
على خلفية سلسلة اعمال العنف في منطقة اطلق عليها مؤخرا اسم مثلث
برمودا او الموت العراقي والتي تقع ضمن الحدود الشمالية والشمالية
الغربية لمحافظة بابل بعد ان شهدت تصاعد كبير في اعمال العنف لم
تستثني حتى المدنيين سواء من سكنتها او من المسافرين على الطريق
العام الذي يمر بمحاذاتها كان لنا هذا اللقاء مع النقيب هادي هاتف
حسن مدير اعلام قيادة شرطة بابل في تحقيق الغاية منه تسليط الضوء على
ما يقوم به مسؤولي امن المحافظة والاجهزة الامنية وتعليقهم على ما
يحدث في تلك المناطق حيث حدثنا قائلا: (لا ننكر ان ما يحدث من خروقات
امنية وعمليات ارهابية في تلك المناطق النائية بدأت بالتصاعد
تدريجيا حتى طال الشوارع العامة الرئيسية التي تربط بين المحافظات
الجنوبية والعاصمة العراقية بغداد، ولكن لكي تتضح الامور بصورة افضل
علينا ان اشير الى ملاحظة مهمة هي ان اغلب اقضية ومدن محافظة بابل
ابتداءا من مركز المدينة وجنوبها وشرقها وغربها تتمتع باستقرار امني
جيد، ولكن المناطق المتوترة تنحصر في شمال وشمال غرب مدينة الحلة
كونها تقع بمحاذاة الحدود الجنوبية لمدينة بغداد والجنوبية الشرقية
لمدينة الفلوجة والتي تعتبر بؤر للعمليات الارهابية و مصدر ويأوى
العناصر الارهابية وما تشهده من انفلات امني خير دليل على ذلك،
فالمتسللون استطاعوا التمركز في جيوب متفرقة يصعب على رجال الشرطة
القضاء عليها بهذه الامكانيات المتواضعة كونهم يتحصنون في
مناطق بساتين وعرة تمتد لمسافات شاسعة تربط بين ثلاث مدن كبرى في
العراق وهي بغداد والرمادي والحلة).
** حضرة النقيب
ولكن كيف انتشرت هذه المجاميع بسهولة في هذه المناطق؟
حقيقتا
هذا السؤال شائك قليلا ولكن سوف اجيبك بصراحة، بسبب انتشار الطائفة
الوهابية في تلك المناطق والتي بدت باضمار الشر لبعض الطوائف الاخرى
المتعاونة مع الحكومة العراقية، بعد ان بدأت بتنظيم نفسها على
شكل تنظيمات وتكتلات تستقبل المجموعات الارهابيةالمتسللة من خارج
العراق وتتعاون معهم حيث قاموا بتشكيل ما يسمى الجيش الاسلامي السري
وغيره من المنظمات الارهابية وجدت المناخ المناسب او البيئة الجيدة
لاحتضان مثل تلك الزمر الارهابية مثل فلول القاعدة والمقاتلين
الاجانب والتمركز في تلك المدن النائية، خصوصا بعد ان بسطوا على
اهالي المنطقة هيلمانهم بالقوة والاكراه، فهناك بدون شك من سهل
قدومهم وانضم اليهم في دعم الارهاب.
** ولكن ماهي
ردود افعال الموطنين الذين يقطنون تلك الاقضية؟
من خلال عملي استطعت ان اخرج بحصيلة مؤكدة ان جميع اهالي تلك
المدن مستاؤون جدا مما يحدث هناك خصوصا انهم يجدون انفسهم تحت حكم
مجاميع ارهابية تفرض عليهم قوانين ما انزل بها سلطان، فاهالي المسيب
والحصوة وجرف الصخر يرفضون هذه الاعمال نهائيا، ولكن ليس بيدهم حيلة
فهم مدنيون عزل، والارهابيون منظمين بصورة جيدة وتلقوا كما يبدو
تدريبات عالية المستوى ويملكون جميع انواع الاسلحة ولايرحمون من يقع
بين ايديهم، فقطع الاعناق والالسن والاطراف، والتعذيب الجسدي
كالتسلية لديهم وقد اغتالوا كل من اعترض على اعمالهم علانية، لهذا
السبب نجد صعوبة في تعاون المواطنين مع الاجهزة الامنية لما يسبب لهم
هذا الامر من رعب .
** حسب ما تردد
ان الاجهزة الامنية تقف عاجزة امام هذه المجموعات اذا لم نقل انسحبت
من مواجهتهم، فما تعليقكم على ذلك؟
كلا الشرطة لم تردد او تنسحب من أي مواجهة ولم تترك أي موقع او
مركز لها، والجدير بالذكر ان أي جهاز شرطة في دولة اخرى واجه ما
تواجهه الشرطة العراقية لانهار بسرعة، فنحن نواجه زمر ارهابية
انتحارية تهدف الى التخريب والاضرار بالبلد فقط دون ان تأخذ بعين
الاعتبار أي خسائر تلحق بها، او تقيدهم أي قوانين دينية كانت او
اخلاقية،فهم تارة يستهدفون سوق شعبي او يقصفون مشفى او الية مدنية
تحمل الاغذية، وبالرغم من ذلك ان الشرطة العراقية لم تتزعزع او يحبط
معنوياتها شدة ما تواجة، وتقوم بمعالجة كل ما يوجهها من احداث، ولكن
لتواضع الامكانيات عدة وعددا اضافة الى الظغط الناجم من تعدد انواع
واهداف العمليات الارهابية اوجد هاجس لدى المواطن البسيط ان الشرطة
بدت تضعف او ما شابه ذلك، والحقيقة ان الشرطة العراقية وخصوصا في
محافظة بابل تقوم بواجباتها على اكمل وجه بالرغم من انها مكتفية
بالاعتماد على كوادرها فقط دون أي تعاون من قبل قوات متعددة الجنسيات
حتى الوقت الحالي, وعلى سبيل المثال فان افراد احد المراكز الواقعة
خارج مركز مدينة الحلة تعرض لهجوم استمر لسبع ساعات خلال الليل من
قبل مجموعة ارهابية استخدمت الهاونات وقاذفات RBG ومختلف
الاسلحة المتوسطة للسيطرة عليه دون جدوى بعد ان تكبدوا عدد من
الخسائر وانسحبوا خائبين عند وصول التعزيزات للمركز.
