صرحت وزيرة المغتربين والمهاجرين العراقية باسكال ايشو وردة لصحيفة
"الشرق الاوسط" الاحد ان اربعين الف مسيحي عراقي غادروا بلدهم خلال
الاسبوعين الماضيين بعد هجمات ضد عدد من الكنائس.
وقالت الوزيرة المسيحية الوحيدة في الحكومة العراقية الموقتة ان "اخر
احصائية" تشير ان الى "عدد الذين هاجروا العراق من المسيحيين بلغ
اربعين الف شخص وذلك بسبب انعدام الامن وعمليات ضرب الكنائس التي
شهدتها بغداد والموصل قبل حوالي اسبوعين".
واعربت وردة عن قلقها "تجاه التصاعد الخطير في ارقام النازحين من
العراق جراء ازدياد العمليات الارهابية وانعدام الامن الذي يهدد جميع
الطوائف العراقية وبينهم المسيحيين". ولم تذكر الصحيفة ايضاحات حول
اماكن توجه المهاجرين العراقيين.
ويمثل المسيحيون نحو ثلاثة بالمئة اي حوالى 700 الف شخص بينهم 600
الف من الكلدان من سكان العراق الذين يقدر عددهم ب24 مليون نسمة تقريبا
غالبيتهم من المسلمين.
ونفت وزير المغتربين ما نسب اليها من تصريحات بان وزارتها تنوي
اعطاء جوازات سفر لليهود الذين هاجروا من العراق بعد 1948 ودفع تعويضات
عن املاكهم التي تركوها او باعوها في العراق قبل رحيلهم من اسرائيل.
وكان عدد اليهود في العراق 150 الف شخص عند اعلان دولة اسرائيل في
1948. ومن 1948 الى 1951 توجه 123 الفا منهم الى اسرائيل.
وكانت الطائفة اليهودية تضم قبل الحرب التي شنتها قوات التحالف
الاميركية والبريطانية على العراق 32 شخصا فقط.
اما أبناء الطائفة اليزيدية في العراق فهم يبدون قلقين من المستقبل،
واليزيدية واحدة من أقدم الطوائف الدينية وأكثرها غرابة في العراق.
ويُعد هذا الاحتفال السنوي الأكبر لأتباع الطائفة وعادة ما يجتذب نحو
15 الفا في اغسطس اب من كل عام مع توافد بعض الأسر من الخارج.
إلا ان الأحوال تبدو مختلفة هذا العام. فقد أمر الزعيم السياسي
لليزيديين أو "الأمير" بالغاء الاحتفالات الرسمية لأسباب أمنية حتى قبل
انفجار سيارات مفخخة خارج خمس كنائس مسيحية في العراق هذا الشهر مما
زاد المخاوف من تعرض الاقليات الدينية لهجمات.
وعدد الزوار اليزيديين بالمئات هذا العام وليس بالالاف كما كان في
السابق. ويقول الأمير الشيخ تاسم (71 عاما) وهو يتلقى التهاني في احدى
قاعات المعبد "لم أتوقع حتى حضور هذا العدد."
واليزيديون جالية دينية كردية يصل عددها الى نحو 750 الفا في العراق
اضافة الى 1.5 مليون في شتى أنحاء العالم حسب تقديرات أميرهم. كما يوجد
لهذه الطائفة أتباع في سوريا وتركيا وروسيا.
ويقول تاسم الذي اضطر للهروب من العراق بعد ان أيَد انتفاضة كردية
خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأمضى عدة أعوام في المنفى
في العاصمة البريطانية لندن خلال السبعينات ان اليزيديين أهداف محتلمة
للمتشددين.
وقال "الارهاب" يمثل مشكلة بالنسبة لليزيديين أيضا واستطرد "من
المزعج ان تكون كل الاماكن الدينية عرضة للتفجيرات."
