ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

كربلاء.. مدينة شيدها الحسين (ع)
تستقبل آلاف الزائرين وتحتاج لثورة في الخدمات والمرافق العامة

تحقيق: عباس سرحان

مدينة للقباب والمنائر المذهبة.. يقصدها الزوار من مختلف البلدان تبركاً بمراقدها المقدسة وطلباً للعون الروحي والثواب من الباري عز وجل، متوسلين  بأولياء الله الذين ضمتهم تربتها.. إنها كربلاء مدينة ظلت على مرّ التاريخ محط رحال الألم الشيعي، منذ العام  الحادي والستين للهجرة وحتى الآن، يلوذ بها الشيعة كلما عقد الظلم قبضته حولهم  فيكون إرثها التضحوي وعنفوان الرجولة والقيم فيها  عونا  لهم للتصبر على البلوى..

مدينة يُرجع بعض الباحثين والمؤرخين أصولها إلى أهل بابل ويفككون اسمها على الطريقة البابلية القديمة إلى (كور بابل ) أي مجموعة قرى بابلية .... بينما يعيدها آخرون إلى أصول آشورية  ويستندون إلى أن اسمها يعني( كرب) أي حرم و(إبللا ) أي الآلهة، وهكذا فهي "حرم الآلهة" ...إنها مدينة ولدت قبل التاريخ، فصنعت أمجادها لتدخله إلى الأبد !!

 دلت التنقيبات الأثرية  على أن الإنسان القديم سكن في كهوف "الطار" القريبة منها في العصر الحجري، أي قبل ثلاثة آلاف عام ..

ولكن كيفما تكون الجذور البعيدة فالمدينة شيدها الحسين الشهيد (ع)  واقترن ذكرها بذكره ... فكربلاء تعني الحسين، والذين يقصدونها من مختلف أصقاع الدنياً هم عشاق الحسين (عليه السلام)..

حاول الطغاة أن ينالوا منها باستمرار وتجرأ بعضهم على هدم  مراقدها الطاهرة، ولكن رحل الطغاة أسوأ رحيل وشمخت هي بأبهى صور الشموخ .. فكانت الباقية الخالدة بقبابها ومنائرها وتدحرج الجبابرة الذين تعاقبوا عليها رغم كثرتهم..

في هذا التحقيق نستعرض وجه المدينة التي فتحت أبوابها للزائرين من مختلف البلدان بعد سقوط النظام العراقي .. فعلى الرغم من أن مدينة الحسين ما زالت  تلملم جراحات الأمس كغيرها من مدن العراق، بعد تلك الحقبة العاصفة من الخراب، غير أنها  لم تغلق أبوابها بوجه الآلاف من الزائرين الذين يقصدونها من إيران وأفغانستان والباكستان والهند ودول الخليج، ومدن العراق الأخرى ... ولكن هذا الزخم الكبير في حركة الزائرين نحو هذه المدينة المقدسة، بعد سنوات طويلة من الإهمال وفي ظل غياب الدولة العراقية القوية، ربما سبب بعض الأزمات لسكانها فأخذ بعض الكربلائيين يصرح علناً أن غلاء الأسعار وكثرة الزحام وأزمة الوقود وأزمة السكن هو جراء هذه الحركة غير الطبيعية للزائرين... بينما يذهب البعض من سكان المدينة للقول أن السياحة الدينية هي من مصادر الدخل لكثير من الأفراد والعوائل فضلاً عن أنها تشكل مورداً مهماً في الدخل القومي..

في جانب من هذا التحقيق التقينا عددا من العراقيين والإيرانيين فعبروا عن آرائهم بحركة الزائرين في كربلاء والمشاكل الناجمة عن هذه الحركة:

