اتخذ رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي الذي لم يمض على توليه منصبه
سوى ثلاثة اسابيع سلسلة من القرارات المعدة بعناية التي قد تنجح في
اعادة دمج الاعداء في التيار العام بينما توحد المزيد من العراقيين تحت
الراية الوطنية.
وبينما يرى البعض أن علاوي دمية في أيدي الامريكيين فان حديثه
المتشدد المدعوم بتهديدات بعث الرضا على ما يبدو في كثير من العراقيين
الذين يتطلعون إلى متشدد فيما جعلته عروض المصالحة مع بعض الاعداء يبدو
كما لو كان قوة توحيد ابوية.
وكانت أحدث خطوة للمنفي السابق هي رفع حظر مفروض على صحيفة الحوزة
لسان حال الثائر مقتدى الصدر التي أغلقها بول بريمر الحاكم المدني
الامريكي السابق في مارس اذار الماضي واتهمها بأنها تحرض على العنف ضد
الامريكيين.
وأدى اغلاق الصحيفة إلى رد فعل من قبل أتباع الصدر مما ساهم في
انتفاضة عنيفة استمرت شهرين في أرجاء جنوب العراق الذي تسكنه أغلبية
شيعية وما زالت تجيش في بعض المناطق.
ويبدو أن قرار علاوي برفع الحظر عن الصحيفة اتخذ بعناية للاشارة إلى
انه يمد يده بغصن الزيتون في خطوة قد تعيد الصدر وبعضا من أتباعه الذين
يقدر عددهم بنحو عشرة الاف إلى التيار العراقي العام.
قال وميض نظمي استاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد "علاوي شخص ماهر
واعادة حق الحوزة إلى الصدور خطوة محسوبة جيدا."
وتابع قائلا "أظن أنه يبالغ في دوره كصارم... لكن توجها تصالحيا
تجاه الصدر يدل على الدهاء."
وكشف علاوي في الاسبوع الماضي النقاب عن تشكيل لجنة لدراسة سبل
تحسين الخدمات الاساسية في مدينة الصدر وهي حي فقير في بغداد يستمد
الصدر الكثير من اتباعه منه.
الا ان هذه لعبة تنطوي على مخاطر كبيرة ويتعين على علاوي أن يكون
حذرا والا يمضي أبعد مما يجب أو أن يبدو أنه يذهب في استرضائه للخصوم
أبعد مما يجب.
قال كريستوفر لانجتون وهو محلل متخصص في الشرق الاوسط في المعهد
الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن "ان منهجا دقيقا هو الذي يظهر أن
علاوي بارع سياسيا."
وأضاف "كي تنجح الانتخابات التي ستجرى في يناير يجب أن يكون هناك
طيف سياسي مناسب للاختيار منه واعادة مقتدى الصدر إلى الحظيرة يساعد
على بناء ذلك الطيف."
ويضيف لانجتون أن علاوي كان حكيما على النحو نفسه في توجهه إلى الحس
الوطني عند الصدر الذي قد يمنعه من الانجراف نحو ايران ورجال الدين
الشيعة الاقوياء بها.
لكن علاوي لا يمد يده على ما يبدو إلى الصدر والشيعة الساخطين وحدهم.
فمن المتوقع ان يعلن بعد فترة قصيرة عن خطة تعرض عفوا عن المقاتلين
الذين يلقون أسلحتهم ويبدأون في تأييد الحكومة المؤقتة.
ولم يتم الانتهاء بعد من تفاصيل الخطة ومن المحتمل ان يتم استثناء
مقاتلين قتلوا جنودا أجانب أو مرتبطين بقتلهم من العفو لكن الخطوة قد
تعيد مقاتلين من المستويات الدنيا -من السنة الغاضبين والبعثيين
السابقين.
ويشعر السنة وهم أقلية حكمت العراق لقرون بمرارة وعزلة الان من
الأغلبية الشيعية بعد أن أطيح بهم فجأة مع انهيار صدام حسين في ابريل
نيسان 2003.
وفي الوقت نفسه أوضح علاوي أنه سوف يستخدم الشدة مع الذين لن ينضموا
إلى الخطة الجديدة.
