منذ أربعة أيام والمواجهات العنيفة في مدينة النجف الأشرف ما تزال
تأخذ تصعيداً خطيراً بين مليشيات جيش مقتدى الصدر من جهة والقوات
الأنكلو – أمريكية العسكرية من جهة مقابلة ويأتي هذا التصعيد خرقاً
لاتفاق وقف إطلاق النار بينهما الذي كان قد تم التوقيع عليه قبل فترة
وجيزة.
وفي وقت أنذر فيه محافظ النجف مليشيات الصدر بوجوب مغادرة المدينة
خلال (24) ساعة انتهت هذا اليوم السبت (8/8/2004م وإلا فسوف تباد على
أيدي عساكر القوات التي أسماها بالأمريكية ولم يقل الأنكلو – أمريكية
على الرغم من أن التنسيق والمشاركة قائمة على قدم وساق داخل العراق بين
القوتين البريطانية والأمريكية وكان رد الفعل من قبل ميليشيات الصدر
أنها دخلت النجف وأضحت تطوف في شوارعها منذ يوم أمس الجمعة وهم حاملون
أسلحتهم.
هذا وسمت بعض أجهزة الإعلام الدولية قوات الاحتلال الأنكلو –
الأمريكية بتسمية مخففة تتناسب مع منح السيادة الجزئية للعراقيين وهي (القوات
المتعددة الجنسيات) هذا في حين صرح رئيس الوزراء إياد علاوي داعياً
الصدر إلى المشاركة في الانتخابات التي ستجري أوائل السنة المقبلة
2005م.
وبوقت أسفرت فيه النتائج عن مقتل ما بين (200) إلى (300) شخص من
أنصار الصدر نفت مصادر المقاتلين صحة هذه الأرقام واعترفت بمقتل (36)
شخص وليس إلا مقابل مقتل (2) شخصين من قوات المارينز بحسب تصريح ناطق
رسمي لتلك القوات.
ومحاولة لتخفيف التصعيد الجار الآن في النجف الأشرف أعلن رئيس
الحكومة العراقية المؤقتة إياد علاوي عفواً لمدة شهر واحد عن العراقيين
الذين بحوزتهم أسلحة ومتفجرات ورداً على بعض الإشاعات التي تقول أن
قانوناً للطوارئ يستهدف نشر الاستقرار في البلاد نفى علاوي أن يكون مثل
هذا الأمر مدرج في خطة وزارته واكتفى بالإشارة إلى أنه يتلقى ردوداً
إيجابية من (الصدر) ذاته.
وتفيد آخر المعلومات حول ساحة النجف أن المدينة اليوم محاصرة من قبل
القوات العسكرية الأنكلو – أمريكية من ثلاث محاور وإذا ما استمر هذا
الحصار فسيخلق هذا أزمة إضافية على موارد المدينة التي شهدت مهاجمات
جوية من قبل الطيران الحربي لقوات الاحتلال ضد عناصر الصدر المنتشرة
ومواقعهم في مقبرة وادي السلام التي تعد من أكبر مقابر المسلمين مساحةً
في العالم.
وتفيد بعض المصادر السياسية المطلعة التي تراقب الأحداث الدامية
الجارية في النجف الأشرف أن قوات الاحتلال قد وضعت خطة أخيرة تستهدف
تصفية أو إلقاء القبض على عناصر الصدر من المسلحين، ومعلوم أن ناطقاً
رسمياً باسم الشرطة العراقية قد أكد بأن الشرطة العراقية لم تتلق أوامر
باعتقال الصدر مستبعدة بذلك أي هدنة جديدة ممكن أن تحدث بين الأطراف
المحاربة بعد أن وصلت الأمور إلى (كسر العظام) بين الطرفين غير المسيطر
أي منهما على أوضاع المدينة المقدسة (النجف الأشرف).
ولأحداث الجارية في العراق منذ تولي الحكومة العراقية المؤقتة إدارة
زمام الأمور في البلاد منذ أواخر حزيران الماضي ما تزال تزيد ملف
المقاومة اللامقاومة تعقيداً خصوصاً بعد سقوط ورقة التوت عن كل
القائمين عليها أثر تفجيرات الكنائس وأماكن العبادة للأخوة المسيحيين
العراقيين الذين هم ليسوا طرفاً فيما يجري في العراق.
وتوسيعاً لحالة الإرباك في العراق التي تستهدفها (قوات المقاومة –
اللامقاومة) فقد اشتبكت القوات العسكرية البريطانية مع أنصار الصدر في
كل من محافظتي البصرة والناصرية في حين لم تسلم العاصمة بغداد وقضاء
سامراء من تحديم الموقف أكثر بين الجهات المتنازعة.
وتفعيل العنف واقتراف الجريمة السياسية إذا أضحى ضمن الحياة اليومية
العراقية العادية داخل البلاد فليس هناك في الأفق السياسي العراقي ما
يشير إلى وقف هذا الإصرار على تعكير أجواء الأمن داخل البلاد بعد أن
أخذ شكل استعراض العضلات لدى كل جانب محارب تواصلاً لا يبدو أنه سيتعرج
لحل الأزمة الأمنية في العراق خصوصاً بعد أن استضاف أعداء العراق
الداخليين المتمثلين في بقايا بعض العناصر القيادية التي كانت عاملة في
صفوف دولة الإرهاب الصدامية السابقة لبضعة عشرات الآلوف القادمين إلى
أرض العراق بصورة غير شرعية وبدعم سري من قبل بعض دول الجوار التي وضعت
خطة الطبخة الجديدة لتخريب العراق وقتل العراقيين ليس انتقاماً لصالح
النظام الصدامي البائد بل استكمالاً لنوايا الفريق السياسي الصدامي
المنحل في تفريغ العراق من أبنائه الحقيقيين.
وإلا ما معنى أن يتم تسخين المواجهات بين القوى المحتلة للعراق وما
بين المقاومة – اللامقاومة التي تضم عناصر وكوادر من النظام الصدامي
المهزوم، أليس ذلك ما يدعو إلى التأمل أكثر للمؤامرة الجارية على
العراق. |