ــ السيد أبو نور الكاظمي وهو بائع متجول لم تعجبه طريقة الإيرانيين في الشراء فقال" تعامل الأخوة الزوار الإيرانيون  في عملية البيع والشراء صعب بعض الشيء، فهم يتصورون أننا نبيع عليهم بسعر آخر غير السعر الذي نبيع به للعراقيين أو على المتسوقين الآخرين، ولكن هذه ليست الحقيقة"! وحين أكدنا له أن هناك من يستغل الزوار الإيرانيين وغيرهم من الأجانب الذين يفدون إلى كربلاء  بطريقة بشعة الأمر الذي يدعوهم إلى الحذر في الشراء قال" لا.. على الإطلاق فنحن نخاف الله تعالى ولا يمكن أن نستغفل الإيرانيين لأنهم لا يعرفون السوق أو يجهلون اللغة.. ربما هناك من يفعل ذلك ولكن حتماً ليس أنا" ثم اضاف" على كل حال  الأخوة الأفغان يتعاملون ببساطة ولا يبدو أنهم يخشون الغبن في الأسعار.. حين يعجبهم السعر يشترون وحين لايعجبهم ينصرفون... إنهم مريحون ببساطة تعاملهم".

ومهما يكن رأي السيد الكاظمي فقد لمسنا بالفعل أن هناك من الباعة الجشعين من يستغل جهل الزوار الأجانب باللغة ويبيع عليهم بضائعه بأضعاف ما يبيعه على العراقيين، لا بل وصل الأمر ببعض الباعة إلى الامتناع عن بيع بضائعهم على المتبضعين العراقيين، لا سيما في الأوقات التي تشهد زخما في عدد الزوار..

ــ وغير السوق والتبضع والغش والاحتيال، هناك مسائل أخرى تثير اهتمام المواطنين هنا في كربلاء، فزحام الطرقات، وكثرة السيارات "المنيفيست"  وكثافة المارة في شوارع لم تصمم أصلا لاستيعاب أعداد كبيرة، تشكل هاجساً يومياً لمدينة تختنق في محيط حرم المرقدين على الأقل.. فمن يريد الوصول إلى نهاية شارع العباس باتجاه المرقد الطاهر لأبي الفضل العباس، عليه أن يمر بـ" كربلاء" فعلا .. العراقيون يقولون  حين تحدث ضجة أو حشد في مكان" صارت كربلا" وكربلاء اليوم هي بالفعل كربلاء وفق مدلول المثل،  ويضيف السيد أبو نور الكاظمي قائلاً بهذا الشأن:

"أبسط ما يسبب الزحام أن المارة وأصحاب السيارات  لا يعيرون اهتماما لفسحة الطرقات المخصصة لمرور السيارات فهم يسيرون في وسط الطريق!".

ولكن طرقات المدن العراقية ومنها كربلاء قد استبيحت من الجميع وليس أصحاب السيارات أو الزوار وحدهم، فالباعة المتنقلون وأصحاب العربات الخشبية والبسطيات يتوسدون الشوارع والأرصفة ولا يتورعون عن قطع الطرقات المؤدية للمرقدين الطاهرين للإمام الحسين وأبي الفضل العباس (ع)، رغم محاولات الشرطة العراقية فرض النظام في هذه المنطقة، فضلاً عن أن كربلاء لم تشهد نهوضاً عمرانياً وتوسعة في شوارعها وأزقتها لتستوعب أعدادا  ضخمة من الزوار..فالنظام البائد كان يحارب هذه الشعائر وسعى لمحاصرتها باستمرار بطرق مباشرة  وغير مباشرة..

والعامل الأهم في زيادة نسبة الزحام وتكاثف الاختناقات المرورية، هي أن المدينة تفتقر، شأنها شأن المدن الأخرى لمرائب تستوعب سيارات المتبضعين والزائرين واصحاب المحلات الذي اقتطعوا مساحات كبيرة من الشوارع الرئيسية وجعلوها كراجات لسياراتهم، وحين نعلم أن أغلب أصحاب المحلات قد أضحوا والحمد لله أصحاب سيارات أيضاً نعلم عدد السيارات التي يجب أن تتوقف على طول النهار في شوارع الإمام علي والحسين والعباس (ع)..

في هذه الشوارع عشرات السيارات الملونة تقف يومياً بشموخ ماله مثيل دون أن تعير لصفارات المرور أي اهتمام..

