بدايةً يمكن القول أن إطلاق حرية الرأي الإعلامي في عراق مرحلة ما
بعد حكم صدام وفريقه السياسي يشكل مكسباً اجتماعياً حقيقياً ويكاد أن
يكون المكسب الوحيد الممكن الاعتراف به وإن كان نسبياً.
وعلى اعتبار أن الإعلام في أي بلد غدى بمثابة القوة الثانية بعد قوة
الجيوش من حيث التأثير فإن تمتع العراقيين بإصدار العديد من الصحف
وإنشاء العديد من المحطات الراديوية والتلفزية في المحافظات والفسحة
الممنوحة للإعلاميين والصحفيين للإدلاء بما يريدوا التعبير عنه عبر
وسائل الإعلام العراقي وبالذات بشطره غير الحكومي فهذا ما خلق الشعور
لدى الطبقات الواعية من الشعب العراقي من أن لـ(حضور التعبير الحر) إذا
ما ساد وأصبح تقليداً عراقياً فهذا ما سيقرب الآراء ويوحدها على الحد
الأدنى من فهم أمور العيش والحياة والتطلع المشروع نحو الظفر ببُعد
إعلامي مرموق ليس في المنطقة العربية بل وفي العالم أجمع.
والإعلام الذي يعكس (كمرآة) لما يجول في خواطر الناس فيما يتعلق
بحقهم أن يتمتعوا بتوفير إعلام بلدي ناجح وحاظٍ بالاهتمام الفعلي نظراً
لفوائد طروحات برامجه ومواده سواء المبثة أو المسموعة أو المقروءة فإن
ما هو متوقع أن هذه الحرية الإعلامية ستساهم حتماً بتركين العديد من
الخلافات وتجاوز كل الأسباب المفتعلة التي تعصف بالعراقيين الآن، وأكيد
فإن توحيد الرأي على كل كبيرة وصغيرة في عراق اليوم هو من (رابع
المستحيلات) إلا أن نشر تقاليد جديدة يلتزم بها الجميع على أساس أن
هناك صيانة للرأي الحر فهذا ما سيفتح آفاقاً اجتماعياً جادة تنقل
الواقع العراقي في مجال الإعلام إلى نوع من (تقبل الآخر).
طبيعي أن هناك اجتهادات إعلامية قد طفحت على سطح الإعلاميات
العراقية منذ سقوط بغداد على أيدي الجيشان الأنكلو – أمريكي في نيسان
2003م ومنها بروز تكتل إعلامي إقليمي خاص بأكراد البلد في شماله وأكيد
فيمكن الاستفادة من هذا التكتل الذي وحد إعلاميو الأكراد جميعاً على
اختلاف مشاربهم وانحداراتهم السياسية، وإذ تبقى الممارسة الإعلامية
سبيلاً ناجحاً لتوحيد المواقف الإيجابية في المجالات الأخرى كالسياسة
وغيرها فهذا ما يدع التفكير يتجه فعلاً لإمكانية تقريب المواقف خصوصاً
بين الثقافتين الكردية والعربية في العراق كخطوة لا بد من تحقيقها.
إن التعامل الإعلامي إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن أي إنجاز إعلامي
يفضل أن لا يكون على حساب طرف آخر فيمكن أن تقوم بهذه المهمة النقابات
الإعلامية التي تملك التفاصيل العملية الممكن أن توظف بجدارة في كل
مجال من أجل تحقيق إعلام عراقي ديمقراطي لذا يمكن لأي جهة عراقية
حكومية أو من القطاع الخاص أن تخطو خطوات عملية في الاتجاه الأوسع
لتأسيس شركات إعلامية تنافس ما أجيز منها في العراق فمثلاً أن شركة
أوراسكوم تليكوم المصرية قد حققت ربحاً قدره (554) مليون جنيه استرليني
خلال عملها مدة (9) أشهر فقط من سنة 2003م المنصرمة ومعلوم أن هذه
الشركة تشغل شبكة (عراقنا) الإعلامية.
إن قنوات ومصادر إعلامية (راديوية وتلفزية وصحفية) تعمل الآن في
العراق رغم المحنة التي يشهدها على صعيد عدم السيطرة على الأوضاع
الأمنية كما أن العراق ومنذ زهاء سنة يدرس مشروع دخول العراق عصر
الحكومة الإلكترونية وبهذا الصدد عقد ومازال يعقد المتخصصون العراقيون
لقاءات متوالية وفي ذاك الانطلاق في التأسيس من أحد مراكز وزارة العلوم
والتكنولوجيا هذا وكان الدكتور محمود قاسم شريف أحد كبار المسؤولين في
دائرة تكنولوجيا المعلومات بالوزارة الآنفة قد صرح لجريدة (الحياة)
اللندنية: (أن دائرة تكنولوجيا المعلومات ارتأت المباشرة في تنفيذ
مشروع الوزارة الإلكترونية لتكون النواة الأولى في الحكومة الإلكترونية
العراقية الجديدة) هذا وكشف استطلاع قامت به وكالة (CNN) الأمريكية (أن
حياة العراقيين حالياً أفضل بكثير مما كانت عليه إبان الحكم السابق إذ
أن قرابة النصف زهاء 50% أيدوا التغيير في العراق). |