فيما تسير القضية العراقية نحو مستقبلها الذي لن يستطيع أحد التكهن
تماماً بنجاحه أو رسوبه في الواقع فإن إشارات بدأت تبرز على الساحة
العراقية تتراوح بين الإيجاب والسلب بحيث أصبحت مسألة الفصل بين ما هو
مرسوم وما هو غير مرسوم في غاية التعقيد ولكن الممزوج بالأمل.
وبحسب تصريح نُسب لوزير الدفاع الأمريكي (رامسفيلد) في جريدة الشاهد
العراقية بعددها 18 آب 2004م بـ(أن صدام وحده قادر على إعادة الأمن إلى
العراق) في حين نشرت ذات الصحيفة استناداً لمصادر مقربة لها تقريراً
خاصاً ذو عنوان مثير أبرزته على الصفحة الأولى مع ثلاث صور مختلفة
للجاسوس صدام التكريتي نصه (الكشف عن مؤامرة أمريكية لإعادة صدام إلى
السلطة) وإذا ما صحت مثل هذه الأخبار وهي أخبار غير مستبعدة التحقيق في
عالم السياسة السخيف في هذا الزمن فإن كل شيء جائز مادام الحياء من
الشعوب أصبح أحد أخبار كان (رحمها الله!).
ومما لم يعد سراً في العراق فإن كتلة جلاوزة النظام السابق بدأ
أفرادها يحركون ذيولهم عبر الاستمرار بعمليات التفجيرات الإرهابية رغم
أن قراراً بوقف إطلاق النار مع عصابات الإرهاب التي يقودها ويساعد على
تنفيذها أركان النظام الصدامي الاستعماري فمثلاً أن جيش ما يسموه
بالمقاومة الذي عقد اتفاقية لإنهاء عمليات القتال والعنف بمدينة النجف
قبل زهاء أسبوعين أخذت عناصر هذا الجيش تكرر عملياتها المتمردة على
الأوضاع في مدينة الثورة التي يطلق عليها الآن مدينة الصدر وينقل شهود
عيان غادروا العراق إلى بعض بلدان الجوار العراقي أن مشاهد الموت
والقتل والنهب لا يبدو انها ستنتهي إلا بظهور معجزة في العراق.
هذا ففي حين صرح الدكتور عدنان الباجه جي بأوائل شهر حزيران الماضي
2004م أثناء مغادرة له للبلاد بـ(أن مسؤولين كبار هددوني بالقتل إن لم
أسحب ترشيحي للرئاسة). اعتراف برزان التكريتي الأخ (غير الشقيق) لصدام
بـ(أن الأمريكان وعدوني بأن أصبح رئيساً لكنهم خدعوني) وجاء اعترافه
أثناء استجوابه الأولي في المحكمة التي استمعت إلى أهم أفادته باعتباره
كان أحد الأيدي الإجرامية الضاربة للشعب بإيعاز من أخيه الجاسوس صدام
وتخلي القوات الأنكلو – أمريكية عن برزان بدأ أنه ليس الأخير فقد تخلت
القوات المذكورة بأمر من قيادتي لندن وواشنطن عن (سلطان هاشم) الذي
ساهم في تسليم بغداد كـ(صفقة سياسية متفق عليها سلفاً) قبل افتعال
اندلاع الحرب.
هذا وفيما ارتفع سؤالاً كبيراً في الشارع العراقي يقول: (هل انتهى
الدكتور أحمد الجلبي سياسياً؟!) فإن الشك بمصداقية الحصول على السيادة
العراقية الحقيقية أخذ يدخل في متاهات لا أول ولا آخر لها وما يعزز ذلك
أن أخباراً عن السيناريو الأمريكي المنفذ للسياسات البريطانية في
العراق تشير بكل إشارات لا لبس فيها بأن الولايات المتحدة ستنفذ خطة
جديدة سنة 2006م لتقسيم العراق ومن خيوط هذه الخطة التي اكتشفت بعض
توقعاتها بأن الباب سيفتح مجدداً أمام إحياء مشروع المملكة الهاشمية
بين الأردن والعراق هذا المشروع الذي كان قائماً حتى 13 تموز 1958م بين
البلدين حين كانا تحت وصاية الحكم الملكي في العراق. |