لم يعد أحد يستطيع أن ينكر أن قلق العالم هو من قلق العراق.. وعلى
العكس تماماً فاستقرار العراق يعكس استقراراً مماثلاً على أغلب بلدان
العالم الأخرى.
فقد ثبت أن العالم برمته الذي يبدو أن وراء فترات هدوئه عواصف دولية
سلبية ممكن تحريكها لكن حين يتعلق الأمر باستقرار العراق فإن استتباب
ذلك ينتقل أوتوماتيكياً بصورة اعتيادية (على الأغلب) إلى بقية بلدان
العالم أما كيف ولماذا؟ فربما يعود ذلك إلى أن هناك إخفاء لحقيقة
اقتصادية يعتقدها المتابعون الأذكياء أن حاجة البشرية جمعاء للنفط
العراقي هي ضمن أولويات استمرار اقتصادها وبالنسبة للدول الكبرى
صناعتها على وجه التحديد نظراً لما عُرف عن النفط العراقي كونه يحوي
على نسبة نوعية وذات جودة نفطية لا تتوفر بأي نوع آخر مستخرج من النفط
لدى البلدان الأخرى (ودون أي استثناء).
لذا فإن هيئة الأمم المتحدة في بحثها الدائم بالملف العراقي ما هو
إلا نوع من الاعتراف الضمني بأن العراق ليس بلداً عادياً حيث قد لوحظ
وخلال عقود كثيرة من عمر الأحداث السياسية أن العراق حين يكون دون
قلاقل داخلية أو خارجية جادة فإن بلدان العالم تكون بشكل أفضل مقارنة
مع أي حقبة تاريخية أخرى، ولعل هذا ما يجعل الرأي يتجه لما دعا إليه
مؤخراً (انطونيو مارتينو) وزير الدفاع الإيطالي من كونه يتطلع إلى دور
لحلف شمال الأطلسي في العراق.
وبالرغم من صعوبة الوضع العراقي حالياً على المستوى الأمني فإن ما
يخشى أن يكون ذلك مقدمة لتقسيم العراق وأن ما لا يمكن إغفاله حول هذا
الجانب أن مستقبل العراق يشكل اليوم بحثاً مهماً كي تحدد خطوطه العامة
بمشاركة دولية في حين يلاحظ أن التوجه لوضع حلول للمشاكل العراقية
الساخنة مازال في طور عمل شيء ما كي تكون تلك الحلول ناجعة وبمختلف
الجوانب وهناك بوادر مشجعة على تحسين الوضع الاقتصادي نسبياً إلا أن
ديمومة القلق من تردي الأوضاع الأمنية – الإرهابية مازال يشكل عقبة
كأداء أمام عموم تحسين الحياة في العراق فمثلاً أن منظمة الصليب الأحمر
كانت قد طلبت من أجل منحها (900) مليون دولار كمعونة لإنفاقها في
العراق لتمويل أعمالها الإنسانية.
ومن حيث العلاقات الدبلوماسية مع العراق فهناك لقاءات دولية عديدة
تتم على أساس من التنسيق كي يعيد العراق عافيته وآخر خبر بهذا الصدد أن
تم تعين ممثل للبلد في هيئة الأمم المتحدة مبعوثاً عن الحكومة العراقية
المؤقتة هذا وبعد أن أدرك العالم بما في ذلك الجانب الذي يمثل البلدان
العربية وكذلك الإسلامية من كون أحداث الاستقرار بالعراق سيوفر فعلاً
أجواء مفتوحة من التعاون الدولي نظراً لما يملكه العراق من (طاقة نفط)
تحرك معظم بلدان العالم بصورة دون أي تلكؤ فهذا ما يجعل بطبيعة الحال
أن تحقيق فكرة إقامة علاقات جيدة مع العراق فيه من المصلحة المتبادلة
ما يجعل بقية دول العالم في حالة انتعاش اقتصادي يتعزز باستمرار بحياة
اجتماعية لكل البلدان التي تتعامل بإقامة العلاقات الاقتصادية مع
العراق على أساس من احترام الخصوصية العراقية.
ولعل من ضمن التوجه لتحقيق تعاون دولي جاد مع العراق أن هناك الآن
توجه من أجل تخفيض ديون العراق بوقت أفاد فيه البنك المركزي العراقي
منذ فترة وجيزة: (أن زهاء 15 مصرفاً أجنبياً تطلب فتح فروع لها للعمل
في العراق.
لقد أصبح الآن للعراق دستور مؤقت وأن الالتزام بتنفيذ بنوده يعتبر
مرحلة متقدمة لإدارة شؤون البلاد الداخلية والخارجية وأن العراقيين
يأملون أن يعيشوا كأي مجتمع آخر حياة خالية من مشاكل السياسات الخبيثة. |