تخيم أجواء الإرهاب على العراق بهذه المرحلة التاريخية القلقة والتي
ثبت منها أن النوايا السيئة لقوى الشر المحلية والإقليمية والدولية
والتخطيط ثم التنفيذ المتوالي للعمليات التفجيرية العشوائية قد جعلت
الرأي العام العراقي يتطلع إلى دور الحكومة العراقية المؤقتة على كونه
دور ضعيف بدليل عدم حسم الموقف من قوى الإرهاب وعصاباته.
إن المعادلة السياسية الجارية في العراق توضح تماماً أن تجمعات
الإرهابيين سواء كانوا من عناصر النظام الصدامي المنهزم بعاره أو من
عناصر العروبيين المزيفين المصدرين للعراق فإن عملياتهم ضد الشعب
العراقي جارية على قدم وساق ومقابل ذلك ضعف ظاهر لدى الدولة التي
يقودها إياد علاوي ولعل في التيقن من كون تلك العصابات قاسية جداً في
سلوكياتها وتضم مجرمين وإرهابيين مرتزقة وخبراء تفجيرات وقتلة محترفين
وكل هذا ما جعل إدارة الأزمة السياسية والعسكرية مستمرة في العراق الذي
يعيش حالة غير معلنة من سياسة الطوارئ نتيجة لكون العراق يمر بكارثة
بشرية حقيقية.
إن إغاثة كل المجتمع العراقي بصورة منتظمة كواجب كان وما زال على
الحكومة العراقية المؤقتة وتدبيراتها فالشعب العراقي يعيش محنة حقيقية
وتسلب منها مقوماته الروحية والمادية وهو مهدد في طمأنينته إلا أن
استغاثاته لأبنائه البررة باتت هي الأخرى دون إلتفاتة عملية جديرة
لإلحاق الهزيمة بأعدائه الصداميين والعروبيين المزيفين، إن عجز الحكومة
العراقية المؤقتة في مواجهة الإرهابيين فاقت التوقعات التي كانت معقودة
عليها عند إعلان تشكيلتها.
ففي الصراع الدائر الآن في العراق الذي تنعدم فيه الرؤيا وراءه أكثر
من دافع وتستغله سياسياً أكثر من جهة وهناك مصالح عديدة تستقطب الآن
على الساحة العراقية وكلها تنذر بأن العراق سوف لن يبقى نفس عراقنا
الراهن إذ من المتوقع أن تنهش أرضه أكثر من جهة داخلية.. مدعومة
استعمارياً وإمبريالياً وصهيونياً وكلها تلتقي على نقطة تقسيم العراق
ولكن كيف ولماذا؟!
تشير تقديرات صحفية ذكية أخذت خلال هذه الفترة تنشط لتبيان أن هناك
من يخطط لإعلان حرب أهلية في العراق بعد أن استطاع أعداء العراق من جمع
أعداداً هائلة من المرتزقة المتواجدون الآن في العراق سواء كانوا من
العراقيين الساقطين سياسياً أو من العروبيين المستوردون خصيصاً لتخريب
العراق وتعريض مجتمعه إلى الكوارث المتلاحقة حتى لا تقوم له قائمة
مستقبلاً.
ولعل من أبرز نقاط الضعف لدى الحكومة العراقية المؤقتة الآن أن
إعادتها تطبيق الإعدام بعدد محدود من الجرائم (القتل، والخطف وتداول
المخدرات) لم تعط أي مردود لصالح التهيب من سلطة الدولة المؤقتة بسبب
حالات التلكؤ التي تعيشها وهذا ما شجع المخالفون على اقتراف المزيد من
مثيل هذه الأعمال، إذا كان من المفروض أن تعمل الدولة الجديدة لإثبات
وجودها أمام هؤلاء بنفس الضرر الذي أبدته أمام غيرهم سواء في معارك
النجف أو غيرها.
إن مصالح وحياة الشعب العراقي والوطن العراقي أيضاً تتعرض للأخطار
المحدقة بأكثر من جانب وأن الأيدي الإجرامية المتجاوزة بدلاً من أن
تقطع أصبحت تصعد هجماتها العشوائية حتى في الشوارع العادية ومحلات
السكن لمعاقبة الناس وقتلهم دون ذنب اقترفوه.. إن أحرار العالم قلقون
من بقاء الإرهابيين بشطريهما (الصدامي العميل والعروبي المزيف) في وحول
العراق. |