اكد الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر الاثنين في مؤتمر صحافي عقده
في مقام الامام علي في وسط النجف انه يريد
محاربة قوات الاحتلال في النجف حتى "آخر قطرة من دمه".
وقال الصدر في مؤتمر صحافي في مرقد ضريح الامام علي وسط النجف حيث
تدور معارك ضارية بين انصاره والقوات الاميركية "سادافع عن النجف الى
اخر قطرة من دمي".
واضاف "لا تدعوا انصاري بمقاتلي جيش المهدي بعد اليوم بل ادعوهم
بالمدافعين عن المدينة".
وحول الوضع السياسي في العراق قال الصدر "يجب على المحتلين (الاميركيين)
ان يغادروا وبعد ذلك من الممكن البدء بعملية ديمقراطية"في العراق. واكد
انه "باق هنا من اجل دعم المقاتلين" داعيا "كل رجال الدين الى أن
يفعلوا الشىء نفسه".
وحول ما اذا كان يعني بذلك المرجع الشيعي آية الله العظمى علي
السيستاني قال الصدر انه يتمنى للسيستاني "الصحة الجيدة وان يعود باسرع
وقت الى مدينته النجف".
والسيستاني موجود حاليا في لندن "لاجراء الفحوصات الطبية الضرورية"
حسبما ذكر بيان صدر الاحد عن مكتبه في النجف. ويعاني السيستاني (73
عاما) من مشاكل في القلب.
وقد تزامنت مغادرته النجف الى لندن مع بدء المعارك بين انصار الصدر
من جهة والقوات الاميركية والشرطة العراقية والحرس الوطني العراقي من
جهة اخرى.
وقد رفض مقتدى الصدر أمرا أصدرته الحكومة العراقية المؤقتة بمغادرة
ميليشياته مدينة النجف المقدسة وطلب من أتباعه مواصلة القتال.
وقال الصدر خلال مؤتمر صحفي عند ضريح الإمام علي بالنجف انه وجيش
المهدي سيستمران في المقاومة.
وتوعد الصدر بأن يبقى في النجف ولا يغادرها أبدا وقال "سأبقى هنا
لآخر قطرة في دمي."
وقال الصدر في أول ظهور علني له منذ اندلاع جولة المعارك الأخيرة
بين الميليشيات الشيعية وقوات مشاة البحرية الأمريكية يوم الخميس
الماضي ان الحكومة العراقية تقول بوجود عناصر خارجة على القانون في
النجف لكن ما يوجد فيها هو مقاومة مشرفة تدافع عن المدينة المقدسة.
واستطرد الصدر ان الحكومة العراقية تطلب "من المقاومة إلقاء السلاح
والاستسلام" وانه لا يُجبر أحدا على البقاء في النجف وان من يريد
البقاء والاستمرار في القتال بوسعه ان يبقى ومن يريد الرحيل بوسعه
الرحيل.
وقتل وجرح مئات في القتال الدائر بين قوات مشاة البحرية الامريكية
ورجال الميليشيات حول مواقع مقدسة في النجف مما أثار مخاوف من حدوث
انتفاضة شيعية على نطاق واسع.
هذا واشتبكت قوات مشاة البحرية الامريكية مع الميليشيا الشيعية في
مدينة النجف العراقية المقدسة يوم الاثنين في اليوم الخامس على التوالي
في المعارك الدامية التي سقط خلالها المئات.
وقال شهود ان الانفجارات هزت المدينة وأصوات الأسلحة الآلية ترددت
في قلب مدينة النجف التي يوجد بها ضريح الإمام علي بينما حلقت في
سمائها الطائرات الأمريكية.
وشوهد الدخان يتصاعد من مواقع عدة قُرب المدافن القديمة للنجف والتي
شهدت معارك عن قرب خلال الأيام القليلة الماضية.
وزار إياد علاوي رئيس وزراء العراق المؤقت النجف يوم الاحد وطالب
الميليشيا التابعة للزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر بالانسحاب من
المواقع المقدسة.
وامتد قتال النجف الى عدد من المواقع الشيعية الأخرى في جنوب العراق
والى مدينة الصدر الشيعية في العاصمة العراقية بغداد.
من جهته قال مسؤول رفيع في الجيش الامريكي يوم الاثنين ان ما لا يقل
عن 360 مقاتلا قُتلوا في الأيام الاربعة الأخيرة في القتال بين القوات
الامريكية وميليشيا شيعية في مدينة النجف المقدسة.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان هذا العدد هو عدد القتلى حتى
يوم الاحد. وصرح بأن القوات الأمريكية لا تلاحق مقتدى الصدر الزعيم
الشيعي الذي يقود جيش المهدي.
هذا وكان رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي قد وصل يرافقه عدد من
الوزراء الاحد في زيارة لم يعلن عنها مسبقا الى مدينة النجف الاشرف
التي تشهد قتالا عنيفا بين القوات العراقية والاميركية من جهة وانصار
الزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.
ورافق علاوي وزير الداخلية فلاح النقيب ووزير الدفاع حازم شعلان
ومستشار الامن القومي العراقي موفق الربيعي.
