أنه لأمر مفرح حقاً أن يشهد العراق المدمى تراجعاً ملموساً في أحداث
الجريمة المنظمة ويعود الفضل في ذلك إلى جملة أسباب منها تنشيط حملة
مطاردة العصابات السياسية المسؤولة عن اقترافاتها الإرهابية.
إن الحكومة العراقية المؤقتة قد باشرت منذ توليها زمام أمور الدولة
بمهامها الأمنية فقد جمعت المعلومات الاستخبارية المطلوبة عن تشكيلات
تلك العصابات الارتزاقية ولاحقت تواجدهم داخل كل مدن وقصبات البلد
واستطاعت من خلال الأعداد المتزايدة لعناصر رجال الأمن والشرطة من
تعقيب بقايا فلول النظام وبقايا العناصر الوافدة إلى العراق من بلدان
الجوار بهدف تخريب البلاد وإبادة الشعب العراقي.
ورغم أن عدد المسلحين داخل العراق يقدر بعشرات الآلاف بحسب تقديرات
صحفية ربما تكون غير مضبوطة إلا أن الاعتقاد العام بين العراقيين أن
أعداد الإرهابيين إلى أي رقم لا يعني أي شيء إذا ما اثبتت الدولة
العراقية المؤقتة أنها جدية في محاربة هؤلاء النفر الضال من مرتزقة
الاستعمار وذيوله في المنطقة العربية والإسلامية أيضاً.
فلقد عانى العراقيون وبالذات (العائلة العراقية) من حرق ونسف
المنازل وسلب ونهب البيوت وقتل أشخاص أعزاء لديهم وتقدر بعض المصادر
المطالعة والمواكبة لأحداث العراق أن ما فاقم الأمور الإرهابية أكثر
داخل العراق هم أولئك الذين كانوا مساندين لحكم الفريق السياسي الصدامي
البائد بالسر تارة والعلانية في أخرى ففي خطوة الاستجابة لمطالب الشعب
العراقي كي تنزل الحكومة العراقية المؤقتة أشد العقوبات بالإرهابيين
المرتزقة حكمة عادية قديمة تقول: (إن القاتل يجب أن يقتل) وإلا فإن
إلقاء القبض على القتلة ومحاولة تقديمهم إلى محاكمات قانونية بعد تأسيس
الدولة العراقية المنتخبة بأوائل السنة القادمة 2005م سيتيح فرصة تكرار
تلك العمليات حيث لا يعلم أحد ماذا سيحدث من أمور لصالح صدام وأعضاء
فريقه السياسي رغم أن أغلبهم من (الكادر القيادي) هم.. بالتوقيف والسجن.
من المؤكد أن الإجراءات الجديدة في التعامل مع قضية الإرهاب داخل
العراق تعطي نكهة الشعور بانتهاج العدل من قبل الحكومة العراقية
المؤقتة فبدون الإجراءات الاحترازية وتعقيب المجرمين من ذوي التفجيرات
وإنزال العقوبات الفورية سوف يشجع عصابات السياسة في العراق على
المعاودة للقيام بتفجيرات أخرى ضد العباد والبلاد وإحباط خطط
الإرهابيين بقدر ما هي واجب يقتضي من كل العراقيين التعاون من أجله إذ
لا بد من وضع حد أخير لكل قوى الإرهاب والعنف في العراق مهما وكيفما
كان مصدرها.
ومن السياق الآنف يتبين من حيث بعض خلاصات الوضع العراقي الراهن أن
حكومة رئيس الوزراء العراقي (إياد علاوي) قد اتخذت كل ما من شأنه أن
يحجم العمليات الإرهابية ومن ثم القضاء النهائي عليها ويبدو ذلك ملياً
جراء تراجع عمليات الجرائم السياسية المنظمة في العراق الحالي مع أن
جناية الاغتيال السياسي وقتل الناس الأبرياء لم تعد بتلك القوة
المقلقلة التي سادت ظروف ما قبل تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة التي
اتخذت على عاتقها ضمن أولويات عملها القضاء على الإرهاب داخل البلاد.
أما عن هؤلاء الذين يحاولون أن يغلفوا نواياهم السيئة اتجاه العراق
بعبارات رنانة – طنانة ويتباكون على العملاء والمرتزقة المقتولين من
فلول النظام الصدامي وفريقه الاستعماري وأتباعه من عربان السياسات
والمواقف المشبوهة فلن يضيفوا إلى صفحات حياتهم سوى الخزي والعار
ويكفيهم فضحاً أنهم يسمون إرهابيي الاغتيالات والتفجيرات بـ(المقاومة)
إذ بدأ وأكثر من مرة أن هؤلاء العربان البراء منهم (آصرة العروبة الحقة)
هم من يحاول بث السموم وإشعال الفتن في العراق.
إن التجني الواضح الذي تقوم به عصابات الإرهاب المستورد من خارج
العراق من قبل فلول النظام البائد يتم على قدم وساق من وحي ما يأمر به
المستعمرون باعتبارهم قادة السياسة السريون في العراق وأما عبيدهم فهم
أولئك الفلول ممن تضرروا مادياً جراء إلحاق الهزيمة السهلة بالنظام
السابق وما حل حتى الآن من سحب بساط السلطة من هؤلاء الفلول المارقين
الذين لم يجدوا حلاً (كما كانوا دوماً) سوى معاقبة الشعب العراقي الذي
أذاقوه وهم في السلطة مر إرهابات الجريمة السياسية في العالم واليوم
يعيدوا الكرة معه وينزلوا به الموت العشوائي تحت حجة كاذبة يسمون من
خلالها قوة الاحتلال الأنكلو – أمريكية بالأعداء لهم وتلك كذبة تكذبها
كل حقائق التاريخ.
لقد جنى الفريق السياسي الصدامي بحق الشعب العراقي كل أنواع وأصناف
القتل وبدرجة تصعيد لم يترك للعراقيين أن يعيدوا أنفاسهم حتى غدت في
العهد المباد وكأن أي مشكلة من العراق لا يوجد أي حل لها، إن تصعيد
عمليات الإرهاب ما كان (جباناً) فإن في تراجعه ما يمكن وصفه بـ(الجبن
المركب) وخونه العراقة ومن يؤيدهم سيبقون أعداء للحياة سواء في العراق
أو غيره. |