لقد ملّ الرأي العام في كل مكان عن سماعه لمزيد من الأخبار الفارغة
عن مرض نقص المناعة (الإيدز) الذي رسم له أن يستفحل باستمرار حتى تحقيق
آخر غاياته وكيف لا يكون ذلك وقد أضحى كـ(مرض فسيولوجي) محاطاً
بـ(لغزية تسببه للإصابة) ثم استحالة اكتشاف علاج حقيقي له. وهذا ما زاد
الاعتقاد منذ أوائل سنتي الثمانينات حين أعلن عن وجود هذا المرض في
الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة ثم أخذ هاجس الخوف فيه يسيطر على
بقية بلدان العالم تباعاً.
تبدو حالة تناقل أخبار الإيدز وكأنها مسرحية من فصل واحد لم يستمتع
الجمهور بعرضها الفني المتكرر وتلك هي الحقيقة التي لا مفر من قولها
فربما كان هذا المرض قد أعلن عنه ليكون أحد أنواع الأسلحة المبيدة
لحياة البشر وممكن شن هذا السلاح المرضي ضد أي مجتمع لا ينصاع للقوى
الظلامية في العالم الذي يشهد بهذه المرحلة التعيسة من التاريخ
استغلالات سياسية دافعها الابتزاز بعد أن بدى أن هناك عجز من اكتشاف
علاج طبي له في حين أن المرض يحصد ملايين البشر كل عام ففي تقرير أعده
صندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف) والوكالة
الأمريكية للتنمية الدولية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك الخاص بفيروس
مرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز): (إن عدد الأطفال الذين فقدوا أحد
أبويهم أو كليهما بسبب.. الإيدز أو الفيروس المسبب له قد قفز قفزة
كبيرة خلال فترة لا تتعدى السنتين من (11.5) مليون طفل في سنة 2001م
إلى (15) مليون طفل في سنة 2003م).
وأشار التقرير الآنف أيضاً إلى: (أن في غضون ست سنوات ستصبح مناطق
أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى موطناً لحوالي (50) مليون طفل ميتم حيث أن
أكثر من ثلث هؤلاء الأطفال سيكونون قد فقدوا أحد أبويهم أو كليهما بسبب
وباء الإيدز، كما أن هناك أيضاً أعداداً هائلة من الأطفال الذين يفقدون
آباءهم في الحروب والنزاعات الأخرى).
ويقدر التقرير المذكور الذي جاء تحت مسمى (على شفير الهاوية 2004م)
أن مجموع عدد اليتامى عالمياً لأسباب شتى بلغ نحو 143 مليوناً ويشدد
التقرير على الأيتام بسبب الإيدز لأنه لولا هذا الوباء لا نخفض إجمالي
عدد الأيتام على مستوى العالم.
هذا في حين أوضح تقرير حديث أصدره برنامج الأمم المتحدة لمكافحة
الإيدز بأن عدد المصابين في العالم بلغ (38) مليون شخص وأن السنة
الماضية 2003م وحدها شهدت (5) ملايين حالة جديدة وهو ما يعد أكبر عدد
من المصابين في سنة واحدة منذ ظهور الوباء، ودعا برنامج الأمم المتحدة
إلى زيادة التمويل الدولي المخصص لمكافحة الإيدز ليرتفع من (5) مليار
دولار في سنة 2003 إلى (20) مليار دولار في سنة 2007م.
وأضاف التقرير: (إن هناك زيارة أيضاً في معدلات الإصابة بالمرض في
الولايات المتحدة وغرب أوروبا ولاسيما بين المثليين جنسياً، وقال
التقرير: أن عدد المصابين في بريطانيا أرتفع من (24) ألف حالة في نهاية
سنة 2001م إلى (32) ألف بنهاية سنة 2003م وقال الدكتور (بيتر بيوت)
المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز: رغم زيادة
التمويل والالتزام السياسي والتطور في الوصول إلى علاج لفيروس (HIV)
على مدى العامين الماضيين إلا أن الإيدز لا يزال ينتشر بسرعة تفوق رد
الفعل العالمي).
ومع أن وباء الإيدز مرشح سياسياً أن ينتشر في بقاع عديدة من بلدان
العالم وبصورة ملفتة للنظر وبأي وقت فإن إحاطته بـ(لغز الاستمرار) يجعل
التفكير لا يستبعد أي مفاجأة قادمة من توظيف هذا المرض توظيفاً سياسياً
ضد الأبرياء. |