عفوا ولكن بتاريخ 13/8 أي الشهر الماضي فقط شهدت محافظة بابل اشبه
بسقوط جميع المؤسسات الحكومية والامنية، حيث تردد ان السجن المركزي
والذي يقع تحت حراسة مشددة تم اقتحامه واطلاق جميع من فيه!
نعم
وبكل اسف ان ما جرى سابقا كانت عملية غدر لم نتوقعها، ففي ذاك
التاريخ ابلغنا من مكتب الشهيد الصدر انهم سوف ينطلقون في مظاهرة
سلمية لتقديم بعض الطلبات ولكن ما جرى لم يكن كذلك، فقد تم ترتيب خطة
سيئة النية مسبقا بحيث تم اشغال عدد كبير من افراد الشرطة لتأمين
سلامة المتظاهرين في الوقت الذي شن هجوم بالاسلحة المتوسطة على اغلب
المراكز الباقية في المحافظة، ومحاصرة السجن واقتحامة بعد مقاومة
ضعيفة ابداها الحراس هناك، فبسبب التظاهرة التي طوقت مبنى المحافظة
وتشتت افراد الشرطة في واجبات اخرى استطاعوا تحقيق مآربهم واخراج
جميع السجناء المدانين باعمال ارهابية واجرامية، حيث كان من ضمن
المعتقلين سجناء من جنسيات مختلفة اغلبهم ارهابيون القي القبض عليه
متلبسون، ولكن استطعنا القاء القبض على اغلبهم بعد فترة يسيرة على
اثر الجهد الذي بذلته اجهزتنا الامنية.
اذا كان اهالي تلك المدن المتوترة كما تقول يعارضون اعمال العنف
الجارية هناك، لماذا لم تقوموا بالتنسيق مع وجهائهم او شيوخ العشائر
لكي تتضافرالجهود في انهاء مسلسل العنف؟
كمنا بالتنسيق مع اغلب وجهاء وشيوخ عشائر تلك المدن وبالفعل قاموا
بمساعدتنا في تامين الحماية لبعض المنشات الحيوية مثل محطات
الكهرباء والمستشفيات والدوائر الخدمية، لكن وكما اسلفت لم تكن تلك
روح التعاون تصل الى الدرجة المنشودة بسبب الارهاب الذي يواجهونه من
قبل المجموعات الارهابية فالمواطن يرغب في استتباب الامن ولكن تغلغل
تلك العناصر في تلك المدن واحتظانهم من قبل الوهابيون تحول دون تعاون
المواطن معنا بصورة افضل، فهم اعني الارهابيون يستهدفون حتى عوائل من
يشكون به.
حضرة النقيب يبدو لي انكم تتمسكون بالخيار العسكري فقط، الم تتاح
لكم خيارات اخرى لاحتواء الازمة؟
بالحقيقة حاولنا ولاكثر من مرة، ولكن كانت طلباتهم تعجيزية وتجدها
تصب في قالب طائفي بغيض بيث لم نستطع الالتقاء معهم على اي محور
للتفاوض، فتارة يتحججون بالاحتلال وتارة اخرى بالسلطة، لا تستطيع
الخروج بحصيلة حاصل عندما تتحدث معهم الا انهم اذا تركوا سوف يحرقون
البلاد اجمعها وهذا لن يحصل ابدا انشاء الله.
اخيرا..
هل تسطيع الشرطة العراقية بفرض القانون واستئصال تلك المجموعات
الارهابية، ام الوضع سيبقى على ما عليه حتى اشعار آخر؟
قمنا باستعدادات ستكون كفيلة انشاء الله بالقضاء على جميع بؤر
الارهاب في محافظة الحلة، خصوصا بعد استعانتنا بقوات متعددة الجنسيات
بعد ان وافقت في تسنم مسؤولية عدد من المحاور الرئيسية التي نحن باشد
الحاجة لفرض سلطة القانون عليها لاستتباب الامن، علما اننا ننتظر
بالقريب العاجل تخرج عدد كبير من افواج الجيش العراقي الجديد بعد
افتتاح مركز لتدريب المتطوعين الجدد والذين اغلبهم عسكريون قدامى
خدموا في الجيش العراقي السابق مما يتيح لنا الفرصة بالسيطرة بفترة
قصيرة وتؤمن لنا كذلك الاطمئنان في حال انسحبت قوات متعددة الجنسيات
من مهامها.
|