وبالعودة إلى موضوع الزوار تحدث السيد سعد حبيب ناصر الجنابي ( أبو حسين)   وهو صاحب محل تجاري لبيع المواد الغذائية في شارع الإمام الحسين (عليه السلام)، يعزو مشاكله مع الزوار إلى اختلاف اللغة " لو كنا نفهم كلامهم ويفهمون كلامنا لكان الأمر على أحسن ما يرام، ولكن اختلاف اللغة واختلاف الثقافة جعلهم يتصورون في بعض الأحيان أننا لا نريدهم أو أننا متثاقلين من وجودهم بيننا، ونحن كذلك لا نفهم ما يقولون، وهذه مشكلة، ولكن على كل حال هم زوار الإمام الحسين (ع) ونحن في خدمتهم.. وحتى لو كان هناك زحام في محيط الحرم، فهذا لا يعني أن الزوار القادمين من بلدان أخرى أو من مدن أخرى هم فقط السبب فيه، فنحن تعلمنا منذ الصغر أن ابن كربلاء عليه أن يفسح المجال للزوار القادمين من بعيد لأداء الزيارة طالما هو ابن المدينة وبإمكانه أداء الزيارة في وقت آخر.. هكذا تعلمنا منذ الصغر، ولكن يبدو أن بعضنا نسي هذه الأعراف التي تربينا عليها فصار يتأفف من كثرة الزائرين ".

لا يشكو من أية مشكلة

ـ بعد ذلك توجهنا إلى السيد أبو فؤاد الأسدي مدير إدارة (فندق الأخوان) في شارع الإمام الحسين (ع) .. هو لا يشكو من أية مشكلة في التعامل مع الزوار الأجانب ... لقد رتب عمله داخل الفندق " كما يقول" بشكل جيد، فهناك موظفون يجيدون اللغة الفارسية، كما أن السيد فؤاد الأسدي لديه خبرة طويلة في التعامل مع الزوار من مختلف الجنسيات على حد تعبيره" نحن ننسق عملنا مع مسؤول حملة الزوار" الحملدار" ولا نسمح للعاملين معنا من الذين لا يجيدون اللغة الفارسية بالتعامل والاحتكاك مع النزلاء...)--- ويضيف--- " ولكن ما تفضلت به من وجود مشاكل في شوارع المدينة وأسواقها وحركة السير فيها، هو أمر موجود بالفعل، وأسباب ذلك ترجع كوننا نعيش بدون مؤسسات دولة، ويغيب النظام عن شوارعنا بشكل لافت فحين تطل برأسك الآن من خلال شرفة الفندق سترى عشرات الباعة يقفون بالشارع وينادون على بضائعهم، وكذلك تشاهد عشرات السيارات التي عزف أصحابها عن الوقوف بـ"الكراجات"  وفضلوا الوقوف في الشوارع!".

ويضيف السيد أبو فؤاد" الأمن يعتبر من الأسس التي لا بد من توافرها لترتيب الأوضاع في أي بلد وفي أي مدينة، وهنا على سبيل المثال، أقصد في مدينة كربلاء، يجب أن يكون هناك أمن حتى تشرع الجهات المختصة بممارسة عملها لتطوير المدينة والنظر في سبل الخروج من أزماتها واختناقاتها.. نحن نتمنى أن يتضاعف عدد الزوار الأجانب، فلدينا مورد اقتصادي مهم، هو السياحة الدينية، ولكن علينا أن نتهيأ لاستيعاب الأعداد المتوقعة كي نمنع حدوث أزمات داخلية على مستوى المدينة ".

ــ جموع الزوار الأفغان والإيرانيون والعراقيون يتوافدون في مناسبات الزيارة الدينية بشكل كثيف ويومي على مدينة كربلاء.. يرفعون الرايات ويتقدمون للزيارة يسبقهم بخطوات رادود حسيني يعبر عن مشاعرهم في الشوق والمحبة والعشق للإمام الحسين(ع).. رجال ونساء من مختلف الأعمار يفدون إلى المدن المقدسة وينفتحون للمرة الأولى على العراقيين بهذه الكثافة، فهي إذن تجربة للنمو في العلاقات والثقافات بين شعوب عاشت الاحتراب أو العزل  قسراً عقودا عديدة... العراقيون عاشوا أزمات طاحنة غرست فيهم بعض الأخلاقيات التي تلائم أزمنة الحروب والحصار والضيق من السلطة الظالمة، ومارست السلطة المنهارة بحقهم أساليب قاسية بهدف عزلهم عن العالم الخارجي، بينما يعيش غيرهم في إيران والخليج والهند وباكستان  أجواء من حرية السفر والإطلاع على العالم...

