مازال الوضع العراقي مثار اهتمام واسع لدى أجهزة الإعلام الدولية
والمحللين السياسيين فبعد أيام من العمليات العسكرية الطاحنة في محافظة
النجف توصل الطرفان المتحاربان إلى عقد هدنة مؤقتة على أمل أن تسفر عن
حل الخلافات حول التطلعات القادمة للوضع العراقي إلى حلول وسط على
الأقل وتوقف إراقة الدماء إلا أن إحاطة موضوع الخلافات بسياج من السرية
وعدم الإفصاح تماماً عما تم بين ممثلي الطرفين وثم الإعلان عن فشل
المفاوضات ما زاد الوضع العراقي ظلامية.
فمن جانبه أعلن الدكتور موفق الربيعي في تصريح إعلامي أن مفاوضات
الحكومة العراقية المؤقتة التي يمثلها في التفاوض بصفته رئيساً لدائرة
الأمن القومي في العراق قد فشلت تماماً وأعرب عن أسفه لذلك وأضاف أن
استئناف العمليات العسكرية بالنجف هو أمر لا حيلة له دونه وفي غضون ذلك
حمل أنصار الميليشيات (القوات الأمريكية) ورئيس الحكومة العراقية إياد
علاوي مسؤولية هذا الفشل، إلا أنه ومن جانب تحليلي فلا أحد يوضح لماذا
كل هذا التركيز على ذكر التسمية للقوات الأمريكية فقط مع أن قيادة قوة
الاحتلال وجيش الاحتلال يعمل تحت مظلة قيادتا لندن وواشنطن في آن واحد
وأن أجهزة الإعلام الدولية هي الأخرى بدورها تهمل إطلاق تسمية القوات
الأنكلو – أمريكية على الجانب الغربي العسكري البريطاني – الأمريكي
المشترك المتحارب في أرض العراق وأن إرتداء ملابس الجيش الأمريكي
للعساكر المحاربين في صف القيادة العسكرية الأمريكية ليس دليلاً أخيراً
على أمريكيتهم.
إن اللعبة العسكرية والسياسية الجارية الآن في العراق أكبر من أن
تطرح على أجهزة الإعلام لتبيان خفاياها والمطلوب من العراقيين أن
يتسلحوا بسلاح الوعي لمعرفة أصدقائهم وأعدائهم الحقيقيين من الأجانب
وكذلك تمحيص مواقف وهويات أصدقائهم وأعدائم الحقيقيين أيضاً من بني
جلدتهم أيضاً فقد أفادت صحيفة الوطن السعودي الصادرة 14 آب الجاري ما
أكده مصدر سياسي أوروبي: (أن القوات الأمريكية تعمدت إشعال الموقف في
مدينة النجف العراقية بإصدارها الأوامر بقتل واعتقال العشرات من
العراقيين مشيراً إلى احتمال أن يكون تعمد اشعال الموقف في العراق يهدف
لإجبار مجلس الأمن على اتخاذ قرار سريع بإرسال قوات إلى العراق لإنقاذ
أمريكا من الواقع الذي تعاني منه).
أما الشعب العراقي الذي يعتبر هو الضحية الأولى مما يجري على ارض
وطنه من افتعال لعبة هذه المعارك والمناوشات العسكرية (الضعيفة
السيناريو) فيلاحظ أن قوى الاحتلال الأنكلو – أمريكية تقوم بمحاولة
إخصاء كل رجال العراق إينما ارتفع لهم صوتاً معارضاً للعبة الجارية على
أرض وطنه فقد قصفت سامراء يوم أمس بقنابل تلك القوى والقتلى بين
العراقيين الأبرياء الذين لا دخل لهم بما يجري هو أكبر عدداً من هؤلاء
المسمون خطأً بالمقاومين الذين يؤدون دورهم العسكري الشنيع المفتقر إلى
التوقيت الصحيح.
إن الحال في العراق الآن يبدو وكأن البلاد خالية تماماً من
السياسيين المخلصين للبلد سواء من العراقيين الذين ينبغي أن يحسبوا كل
حساباتهم على أساس من الموضوعية والتي منها استحصال أكبر عدد من
المكاسب لصالح الشعب والوطن من القوات المحتلة للعراق وعبر أسلوب
الحوار الصريح كـ(مرحلة لا بد منها) وترك أسلوب المواجهة بالعنف في
المرحلة الراهنة وعلى خلفية اليقين الثابت من كون القوات الأنكلو –
أمريكية المحتلة للعراق الآن بصورة مباشرة وكانت تحتل البلاد بصورة غير
مباشرة بواسطة حكم صدام وفريقه السياسي العميل لقيادتي لندن وواشنطن
باعتراف قادة الفريق السياسي المذكور من أمثال الملعونين من قبل الشعب
العراقي فوائد الركابي وأحمد حسن البكر وعلي صالح السعدي وحردان
التكريتي والتي جاءت اعترافاتهم كما هي موثقة في أكثر من مصدر.
أما بالنسبة للعساكر الأفراد من البريطانيين والأمريكيين المتواجدين
الآن في العراق فغالبيتهم ليس لهم أي دور سياسي واعٍ لوجودهم الحقيقي
في العراق وبسبب غياب الدور اللاواعي هذا فعدد منهم يعتقدون وبغباء
شديد بأن لوجودهم في البلاد فضل على العراقيين وعلى اعتبارهم أن حكم
صدام كان حكماً استبدادياً أن يجهلوا أن صدام وفريقه السياسي هم عملاء
غربيون عتيدون في الساحة العراقية والعربية. وأن وضع مثل هؤلاء العساكر
الغربيين بحاجة إلى أن يخرج منهم أو يرفض التواجد الشخصي له على أرض
العراق كما فعل ملاكم العال السابق الأمريكي الجنسية (محمد علي كلاي)
حين رفض الذهاب إلى فيتنام كـ(جندي محارب) ضد الفيتناميين كما أن
الساحة العراقية تفتقر إلى وصول إنكليز وأمريكان ممن يتصدرون إحدى
المجالات الإبداعية ليفضحوا حكومة لندن أو حكومة واشنطن مثلما فعلت
الممثلة الأمريكية (جين فوندا) حين ذهبت إلى فيتنام بجهد شخصي وارتدت
ملابس النساء الفيتناميات وعاشت بينهن وبين مقاتليهم لفترة قصيرة ثم
عادت إلى بلادها لتفضح لعبة الحرب الأمريكية في فيتنام لقد آن الأوان
أن تقال كل الحقيقة الجارية بالعراق. |