ينعقد هذه الأيام المؤتمر العام لاختيار المجلس الوطني وتركيبة
أعضاؤه ومن المؤمل أن يختتم المؤتمر أعماله حتى نهاية شهر تموز 2004م
الجاري وهو ما يعتبره خطوة مهمة جداً للعمل السياسي العراقي القادم.
ففي ظل أجواء ديمقراطية حقيقية سادت قاعة اللقاءات التمهيدية
للمؤتمر المذكور كان لتعانق الآراء السياسية المختلفة بين المؤتمرين
الأثر الطيب في تسييد روح التفاهم والإخاء الوطني وكان للقاء الذي تم
ببغداد في يوم الاثنين المصادف 26 من شهر تموز الجاري حميميته المطلوبة
إذ حضر المؤتمر (ألف شخصية) مثلوا القوى السياسية العراقية من أقصى
يسارها إلى أقصى يمينها.
وهذه التجربة الفريدة التي يمر بها العراق الحالي وينعقد فيها
المؤتمر برعاية الحكومة العراقية المؤقتة تمهيداً.. لإنبثاق (البرلمان
العراقي) الذي سيكون له حضوره المؤكد في المساهمة برسم السياسات
العراقية المقبلة وبدهي فإن الإقدام على مثل هذه الخطوة الكبرى التي
جمعت حتى أعداء سياسيين سابقين (إن صح التعبير) ورافق ويرافق ذلك من
طوي صفحات الخلاف الأيديولوجي وتبعاته السابقة فيه من الإثبات لحسن
النوايا..المتجهة من أجل تعاون أفضل بين كل القوى السياسية العراقية
المؤتلفة أو المتعاونة موضوعياً مع التوجهات الرسمية لهذه المرحلة
السياسية التي يمر بها عراق اليوم.
ولأن مثل هذه التجربة الجديدة لها مثل ما عليها من أجل وضع البلاد
على الطريق الديمقراطي السليم فمن الطبيعي أن تكون هناك آراء معارضة
لما قد يطرح أو يتصور البعض أنه قصور في الغايات وهذه الحالة السلبية
التي تعتبر من بديهيات العمل السياسي في بلد كان يُعدم فيه مواطنوه
لمجرد سماعهم إذاعة خارجية كما حدث إبان العهد الصدامي الاستعماري
الجلف فإن الطموح للتصدي لأي حالة قد تضر بالمصلحة العليا للبلاد هو
اجتهاد قد يكون في محله أو لا يكون كذلك لذلك فقد صرح (أحمد الفتلاوي)
رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر في محافظة النجف: (هذه عملية ديمقراطية
تشهدها البلاد للمرة الأولى ولا يخفى أنه بسبب ضيق الوقت ظهرت بعض
السلبيات لكننا سنعمل على إصلاحها).
وتقول بعض التفاصيل أن بعض التيارات السياسية قد أبدت تحفظها حيال
المشاركة في المؤتمر المؤسس للبرلمان العراقي القادم على خلفية
الاعتقاد بأنه مؤتمر لا يلبي طموح العراقيين.
والمؤتمر الآنف المعقود بمشاركة (1000 شخصية) عراقية تمثل مختلف
الأطياف والأحزاب والتيارات والتجمعات السياسية الفاعلة في العراق أو
تسمي نفسها فاعلة مع أن معارضتها للنظام السابق كانت غير فاعلة أن لم
تكن مهادنة لبطش الفريق السياسي الصدامي المشبوه.
هذا وكان (فؤاد معصوم) رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد صرح في وقت
مضى عن: (تخصيص (548) مقعداً للمحافظات العراقية وبزهاء (90) مقعداً
لأعضاء الهيئة العليا في المؤتمر الذين يمثلون كافة اتجاهات القوى
السياسية العاملة في العراق الراهن المعارضة للنظام البائد.
هذا وقد تسربت أخبار من قاعة المؤتمر وعبر تصريحات جانبية لبعض
الأعضاء المؤتمرين والمؤتمرات من داخل قاعة المؤتمر أنه قد تم تخصيص
(300) مقعد وزعت نسبتها على الشكل التالي:
* (40%) من المقاعد لمجمل الأحزاب السياسية القديمة والحديثة
التأسيس الفاعلة في الساحة العراقية الحالية.
* (40%) من المقاعد لرؤساء العشائر والشخصيات العلمية والدينية
والفنية والسياسية المستقلة.
* (20%) من المقاعد لمؤسسات المجتمع المدني.
* (25%) من المقاعد للنساء العراقيات أي أن من بين الأعداد المشاركة
في البرلمان ستشغل المرأة العراقية (250) مقعداً.
ومع أن خطوة حثيثة قد شرعت عملياً لتأسيس حياة ديمقراطية في العراق
الذي حُرم من الديمقراطية بسبب كون الذين حكموه في العهد الصدامي
السابق لم يكونوا أصلاً من السياسيين بل جمعهم فريق من حثالة المجتمع
العراقي الذين باعوا ضميرهم للمستعمرين والشيطان بآن واحد فكان من
الطبيعي أن يكون تخوّف.. ذلك الفريق النكر من الشعب العراقي ما يحول
ودون أي تأسيس حقيقي لبرلمان عراقي مصداق.
إن على أهل العراق لإثبات بأنهم أهلاً للحياة الديمقراطية
والبرلمانية وهم الذين عُرف عنهم بأنهم أو بلدان العالم حضارية حيث كان
العراق مهد لكل حضارات العالم القديم فما المانع أن يظل الآن مثلاً
أعلى ليعطي العالم الجديد كيف تكون الديمقراطية الجادة؟! |