وقال علاوي للصحافيين "نحن جئنا لتفقد المدينة المقدسة والحديث مع
المحافظ (عدنان الذرفي) الذي وقف وقفة مشرفة مع الحرس الوطني والشرطة".
واوضح ان "هناك بعض العناصر الخارجين عن القانون نعتقد ان على هذه
العناصر مغادرة الاماكن المقدسة والصحن الحيدري الشريف والقاء سلاحهم
والالتزام بالقانون".
وردا على سؤال حول ما سيحدث ان لم توافق الميليشيات على الخروج قال
علاوي "انهم سيخرجون ان شاء الله".
وقال محافظ النجف عدنان الذرفي من جهته موجها كلامه لرئيس الوزراء
علاوي "لا مجال للمفاوضات سيادة رئيس الوزراء انهم يخرقون الهدنة
باستمرار. ففي كل يوم هناك اعتداء على مركز للشرطة العراقية او قتل
اوجرح شرطي عراقي". واوضح "انهم ليسوا مقاومة وليسوا وطنيين".
واشار مراسل وكالة فرانس برس الى محادثات جرت في مبنى المحافظة بين
علاوي والذرفي وشيوخ العشائر وقائد شرطة المدينة.
وبعد انتهاء المباحثات قال علاوي للصحافيين "نحن ندعو ان يلقى كل من
خرج على القانون السلام وان يلجأ الى لغة الحوار لاننا لا نسمح بوجود
خارجين على القانون خارج نطاق الدولة". واضاف "نحن لا نعرف ما المقصود
بالهدنة؟ من يريد الهدنة عليه ان يلقي السلاح ويجلس على طاولة
المباحثات".
واوضح علاوي ان "عناصر ميليشيات جيش المهدي مشمولون بالعفو الذي تم
اصداره السبت". وشدد ان "لا مفاوضات مع اية ميليشيات تحمل السلاح ضد
العراق ودولة العراق". وقال ان "الاضرار التي ستحدث في مدينة النجف
ستدفع تعويضات عنها من خزائن الحكومة مما سيحمل الحكومة خسائر مادية
لذلك فاننا ندعو حملة السلاح الى القائه".
واشار رئيس الوزراء الى وجود "متسللين يأتون من ايران" في المدينة.
وحول زيارته الى ايران قال "انا لم اتسلم دعوة رسمية من ايران وهي
الدولة الوحيدة من دول الجوار التي لم تقدم لي دعوة رسمية لزيارتها".
وتابع "سمعت ان هناك دعوة ستكتب في المستقبل لنا وان جاءت هذه الدعوة
فسوف نلبيها".
واوضح ان "العراق حريص على اقامة علاقات ايجابية مع كل دول الجوار
وهذا برنامج الحكومة العراقية على عكس ما تروج له بعض وسائل الاعلام".
وقال محافظ النجف عدنان الذرفي "لقد حصلنا على دعم مادي ومعنوي تعهد
به رئيس الوزراء اياد علاوي. لذلك فنحن نعتبر ان هذه الزيارة زيارة
ايجابية" من دون اعطاء المزيد من التوضيحات".
وبدات القوات المتعددة الجنسيات بقيادة اميركية والقوات العراقية
قبل ثلاثة ايام هجوما واسعا ضد ميليشيات جيش المهدي في عدد من المدن
العراقية لا سيما في النجف. وخلفت مواجهات النجف 21 قتيلا و128 جريحا
منذ صباح السبت وحتى صباح الاحد بحسب حصيلة نشرتها وزارة الصحة
العراقية الاحد.
ولا يزال الوضع متوترا في النجف حيث يتحصن مقاتلو جيش المهدي في وسط
المدينة مستعدين للقتال.
ودعت الحكومة الموقتة السبت مقتدى الصدر الى المشاركة في الانتخابات
العامة المقرر تنظيمها في كانون الثاني/يناير 2005 وعرضت العفو على
المقاتلين الذين لم يرتكبوا جرائم.
وتؤكد الشرطة العراقية ان مقتدى الصدر موجود حاليا في النجف.
ومع كل هذا فانه على الرغم من سياسة الترهيب والترغيب لم تظهر دلائل
كبيرة على تراجع حدة القتال كما ان الاختطاف الذي أصبح عملة مشتركة بين
المسلحين في الأشهر الاخيرة يتواصل بشكل سريع.
وقال شاهد من رويترز يوم الاحد ان مروحتين من طراز اباتشي أطلقتا
صواريخ على تحصينات أقامتها ميليشيا الصدر بالقرب من المقبرة التاريخية
بالنجف.
وقامت الميليشيا المعروفة باسم جيش المهدي بزرع الألغام حول الأقبية
والأضرحة المحيطة بالمقبرة.
وتقدم جنود امريكيون صوب ضريح الامام على بالمدينة والذي يعد من
أقدس الأماكن لدى الشيعة وقاموا بتشديد الخناق حول مواقع المسلحين
بينما حثت نداءات عبر مكبرات للصوت الميليشيا على القتال وأمرتهم "بالاشتراك
في الجهاد".