إنهم يتحدثون بعصبية

(العراقيون يتحدثون معنا بعصبية)!.. مواطن إيراني ادعى أن اسمه(عبد الله طهراني) يبدي مرارة واضحة وهو يتحدث إلينا من خلف نافذة سيارته معترضا على التقاط صورة له.. ويضيف: " يعاملوننا بجفاء ويرفعون أصواتهم باستمرار.. نود لو تحدثوا معنا كما لو كنا أخوة أو أصدقاء!".

ولا ينسى أن يبدي استياءه من شحة الخدمات العامة" أصحاب المطاعم وغيرهم من باعة المأكولات  لا يراعون الشروط الصحية، والفنادق قليلة، بالإضافة إلى أن الشوارع متسخة... هناك أكوام من القمامة تنتشر هنا وهناك وبشكل واسع".

أما السيد (هادي أكبري) فلا يتفق مع مواطنه السيد "عبد الله طهراني" حيث يرى أن العراقيين طيبين وهادئين قياساً بغيرهم، سيما بالإيرانيين، ولكنه يتفق معه في شحة الخدمات العامة وانعدام المراقبة الصحية وانتشار أكوام القمامة في الأماكن العامة وخصوصاً قريباً من الحرمين..ويضيف" أنا راض جداً عن تعامل الأخوة العراقيين معنا"..

وفيما أبدا السيد "غلام أميري" من مدينة أصفهان، رضاه عن تعامل أهل المدينة معه، لم ينس أن يبدي استياء واضحاً من ارتفاع أسعار الفنادق " أماكن السكن جدا غالية وشحيحة، فالليلة الواحدة تكلفنا 15 الف تومان_ مايعادل 23 الف دينار عراقي تقريبا ثم أضاف" لا توجد مراقبة على الأسعار كل يطلب السعر الذي يحلو له".

وأكد أيضاً ما أكده سابقيه من أن الخدمات العامة قليلة" تمشي مسافة ليست بالقصيرة بحثاً عن المغاسل، والمرافق العامة".

بانتظار حملة الإعمار !!

مدن العراق تحتاج إلى إعادة بعث بعد طول إهمال وتخريب، ولو أُعطيت المدن المقدسة أولوية في الشروع لاعتبارات معروفة، فإن كربلاء بحاجة إلى فتح شبكة من الشوارع للقضاء على الاختناقات المرورية فيها، كما هي بحاجة لتوسيع صحني المرقدين الطاهرين لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الزوار، فالصحن الحسيني وكذلك العباسي بمساحتهما الحالية غير كافيين لاستيعاب بضعة مئات من الزوار بينما تشير التوقعات إلى أن عدد الزوار من البلدان الأخرى سيصل إلى مئات الآلاف بعد استتباب الأمن ... التوسعة المطلوبة هذه لا بد  تشمل مساحة الأرض المشيدة الآن بالفنادق والمحلات التجارية..

 المدينة تحتاج إلى تشجير جزراتها الوسطية وإعادة رسم خارطة تلك الطرق التي تضيق في بعض المناطق حتى تصبح أضيق بكثير من الجزرات الوسطية التي تتسع على حساب الشوارع.. كذلك هي بحاجة لتوسيع دائرة الخدمات العامة كنصب هواتف على الطرقات والإكثار من دورات المياه العامة، وغير ذلك مما يجعل حياة الزائر فضلاً عن سكان المدينة مريحة.

ولكن كل هذه المتطلبات الملحة تبقى مؤجلة في ظل انعدام الوضوح في خطة البناء والإعمار التي يتمنى العراقيون أنها لا تتم على الطريقة التي تم فيها تنفيذ بعض مشاريع رديئة اثارت سخط المواطنين الذين عدوها من قبيل التلاعب بالمال العام..

شبكة النبأ المعلوماتية - الخميس 22/7/2004 - 3/ جمادى الثانية/1425