اجتمع زعماء عراقيون لليوم الثاني لاختيار مجلس وطني مؤقت ولكن
القتال المندلع في النجف سيطر على الاجتماع يوم الاثنين بشكل يضع رئيس
الوزراء العراقي اياد علاوي تحت ضغط إجراء مزيد من المحادثات مع
المقاتلين الشيعة.
وقال السكان ان مدينة النجف المقدسة متوترة في الوقت الذي تجوب فيه
الميليشيا الشيعية الموالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الشوارع قرب
مسجد الإمام علي ومنطقة المقابر القديمة التي هاجموا منها القوات
الامريكية والعراقية خلال الاشتباكات التي استمرت 12 يوما.
وقال حميد الكيفائي أحد المبعوثين في المؤتمر الوطني العراقي ان
القتال في النجف يسيطر على المؤتمر بأكمله وأعرب عن أمله في إمكانية حل
هذه القضية حتى يتمكن المؤتمر من المُضي قُدُما في أعماله.
وسيختار المؤتمر مجلسا وطنيا مؤلفا من مئة عضو للاشراف على الحكومة
العراقية المؤقتة برئاسة علاوي الى أن تُجرى الانتخابات في يناير.
وقال علاوي متحدثا في المؤتمر في بغداد يوم الأحد ان تواجد 1300
مبعوث في المؤتمر هو أكبر تحد "أمام قوى الظلام التي أرادت تمزيق وحدة
هذا البلد."
وقاطعت شخصيات بارزة مثل الصدر المؤتمر كما هدد بعض الزعماء الشيعة
بالانسحاب من جراء القتال في النجف.
وبمجرد اختيار أعضاء المجلس الوطني ستكون لدى المجلس سلطة الاعتراض
على أي تشريع بأغلبية الثلثين وإقرار ميزانية 2005 وتعيين رئيس وزراء
جديد أو رئيس للبلاد في حالة استقالة أي منهما أو وفاته أثناء توليه
المنصب.
واتفق العراقيون المجتمعون لتشكيل مجلس وطني مؤقت على ارسال وفد
لمدينة النجف المقدسة يوم الاثنين في محاولة لإقناع رجل الدين الشيعي
مقتدى الصدر بإنهاء صراع دموي مع القوات الامريكية.
وقال حسين الصدر المبعوث بالمؤتمر الوطني العراقي والحليف الوثيق
للولايات المتحدة ان الفريق سيغادر خلال ساعات لمناشدة الصدر انهاء
الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل المئات وهددت بإضعاف سلطة علاوي.
ومضى يقول على هامش المؤتمر الوطني ان الوفد سيوجه هذه الدعوة
العاجلة من المؤتمر لمقتدى الصدر في محاولة لحل هذه المشكلة من جذورها.
وقال مبعوثون ان الوفد سيحاول ايضا تسليم الصدر رسالة تحثه على
مغادرة مسجد الامام علي وتحويل جيش المهدي التابع له الى حزب سياسي.
ومضى يقول ان الوفد سيطلب من مقتدى الصدر "نزع السلاح وإخلاء الحرم
الشريف والصحن العلوي... والانضمام الى العملية السياسية."
وأضاف ان الاماكن المقدسة "ليست ملكا لأحد وهي مفتوحة للجميع ومن
غير السليم ان تكون السيطرة عليها لهذا الشخص او ذاك مهما عظمت مكانته."
وصرح بان الحكومة العراقية قدمت ضمانات "ليكون الصدر وجميع اتباعه...
في أمان كامل من اي ملاحقة قانونية."
وكان المؤتمر الوطني قد شكل يوم السبت لجنة سميت بلجنة المصالحة اثر
احتجاجات كبيرة قام بها عدد كبير من الاعضاء المشاركين في المؤتمر
هددوا فيها بالانسحاب من المؤتمر في حالة عدم انهاء العمليات العسكرية
في مدينة النجف.
وتضم اللجنة 20 عضوا من اعضاء المؤتمر الوطني وتعمل على انهاء
المواجهات المسلحة التي تدور الان في النجف بين عناصر ميليشيا جيش
المهدي والقوات الامريكية.
الا أن مقتدى الصدر لا يبدي أي اشارة على امكانية التوصل لتسوية
متعهدا بالقتال حتى الموت اذا لزم الامر.
ويطالب الصدر القوات الامريكية بمغادرة النجف وأن تمنح الحكومة
مقاتليه عفوا ضمن أي اتفاق لانهاء الصراع الذي استمر 12 يوما في ثماني
مدن.
وقال شهود عيان ان القتال تجدد بين القوات الامريكية وميليشيا جيش
المهدي في حي شيعي في بغداد. وأضافوا أن القوات الامريكية تغلق المنطقة
المعروفة باسم مدينة الصدر.
وبالرغم من تجدد الاشتباكات في النجف منذ انهيار محادثات السلام يوم
السبت الا أن القوات الامريكية والعراقية لم تشن هجوما كبيرا.
وانضم الاف المحتجين من جنوب العراق للصدر في المسجد وتعهدوا بأن
يكونوا دروعا بشرية.
وقالت وزارة الداخلية العراقية انها اصدرت أمرا للقوات العراقية
والامريكية بعدم مهاجمة مسجد الامام علي. ومثل هذا الهجوم قد يثير
مشاعر الغضب بين الاغلبية الشيعية في البلاد.
وقال مسؤول في شركة نفط الجنوب ان الاشتباكات بين الشيعة والقوات
الامريكية أرغمت العراق على الإبقاء على خط أنابيب النفط الجنوبي
الرئيسي مغلقا يوم الاثنين مما قلص صادرات البلاد الى النصف تقريبا.