ورغم المعارضة القوية من أوروبا فان حكومة علاوي مصممة على ما يبدو
على اعادة تطبيق عقوبة الاعدام على أفراد من النظام السابق بمن في ذلك
صدام حسين وعلى مقاتلين لا يستفيدون من العفو.
وتم سن قانون امني جديد يسمح للحكومة باعلان اجراءات طارئة في اي
مكان في البلاد تستشعر أن أوامرها لا تطاع فيه. ويجري تشكيل وكالة
جديدة للمخابرات الداخلية لاختراق ثورة مسلحة عمرها 15 شهرا.
وفي كل مناسبة يظهر علاوي في موقع انفجارات ويعد "بالقضاء على
الارهابيين". وجرى اعتقال 530 من المشتبه بهم في ساعات قليلة في غارات
للشرطة الاسبوع الماضي.
وحاز علاوي بسرعة على سمعة بين العراقيين العاديين باعتباره رجلا
قويا يتحدث بصرامة ومستعد لكسر الرؤوس. ويوافق كثيرون على تلك الصورة
ولا يخجلون من القول بأن العراق يحتاج لشحص مثل صدام إلى حد ما.
ويخشى نظمي من جامعة بغداد من أن علاوي قد يذهب إلى أبعد مما يجب.
وينتقد علاوي لموافقته على ضربات جوية أمريكية لمدينة الفلوجة غير
المستقرة هذا الاسبوع والتي كان من المفترض أنها تستهدف مخبأ آمنا
مشتبها به للمتشدد الاردني ابو مصعب الزرقاوي. وسقط 11 قتيلا في هذه
الضربات.
قال نظمي "لا يمكن دعم تهديداته الا بقوة أمريكية وأظن أن الناس ترى
ذلك... لا يجب أن يتحدث بصرامة أكثر مما ينبغي أو أن يخضع لنفوذ
الامريكيين بأكثر مما ينبغي."
من جهته حذر وزير الدفاع العراقي من أن العراق على استعداد للانتقام
من الدول التي يتهمها بدعم العنف الذي يجتاح البلاد.
ولم يذكر حازم الشعلان اي دولة بالاسم ولكنه اتهم ايران العدو
القديم "بالتدخل السافر". وشكا العراق ايضا في السابق من دخول مقاتلين
قادمين من سوريا.
ونقلت صحيفة الشرق الاوسط ومقرها لندن عنه قوله "لدينا القابلية على
نقل ساحات الاعتداء على الكرامات وعلى الحق العراقي الى تلك البلدان
ولدينا القابلية على نقل هذه الاعتداءات الى بلدانهم."
وتابع الشعلان "لقد تحدثنا معهم وواجهناهم بالحقائق والادلة ولكن لم
يتخذ أي اجراء من جانبهم لوقف دعمهم للارهابيين وعملياتهم على الساحة
العراقية."
ويلقي العراق باللوم في موجة التفجيرات والاغتيالات التي راح ضحيتها
المئات من بينهم سياسيون عراقيون كبار على بقايا نظام صدام حسين فضلا
عن متشددين اسلاميين أجانب يدخلون العراق من دول مجاورة.
وقال وزير الدفاع العراقي "انهم (الايرانيون) يعترفون بوجود جواسيس
لهم بالعراق ومهمتهم هي زعزعة الاوضاع اجتماعيا وسياسيا."
وتابع "التوغل الايراني واسع وغير مسبوق منذ تأسيس الدولة العراقية."
وتتهم واشنطن أيضا طهران بالسعي لتقويض استقرار العراق وزيادة
نفوذها بهذا البلد الذي يقطنه مثل ايران أغلبية شيعية. وتنفي طهران
التدخل في الشؤون العراقية.
وخاض الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين حربا طويلة ضد ايران بين
عامي 1980 و1988 قتل فيها مئات الالاف من البلدين.
وحصل اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الذي يقوم بجولة بعدة دول
عربية تتاخم العراق على تأييد الاردن له في سعيه لسحق المتمردين.
وكانت سوريا وافقت في وقت سابق من الشهر الحالي على المساعدة في
اغلاق حدودها الصحراوية الطويلة مع العراق لمنع المتمردين الاجانب من
التسلل الى العراق لقتال القوات الامريكية والسلطات المدعومة من
الولايات المتحدة.
المصدر: وكالات |