانون
الثاني.
بيد أن العملية الجارية في سامراء الواقعة على بعد 100 كيلومتر
شمالي بغداد أثارت استهجان السكان بسبب الخسائر في الارواح والمعاناة
التي يكابدونها ومن المتوقع أن يبدي المقاتلون في مدينة الفلوجة التي
تعد أشرس معاقل المقاومة قتالا أكثر ضراوة.
كما أثارت استراتيجية "الضربات الدقيقة" الامريكية انتقادات من جانب
الرئيس العراقي غازي عجيل الياور الذي وصف الهجمات الجوية بأنها عقاب
جماعي.
وقال الجيش الامريكي في بيان ان مقاتلاته نفذت "ضربة أخرى دقيقة" في
الفلوجة اليوم الاحد وهي الضربة الاحدث في حملة من الضربات مستمرة منذ
أسابيع تستهدف المتشدد الاردني أبو مصعب الزرقاوي وأنصاره.
وأبلغ الياور قناة العربية الفضائية أن الغارات الجوية على المدن هي
قضية مزعجة للغاية وأنها "غير مقبولة بأي حال".
وفي سامراء عبرت منظمات اغاثة عن قلقها من نقص الماء والكهرباء
وخوفها على مصير مئات الاسر التي اضطرت للفرار. وأشار رجل قال انه فر
من المدينة اليوم الاحد الى أن عددا من المدنيين قتلوا.
وأبلغ الرجل الذي قال ان اسمه أبو قعقاع الصحفيين في بغداد أنه رأى
كلابا ضالة تأكل جثثا في الشارع. وقال انه رأى العديد من حوادث قتل
مدنيين.
وأضاف قائلا "أقسم أنني رأيت كلابا تأكل جثة امرأة."
ولم يتسن التحقق من صحة روايته من جهة مستقلة.
ولم يكن الموت قاصرا على سامراء.
قال مستشفى بالقرب من بغداد انه استقبل جثتين لرجل وامرأة كلاهما
يعتقد أنه غربي كانت الشرطة قد عثرت عليهما اليوم الاحد. وبينما كان
الرجل مقطوع الرأس كانت المرأة مصابة بأعيرة نارية في رأسها. ولم يكن
أي منهما يحمل أي اثبات للهوية وقال أطباء في بلدة محمودية ان ملامحهما
فقط تبدو غربية.
كان نحو ثلاثة الاف جندي أمريكي وألفي جندي عراقي قد اجتاحوا سامراء
يوم الجمعة وقد عقدوا عزمهم على تحرير المدينة من المتمردين.
وقال الميجر جنرال جون باتيست قائد الفرقة الاولى مشاة التي تقود
الهجوم في سامراء لشبكة سي.ان.ان التلفزيونية "انها عملية ناجحة... نحن
واثقون جدا من أن مستقبل سامراء طيب."
وقال حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي لمحطة (العربية) الفضائية ان
الامر انتهى في سامراء.
وخلال 36 ساعة من القتال قال الجيش الامريكي انه قتل 125 من
المقاتلين وأسر 88.
وقال سكان ان جثثا كثيرة ملقاة في الشوارع دون أن يجرؤ أحد على
انتشالها خوفا من القناصة.
وذكر شهود عيان أن أسرا أرادت دفن قتلاها اليوم لكن القوات
الامريكية أغلقت الطريق الى المقابر.
واضطر بعض الناس الذين عجزوا عن الفرار من المدينة برا الى الرحيل
على متن قوارب صغيرة عبر نهر رافعين أعلاما بيضاء بينما كانت طائرات
هليكوبتر تحلق فوقهم.
وقال خليل السامرائي ان الموقف سيء للغاية مشيرا الى أن أحدا لا
يستطيع التحرك. وأضاف قائلا "حتى سيارات الاسعاف لا تستطيع نقل الجرحى..
كل الطرق مغلقة.. لو كان أحد الطرق مفتوحا لبادر نصف أهل سامراء الى
الفرار."
وفيما كانت مدينة سامراء هادئة اليوم الاحد رأى مصور رويترز الكثير
من هياكل السيارات المحترقة وبقعا من الدماء الجافة في الشوارع.
واستحالت عشرات المنازل الى أكوام من الانقاض.
وقالت جمعية الهلال الاحمر العراقية انها تحاول تسليم مواد غذائية
ومياه وتقديم اسعافات أولية للمدنيين المحتاجين وقالت انها تخشى على
مصير 500 أسرة أجبرت على الفرار الى مناطق شمالي سامراء.
وقالت فردوس العبادي المتحدثة باسم الهلال الاحمر العراقي ان
الجمعية ومنظمات اغاثة أخرى تلقت رسالة من وزارة حقوق الانسان العراقية
تصف الوضع في سامراء بأنه مأساة وتدعو لمساعدات طارئة.
ولم يتسن الاتصال على الفور بوزارة حقوق الانسان لتأكيد الرسالة.
وقال وزير الداخلية العراقي الذي زار سامراء أمس السبت ان الهجوم لم
يسفر عن مقتل مدنيين وهو تصريح أثار غضب بعض السكان الذين قالوا انهم
فقدوا أقارب من بينهم أطفال في القتال.
وقال الجيش الامريكي انه حاول تقليص الخسائر بين المدنيين لاقل قدر
ممكن لكنه أضاف أن هناك دائما ثمنا يجب أن يدفع.
وقال متحدث باسم الفرقة الاولى مشاة ان القوات الامريكية والعراقية
سيطرت على نحو 70 في المئة من المدينة لكن العمليات مازالت جارية.
وقدر الجيش الامريكي عدد المقاتلين المختبئين في سامراء بما يتراوح
بين 500 وألف مقاتل الا انه ليس من الواضح بعد الحملة الضارية ماذا حدث
لاغلبهم.
وفي هجمات سابقة على معاقل المقاتلين ذاب المسلحون وسط السكان
وتراجعوا عن المقاومة أمام القوات الامريكية ثم ما لبثوا ان عادوا لحمل
السلاح بعد أيام واستأنفوا القتال.
وسيتعين كذلك انتزاع مدينتين أكبر وأكثر تمردا من سامراء من قبضة
المتمردين وهما الفلوجة والرمادي اللتان تقعان غربي بغداد كما أن هناك
مناطق من العاصمة من بينها مدينة الصدر الشيعية التي سيتعين استعادتها. |