منذ بدايات هذه السنة 2004م أخذ بعض أفراد العائلة الملكية في
الأردن يطلقون التصريحات اللامسؤولة عن طموحهم لحكم العراق وذلك عبر
اختيار أكثر من شخص فيها كي يعيد للعراق وجهه الملكي إلى الواجهة
الدولية مرة أخرى.
حتى الآن لا أحد يدري كيف يفكر قادة الأردن الملكيين ويجعلوا لهم حق
إطلاق التصريحات التي تجيز لهم حكم العراق وعلى أي أساس إذ من المعلوم
أن الملك فيصل الأول الذي ينحدر من نفس عائلة الملك عبد الله الذي نصب
ملكاً على منطقة شرقي الأردن التي أصبحت فيما بعد (الأردن) هم وإذا كان
أفراد العائلتين الملكيتين ذو أصل قريب يعود لبلاد المملكة العربية
السعودية – أفلا من الأفضل أن يلغوا من نفوسهم فكرة حكم العراق ومن
ناحية ذات صلة فإن اتفاق توحيد البلدين العراق والأردن سنة 1958م تحت
عنوان (الاتحاد الهاشمي) لم يكن إلا كرد سياسي على إقامة دولة الوحدة
المصرية – السورية التي تمت سنة 1957م ولكن (لم يسمع أحد) أن مسؤولاً
مصرياً يطمح لحكم سورية أو أن سياسياً سورياً لديه فكرة حكم مصر فماذا
يجري في الأردن؟!
وإذ أنفصمت عُرى دولة الاتحاد الهاشمي ودولة الوحدة المصرية السورية
وأصبحت في ذمة التاريخ فإن تصريح الملك حسين بعد أحداث 14 تموز 1958م
في العراق والخاص على كونه سيجعل في كل عائلة عراقية نائحة! فإن تلك
النائحة قد حدثت فعلاً على أيدي الجاسوس صدام وفريق جلاوزته من عملاء
الاستعمار لكن الرأي العام العربي كان أثناء إطلاق الملك حسين لتهديده
ذاك بأنه مجرد تهديد بـ(الكلام) نظراً لما عرف أنذاك عن ضعف إمكانات
الأردن كـ(مملكة ناشئة).
في شهر شباط الماضي من هذه السنة 2004م أعربت الملكة نور أرملة
الملك حسين عن أمنيتها في أن يتولى نجلها الأكبر حكم العراق ويتوج ملكاً
عليه. ومع أن (نور) هي ليست من العائلة المالكة في الأردن لكن منحها
لقب ملكة جاء في أعقاب اقترانها بالملك السابق حسين فإن دخولها على خط
الإعراب عن حكم العراق بواسطة أبنها يوحي وكأن أفراد العائلة المالكة
الأصليين أو الملتحقات والملتحقون بها كـ(زوجات أو أزواج) هم الورثة
الشرعيون والأوصياء المنتظرون على بلاد ما بين النهرين وكأن العراق
معروض للبيع وينتظر تسجيله كملك صرف في دائرة الطابو ودائرة التسجيل
العقاري.
إن الرياح ليست تسير بما تشتهي السفن والأمير حسن في مقابلة مع إحدى
الفضائيات اللبنانية حيث أستضيف على إحدى البرامج أعرب عن شيء يتقارب
مع فكرة قبوله لحكم العراق إذا طلب الشعب العراقي ذلك منه! ولعل توالي
مثل هذه التصريحات لا تدع مجالاً للشك بأن للعائلة الملكية في عمان
نزوع ورغبة جامحة لحكم العراق وكأن العراق قد أفرغ من الرجال والنساء
ولم يعد بالبلاد سوى أطفال يحبون على الأرض وهم لذلك بحاجة قصوى
لأوصياء يحكموه يأتون بهم من العاصمة الأردنية.
إن درس الحكم الملكي ما زال ماثل للعيان والتاريخ يقول بكل وضوح أن
خطوة قبول فيصل الأول لينصب ملكاً على العراق الذي تم في سنة 1921 قد
دفع ثمنها الفادح ابنه الملك غازي الذي اكتسب شعوراً وطنياً وأراد
للعراق خيراً فتم اغتياله بطريقة تدبير حادث سيارة مفتعل أودي بحياته
أما الملك فيصل الثاني حفيد فيصل الأول فقد ذهب هو الآخر ضحية سوء تصرف
خاله الوصي الأمير عبد الإله الذي فضل المواجهة العسكرية غير المتكافئة
مع العساكر المطوقين لقصره (الرحاب) وكان ما كان. إن احتواء فكرة الطمع
الملكي الأردني له ضروراته وحري بأفراد العائلة المالكة في عمان أن لا
يديروا رؤوسهم نحو العراق. |