والمعتقدات اليزيدية هي خليط غريب من الاسلامية والزرادشتية الا ان
أتباع الطائفة في العراق وصفوا بانهم "عبدة الشيطان" لانهم يقدسون كل
الملائكة الرب ومنهم ابليس "الملاك المطرود من رحمة الله".
وحسب المعتقدات اليزيدية فان الملك طوس هو الملاك المفضل عند الرب
وقد أرسل الى الارض كرسول للسلام الا ان هذا الاعتقاد وبعض العادات
الغريبة جعلت الآخرين لا يثقون بأبناء الطائفة.
ويؤدي المصلون صلاة الفجر ويضحون بنحر الذبائح حيث يتجمع مئات من
أعضاء الطائفة اليزيدية الغامضة في العراق في معبد لالش للاحتفال بعيد
الصيف.
ويسير الناس حُفاة عبر شوارع الشيخ عادي على بعد 450 كيلومترا
تقريبا الى الشمال من العاصمة العراقية بغداد لزيارة معبد لالش حيث
يوجد قبر الشيخ عادي ويربطون العقد في قماش يتدلى في المعبد تيمنا من
أجل إنجاب الذكور.
وفي الحقيقة يعتقد بعض اليزيديين انهم الأكثر عرضة للاضطهاد في
العراق لانهم ينتمون الى الاقلية الكردية بالاضافة الى دينهم.
ويقول الشيخ الياس عودي الذي تربطه قرابة بعيدة بالشيخ عادي مؤسس
الطائفة "في هذه البلاد نشعر دائما اننا نتعرض للتفرقة مرتين.. إلا ان
تقاليدنا ستستمر."
ولا توجد مراسم زواج دينية لدى اليزيديين بل ان العُرف هو خطف
الفتاة المفترض الزواج بها من منزل أسرتها والاحتفاظ بها لمدة عام قبل
البدء في ترتيبات الزواج.
كما ان اليزيديين أيضا لا يقصون شواربهم في العادة ويتجنبون تناول
الخس أو إرتداء ملابس زرقاء.
ويقول عودي "نحن لا نحب الاختلاط بالعرب لانهم يرون أننا غير طاهرين
لانهم غير متعلمين."
ودمرت مئات القرى اليزيدية خلال حملات نظام الرئيس العراقي السابق
على الاكراد العراقيين. ورغم وجود وزير دولة في الحكومة العراقية
المؤقتة ينتمي الى الطائفة اليزيدية إلا ان اليزيديين يشعرون بالقلق من
تهميشهم في عراق ما بعد الحرب.
ويقول قاسم شورشا وهو ممثل حكومة يزيدية محلية في سنجار الواقعة بين
الموصل والحدود السورية "الأسر اليزيدية لا تزال تعيش في خيام بمنطقتي
ولم تقدم الحكومة لنا أي مساعدة."
ويضيف ان هذه المنطقة كان يعيش فيها يزيديون قبل ان يجبرهم صدام على
مغادرتها خلال الثمانينات وان من عاد منهم الآن أصبح يواجه تمييزا من
جانب العرب.
ويقول "لم يهاجمنا أحد بعد إلا ان العرب يحاولون استبعاد العناصر
اليزيدية من قوات الشرطة."
ولا تبدو معظم الأسر التي تحضر مهرجان الصيف الحالي الذي يقام على
نطاق ضيق قلقة من احتمال التعرض لهجمات. واحتفلت هذه الأسر بتناول
الطعام في التلال المحيطة بالمعبد وارتدى البعض الملابس التقيلدية
الزاهية الألوان.
واعترف بعض اليزيديين بأنهم يشعرون بالقلق على مستقبل طائفتهم.
ويقول صباح حاجي (32 عاما) الذي يعمل مُدرسا للغة الانجليزية "نحن
لا نخشى هؤلاء الارهابيين.. لكن عددنا آخذ في التناقص بما انه لا
يمكننا الزواج من خارج الطائفة ولا نقبل بانضمام أحد الى اليزيدية."
المصدر:
وكالات |