وهدد جيش المهدي بمهاجمة البنية التحتية لصناعة النفط مما ساهم في
ارتفاع أسعار النفط الى معدلات قياسية.
هذا يتحصن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وأنصاره من جيش المهدي داخل
واحد من أشهر مقدسات الشيعة في لعبة ماهرة في انتظار هجوم متوقع تقوده
القوات الامريكية.
ويتحصن أفراد جيش المهدي داخل مرقد الامام علي ويتمركزون في الازقة
وفوق أسطح المنازل مزودين بامدادات لا تنتهي فيما يبدو من البنادق
الكلاشنيكوف والقذائف الصاروخية التي تطلق بشكل متقطع على القوات
الامريكية في منطقة المقابر القديمة المجاورة.
ولكن كان أكبر استعراض للقوة يوم الاثنين عندما رحب نحو ألفين من "المتطوعين"
من المدنيين العراقيين بالصدر في ساحة المسجد المغطاة بالرخام.
يتدفق هؤلاء المتطوعون على النجف من كل أنحاء العراق ويعززون جيش
المهدي ومن الممكن أن يمثلوا سببا اخر يجعل القوات الامريكية تفكر أكثر
من مرة قبل اقتحام المسجد.
قال الشيخ أحمد الشيباني وهو قائد كبير في جيش المهدي ومن كبار
مساعدي الصدر "هؤلاء الناس يردعون الامريكيين (عن الهجوم) لانهم مدنيون.
انهم هنا كي لا يهاجم الامريكيون مرقد الامام علي."
وكلما طال انتظار الامريكيين لشن الهجوم كسب الصدر وقتا أطول لحشد
المزيد من دعم المؤيدين وإتاحة الفرصة لتحصينهم داخل المسجد.
وسيثير إلحاق أي خسائر بالمسجد غضب الملايين من الشيعة في كل أنحاء
العالم بينهم شيعة العراق الذين يمثلون 60 في المئة من السكان.
وقال المتطوعون انهم لم يتلقوا أي تدريبات عسكرية جدية. ولكنهم
مستعدون فيما يبدو لحمل بنادق كلاشنيكوف أو استخدام أي وسيلة لمحاولة
صد تقدم الدبابات الامريكية المتمركزة في الاحياء المجاورة للمسجد.
قال فاضل حامد (30 عاما) الذي كان يقف بين مجموعة من الرجال انهم
جاءوا سيرا على الاقدام من البصرة الى النجف. وأضاف "سأرقد على الارض
أمام الدبابات أو سأقتل الامريكيين للدفاع عن الصدر والنجف."
وفي الاسبوع الماضي نظم الاف العراقيين احتجاجات مؤيدة للصدر في عدة
مدن وطالبوا باسقاط حكومة رئيس الوزراء اياد علاوي.
وتوجه البعض الى النجف وانضموا داخل المسجد الى الكثيرين من أعضاء
جيش المهدي الموالي للصدر الذين يمثلون أكبر تحد لعلاوي منذ تسليم قوات
الاحتلال السلطة للعراقيين في أواخر يونيو حزيران.
وبجوار عيادة طواريء مؤقتة أقيمت داخل المسجد جلست امرأة ترعى رجلا
كان يرقد على الارضية الرخامية مصابا بجروح في قدمه اليمنى وذراعه
الايمن.
وخلال قتال يوم الاحد سقطت قذيفة خارج المسجد الذي يشتهر بمئذنته
الذهبية وأصابت هذا الرجل وشخصا آخر وقتلت ثالثا.
ولكن لم يؤثر هذا بأي حال على حماس متطوعي الصدر الذين أمضوا ساعات
في الشمس الحارقة وهو يهتفون باسمه فيما كان يطلق رجاله قذائف المورتر.
قال عجيل عبد الحسين (32 عاما) وهو من الاقلية التركمانية من مدينة
كركوك بشمال العراق "لن نغادر المسجد قبل رحيل الامريكيين عن النجف.
سوف نقتل."
كما يتطلع الصدر الى أفراد العشائر العراقية للانضمام اليه. واجتمع
مئات من أفراد العشائر داخل المسجد وتعهدوا بتقديم الدعم له.
وناشد أحدهم كل العشائر العراقية عقد مؤتمر وطني يوم الاربعاء
لانهاء أزمة النجف.
وقال الشيخ قاسم الخفاجي أمام أكثر من مئة من أفراد العشائر "أدعو
كل أفراد العشائر العراقيين لمحاولة انهاء حمام الدم في النجف."
وفي الوقت الذي ترددت فيه أصداء النيران حول المسجد فان وجود
شاحنتين ضخمتين لنقل المياه يدل على أن الصدر وأنصاره يعتزمون التحصن
هناك لفترة طويلة.
واختبأ صبية يحملون قنابل في الازقة الصغيرة بجوار المتاجر المهدمة.
ويظهر التوتر الشديد في شوارع النجف مدى جسامة العواقب المحتملة لاي
هجوم تشنه قوات الامن العراقية أو القوات الامريكية ويسفر عن الحاق
أضرار كبيرة بالمسجد أو ايذاء الصدر.
وقال الشيباني "يمارس الامريكيون ضغوطا عسكرية علينا لمحاولة
اضعافنا حتى يمكنهم الحصول على تنازلات. هذا لن يحدث. نحن مستعدون ونحن
نتحلى بصبر بالغ."
المصدر: وكالات |