كما اندلعت الاشتباكات مجددا في منطقة مدينة الصدر ببغداد وفي مناطق
أخرى بالعاصمة بينما ظلت حدة التوتر مرتفعة عبر جنوب العراق وفي العديد
من المدن التي يهيمن عليها الشيعة ومن بينها الناصرية والعمارة والبصرة
والديوانية.
وفي كربلاء المدينة الشيعية التي تقع على مسافة 60 كيلومترا شمالي
النجف اختطف مسلحون دبلوماسيا ايرانيا وفقا لما ذكرته السفارة
الايرانية ليصبح ثاني دبلوماسي اجنبي يختطف ضمن موجة الاختطافات منذ
ابريل نيسان.
ويبدو ان موجة الخطف التي تستهدف معظمها سائقي شاحنات أجانب تهدف
إلى ارغام الحكومات الاجنبية على سحب قواتها والشركات الاجنبية على
تقليص عملياتها بالعراق.
وحتى الان لم تظهر أي دلائل كبيرة على الاستجابة لدعوة علاوي للهدوء.
وفي هذا السياق اكتظ مستشفى الحكيم في النجف بالقتلى والجرحى الذين
يتدفقون دون انقطاع من مناطق القتال حيث يتواجه منذ اربعة ايام الجيش
الاميركي وقوات الامن العراقية مع الميليشيات التابعة للزعيم الشيعي
المتشدد مقتدى الصدر.
ويوضح حسين عبد القيوم المسؤول عن المستشفى لوكالة فرانس برس ان
حصيلة الضحايا بلغت السبت 19 قتيلا و 71 جريحا على الاقل. ويضيف الرجل
الذي بدا منهكا ولم يتسن له ان يحلق ذقنه منذ ايام "نحن متاكدون ان عدد
القتلى والجرحى يفوق كثيرا هذه الارقام .. لانه يتعذر نقل جميع الضحايا
الى المستشفى بسبب المعارك في وسط المدينة ولذلك فان هذه الحصيلة قد
ترتفع بسرعة".
ويسارع المسؤول عن المستشفى الى القول ان "جميع الضحايا في هذه
المستشفى من المدنيين" من دون ان يعطي اي ايضاحات بشان وجود مقاتلين من
جيش المهدي الموالي لمقتدى الصدر بين الضحايا.
ويقول رئيس الاطباء جواد قدوم الذي لم تتسن له فرصة مغادرة المكان
منذ ثلاثة ايام "نحن بحاجة الى الكثير هنا ..لكن الوزارة تساعدنا" من
دون مزيد من التفاصيل.
وفي موقف المستشفى توقفت بضع سيارات اسعاف وقد بدت اثار الرصاص على
زجاجها وهياكلها.
ووفقا لقدوم الذي يعج مكتبه على الدوام بالمراجعين فان المشكلة
الاساسية هي عدم تمكن سيارات الاسعاف من الوصول الى منطقة القتال بسبب
ما يتعرض له السائقون من مخاطر.
وفي وقت وصل الى المستشفى جريح في حال الخطر اشار الطبيب الى ان
العائلات والشرطة هم من يقوم بشكل اساسي بنقل الجرحى او الجثث الى
المستشفى.
وينصرف طبيب شاب يعمل في قسم الطوارىء الى الجريح الذي وصل للتو وقد
وضع على سرير عليه اثار دماء واضحة وقد علق له كيس من المصل.
اما في صالة الانتظار فيصرخ جريح آخر من الالم بانتظار وصول طبيب
يقدم له الاسعافات الاولية. ويصل رجلان يحملان جريحا ربطت رجله بمنديل
الى قسم الطوارىء. ولا تنفك تصل سيارات تقل تارة طفلا وتارة اخرى ضحية
من ضحايا القتال.
وعلى مدخل المستشفى نعش ابيض بداخله جثمان مغطى.
ويصل رجال وعلى وجوههم تعابير القلق للاستعلام عن وجود احد اقربائهم
في المستشفى فيما يساعد اخرون في نقل الجرحى الى احد مباني المعاينة.
وبين السيارات التي تنقل الجرحى سيارة يتيمة تابعة للهلال الاحمر
دخلت الى فناء المستشفى حيث توقفت سيارة مدنية تحمل نعشا على سطحها.
وقال الطبيب علي حنون من غرفة عمليات وزارة الصحة المكلفة اعداد
احصاءات عن قتلى وجرحى اعمال العنف ان "54 عراقيا قتلوا واصيب 316
اخرين بجروح مختلفة جراء الصدامات التي جرت خلال الاربع والعشرين ساعة
الماضية في عموم المدن العراقية". واوضح ان "22 شخصا قتلوا واصيب 166
اخرين في بغداد وحدها فضلا عن سقوط 21 قتيلا واصابة 128 اخرين في مدينة
النجف المقدسة و8 قتلى و18 جريحا في الناصرية وقتيلين وجريحين في
سامراء وقتيل واحد وجريحين في مدينة العمارة".
واضاف المسؤول ان هذه الحصيلة سجلت اعتبارا من الساعة 9,00 بالتوقيت
المحلي السبت (5,00 ت غ) والساعة 9,00 من صباح الاحد.
المصدر: وكالات |